بأقلامهم >بأقلامهم
لماذا يتبع الكيان الإسرائيلي "الاستراتيجية الحمقاء" ضد لبنان؟
لماذا يتبع الكيان الإسرائيلي "الاستراتيجية الحمقاء" ضد لبنان؟ ‎الجمعة 11 10 2024 12:43 العميد محمد الحسيني
لماذا يتبع الكيان الإسرائيلي "الاستراتيجية الحمقاء" ضد لبنان؟

جنوبيات

 

دخلنا في آتون الحرب، حيث جرت علينا آلة القتل والتدمير رغم التحذيرات الغربية والعربية، وبات الخلاص الوحيد في مقاومتها عبر التمسك بجذورنا. في هذا السياق، ارتفعت أصوات الشامتين والمطالبين بالاستسلام للعدو، مترافقة مع اتهامات مبعثرة بحق فئة معينة أو حزب واحد. هذه التصرفات لا تعبّر عن حرصهم على وحدة الوطن أو حماية الشعب اللبناني، بل تنمّ عن جهل في قراءة التاريخ وفقدان البصيرة.

جميع من تحملوا مسؤوليات في لبنان منذ الاستقلال حتى اليوم هم شركاء في ما جرى ويجري، فالمسؤولون الحاليون ورثة لسابقيهم، وكلهم مذنبون في الدماء التي سالت. فمنذ مجزرة حولا عام 1948، لم تفعل الدولة شيئاً لحماية الجنوب سوى بيانات الاستنكار. ومع توالي الاعتداءات الإسرائيلية، فشلت الحكومات اللبنانية في وضع خطة دفاعية شاملة، وتركت مسؤولية الدفاع عن الجنوب للمقاومة الفلسطينية واللبنانية.

منذ تأسيس الجمهورية اللبنانية، ارتكز النظام على التفرقة الطائفية، ما أضعف مؤسسات الدولة ورسّخ المحسوبيات. هذه الانقسامات أدت إلى إضعاف قدرة الدولة على توحيد البندقية ضد العدو الإسرائيلي. وفي الوقت الذي تحمي فيه المقاومة الوطن، تقف الحكومات عاجزة عن تجهيز الجيش اللبناني لمواجهة إسرائيل.

اجتياحات العدو المتكررة، وآخرها في 1982، أثبتت أن استراتيجيته الحمقاء لا تجلب سوى المزيد من المقاومة. فالمقاومة الوطنية اللبنانية، التي انطلقت مع حركة أمل و"حزب الله"، حققت انتصارات تاريخية في 2000 و2006. اليوم، إسرائيل تحاول تكرار أخطائها السابقة عبر استهداف المقاومة، لكنها تفشل مرة تلو الأخرى، كما حدث في محاولات التوغل البرية الأخيرة.

وفي الوقت الذي يقف فيه المقاومون بصلابة على الجبهات، يظهر بعض المتخاذلين الذين يروجون لانتصار إسرائيلي محتمل. لكنهم يتناسون أن المقاومة في لبنان لم تمت يوماً، وأن كل عدوان إسرائيلي يولد مقاومات جديدة، سواء داخل لبنان أو من خارجه.

القيادة الإسرائيلية ترتكب نفس الأخطاء الاستراتيجية، معتقدة أن القتل والتدمير سيكسر إرادة الشعب اللبناني. لكن التجارب السابقة أثبتت أن هذه الاستراتيجية لا تؤدي إلا إلى زيادة عدد المقاومين. فكل بيت يُدمر وكل شهيد يسقط، يولد مقاوم جديد، وما يجري الآن هو تأكيد جديد على أن خيار المقاومة هو الخيار الوحيد المتاح للشعب اللبناني.

القتال اليوم ليس دفاعاً عن حزب أو طائفة، بل عن لبنان بأكمله. إنها مقاومة ضد نظام مهترئ، ومؤسسات تمزقها المحسوبيات والطائفية. والمقاتلون الصامدون في جنوب لبنان هم من يحمي الوطن ويقدمون دروساً في الصمود والمقاومة.

المصدر : جنوبيات