بأقلامهم >بأقلامهم
الاجتياحات الاسرائيلية للبنان.. 76 عامًا من الحروب والدمار
الاجتياحات الاسرائيلية للبنان.. 76 عامًا من الحروب والدمار ‎الخميس 3 10 2024 19:20 كامل جابر
الاجتياحات الاسرائيلية للبنان.. 76 عامًا من الحروب والدمار

جنوبيات

لم تكن حرب سهام الشمال الحرب الإسرائيلية الأولى على لبنان وجنوبه، إذ لطالما هاجمت إسرائيل بقواتها الجوية والبرية والبحرية ليس الجنوب فحسب، بل مناطق لبنانية واسعة وصولاً إلى العاصمة بيروت وأطراف طرابلس وجبل لبنان في اجتياح العام 1982، وضاحية بيروت الجنوبية ومختلف المناطق اللبنانية في العام 2006. دمرت البنى التحتية من شبكات مياه وكهرباء وهاتف ومجارٍ وجسور، وقتلت المئات من المدنيين الأبرياء، وارتكبت المجازر تلو المجازر، ناهيك بما يحصل أخيرًا بين العاصمة بيروت ومناطق الجنوب والبقاع الغربي من مجازر مروعة ترتكبها آلة النار الإسرائيلية.

ربما تكون الدولة اللبنانية قد ارتكبت خطأً جسيمًا بقبولها اتفاق القاهرة في حيثياته المنفلتة، ما جعل إسرائيل وأجهزتها المخابراتية تستبيح العاصمة بيروت في عمليات أمنية وعسكرية لتصفية عدد من القياديين الفلسطينيين بعد احتلال بلادهم وتهجيرهم، ثم لاحقتهم أينما كانوا، منذ تدمير طائرات مطار بيروت الدولي العام 1968 وسلسلة من العمليات العسكرية والأمنية التي نفذتها في جنوب لبنان، واستهدفت بالقصف والغارات عديدًا من البلدات والقرى الجنوبية، تمامًا مثلما يحدث اليوم، من قصف وتدمير واغتيالات وتهديدات تطاول مئات القرى والبلدات والمدن اللبنانية، الجنوبية الحدودية والداخلية والبقاع، بما يجسد خوضها الحرب السادسة على لبنان.

قصف مطار بيروت

في الـ26 من كانون الأول (ديسمبر) 1968، سافر مسلحان فلسطينيان من بيروت إلى أثينا وقاما بالهجوم على رحلة الطيران رقم 253 التابعة لشركة طيران العال الإسرائيلية، مما أدى إلى مقتل شخص واحد. فردت إسرائيل بعد يومين، في الـ28 من كانون الأول، بانتقام من لبنان، تمثل بإغارة الطيران الحربي الإسرائيلي على مطار بيروت الدولي بقنابل دمرت أسطول لبنان من الطائرات المدنية، الذي بلغ عديده في حينه 13 طائرة.

اغتيالات وكوماندوس في بيروت

في الثامن من تموز (يوليو) 1972، هزّ انفجار عنيف الحازمية في ضاحية بيروت الشرقية، ليتبين لاحقًا أن عبوة ناسفة تم زرعها في سيارة الأديب والروائي والسياسي الفلسطيني غسان كنفاني، ما أدى إلى مصرعه على الفور مع ابنة شقيقته لميس نجم، ببصمات إسرائيلية واضحة اعترفت بها بعد مرور أكثر من 45 سنة على حدوثها. كان كنفاني يشغل منصب عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والناطق الرسمي باسمها.

عملية الحازمية لم تبقَ يتيمة، إذ تبعها أضخم عملية كوماندوس نفذها جهاز الموساد الإسرائيلي في منطقة فردان في العاصمة بيروت. ففي العاشر من نيسان (إبريل) العام 1973، اغتال جهاز الموساد الإسرائيلي القادة الفلسطينيين الثلاثة: محمد يوسف النجار (أبو يوسف النجار)، وكمال ناصر، وكمال عدوان في بيروت، الأدباء والناشطين البارزين في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وبدعوى مشاركتهم في التخطيط لعملية ميونيخ في الخامس من أيلول (سبتمبر) العام 1972.

وصولًا إلى العملية الإسرائيلية الثالثة التي جرت في منطقة رأس بيروت، واستهدفت أقوى الشخصيات الفلسطينية بعد ياسر عرفات علي حسن سلامة (أبو حسن سلامة)، القيادي الفلسطيني البارز المعروف بالأمير الأحمر، الذي وضعته إسرائيل في رأس قائمة الاغتيالات. نجحت بعد سبع سنوات من المطاردة في اغتياله بعد ظهر يوم الاثنين الـ22 من كانون الثاني (يناير) 1979، بواسطة سيارة مفخخة بمئة كيلوغرام من المتفجرات، مركونة إلى جانب الطريق على خط سيره اليومي من الصنوبرة نحو شارع مدام كوري، بواسطة العميلة إريكا ماري تشامبرز التي نُقلت بعد ضغطها على زر التفجير من جونية إلى ميناء حيفا في إسرائيل.

من المعارك المتفرقة على الساحة الجنوبية بين مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية والإسرائيليين منذ العام 1967 وهجومهم المتواصل على المخيمات الفلسطينية المنتشرة على الأراضي اللبنانية، إلى عمليات إسرائيلية واسعة على جنوب لبنان في العام 1978 (حملة الليطاني) و1982 (سلامة الجليل) إذ اجتاحت إسرائيل لبنان وصولًا إلى العاصمة بيروت، وانتهت بخروج منظمة التحرير الفلسطينية ومقاتليها من لبنان.

اجتياح “حملة الليطاني” 1978

كانت حملة الليطاني، أو عملية الليطاني، في آذار (مارس) 1978، أولى حروب إسرائيل المباشرة في مواجهة منظمة التحرير الفلسطينية. استطاعت إسرائيل في هذه الحرب إزاحة قواعد ومواقع المقاتلين الفلسطينيين إلى شمال نهر الليطاني بعمق 10 كيلومترات عن الحدود، وإقامة ما سمّي في حينه بمنطقة آمنة تحت إدارة جيش لبنان الجنوبي المؤلف والممول من الجيش الإسرائيلي.

استغرقت هذه الحرب سبعة أيام، ونجم عنها مقتل حوالي 1160 من اللبنانيين والفلسطينيين، وتشريد عشرات ألوف اللبنانيين من قراهم وبلداتهم، في حين لقي عشرون جنديًا إسرائيليًا مصرعهم. استخدمت إسرائيل في هذه الحرب سلاح الطيران والمدفعية والصواريخ، وتجنبت عمليات الاشتباك المباشر.

“سلامة الجليل” وغزو لبنان 1982

في الخامس من حزيران (يونيو) العام 1982، اجتاحت إسرائيل لبنان. كان الظن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون سيحتل بجيشه نحو 30 كيلومترًا من الجنوب اللبناني لمنع وصول قذائف المقاومة الفلسطينية إلى مستوطناته. لكن الجميع فوجئ بغزو كبير للأراضي اللبنانية، إذ احتلت أكثر من ألف دبابة وآلاف من الجنود الإسرائيليين المناطق الجنوبية الحدودية، من بنت جبيل إلى حاصبيا، وصولًا إلى حدود بيروت، التي حوصرت لمدة ثلاثة أشهر قبل أن تنسحب منها قوات منظمة التحرير الفلسطينية بحرًا. عادت القوات الإسرائيلية بعد ذلك وارتكبت مجزرة صبرا وشاتيلا الشهيرة.

الحرب الخامسة 2006

أدى انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان إلى سحب ورقة المقاومة من حزب الله، فتوقفت عملياته منذ ذلك الحين إلى لحظة خطف الجنديين الإسرائيليين في 2006، الذي استدرج بدوره حربًا مدمرة شنتها إسرائيل ضد لبنان. دمرت مساحات واسعة من الضاحية الجنوبية لبيروت وعديد من البلدات والقرى في الجنوب. استهدفت الجسور والطرق وشبكات الكهرباء والهاتف والبنى التحتية.

ورد حزب الله على ذلك بقصف صاروخي لمنشآت ومواقع عسكرية ومدنية إسرائيلية، وصل مداها للمرة الأولى إلى مدينة حيفا. أسفرت هذه الحرب التي استمرت أربعة أسابيع عن مقتل 1300 لبناني، وإصابة نحو أربعة آلاف معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى نزوح نحو مليون شخص عن منازلهم وقراهم، وتضرر كبير في الاقتصاد.

مجزرة حولا العدوان الأول

في هذا السياق، لا يمكن تجاهل الاعتداءات المتكررة التي كانت تتعرض لها المناطق الجنوبية منذ احتلال فلسطين في 1948، ومنها مجزرة حولا (مرجعيون) التي ارتكبتها عصابات الهاغانا بحق أبناء البلدة، وراح ضحيتها نحو سبعين رجلًا من مختلف الأعمار. مجزرة حولا كانت فاتحة المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق لبنان.

المصدر : مناطق نت