مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
يرحل "أبو هيثم" السمره .. ويبقى شعور "الأبوية"
يرحل "أبو هيثم" السمره .. ويبقى شعور "الأبوية" ‎الأربعاء 30 10 2024 10:27 هيثم زعيتر
يرحل "أبو هيثم" السمره .. ويبقى شعور "الأبوية"


ما أصعب أن يصلكَ نبأ رحيل شخصٍ، فكيف إذا ما كنت تعرفه، أو تسمع عنه، وماذا يكون واقع الحال، عندما يكون بمعرفة تصل إلى عقودٍ عدة، وفي مراحلٍ مُتعددة، وبمكانة الوالد.
هكذا وقع نبأ رحيل الأستاذ عاطف أمين السمره "أبو هيثم" أمس (الثلاثاء) في صيدا، (عن 91 عاماً)، أمضى القسم الأكبر منها في المجال الصحافي مُناضلاً بالكلمة، من أجل القضايا المطلبية والوطنية والقومية، وفي الطليعة منها قضية فلسطين.
تعجز الكلمات لمن يرثي نفسه بمعرفة فاقت ثلثي عمره.
لم تكن العلاقة مع الأستاذ عاطف السمره مُقتصرة على مجالٍ مُحدد، بل شمولية:
- مع الأسرة: ربطتني به علاقات وثيقة جداً، كواحدٍ من أفراد أسرته، وهو الذي يُكنّى بالاسم ذاته الذي أحمله "أبو هيثم".
ومع زوجته الراحلة فائزة طه، وأولاده الدكتور هيثم، الزميلة هنادي، همسة، هزار وهبة.
- في المجال الصحافي: يُسجل له مسيرته المُميزة، التي جعلت المراكز تتسابق إليه، في كبريات الصحف والمجلات التي كان آخرها كسكرتير عام للتحرير في جريدة "اللـواء"، الذي بقي فيه حتى العام 2008.
سار باكراً في مسيرة النضال من أجل قضية فلسطين، ونكبة أهلها، التي أتمت له شراكة أسرية بزواجه من الصحافية فائزة طه، فشكّلا ثُنائياً مُميزاً، لتكوين أسرة، وفي العمل الإعلامي.
آمن بالمبادئ والأفكار التي طرحها القائد الخالد جمال عبد الناصر، وطوّع الكلمة، من أجل نصرة المظلومين، ومُناصرة القضايا المُحقة، والدفاع عنها، حتى لو كانت ضريبة ذلك، رفضه الإغراءات أو تصديه للتهديدات، فلم يُغيّر من قناعاته.
ترك بصمته المميزة، فلم يبخل على المُتدربين من الصحفيين، أو العاملين تحت إشرافه، الذين لم يُشعر أي منهم إلا بمعاملة الأب لأبنائه، الذين علمهم في "مطبخ الصحافة" كيف يصيغون الأخبار والمواضيع، وأصبح كثر منهم يتبوأون مراكز مرموقة صحافياً وسياسياً وثقافياً.
يرحل "أبو هيثم"، الذي تحمّل مُعاناة ألم المرض لسنوات عدة، مُتمتعاً بذاكرته الثاقبة، وبلاغته الفصحى - لكن لم يُسعفه قلبه على ألم ما يُشاهده من همجية، يُواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها ضد أبناء شعبه في لبنان وفلسطين.
في كل حديثٍ وتواصلٍ، يُحدثك عن الشوق لزيارة فلسطين مُحررةً، وأن فيها شعب الجبارين، وأنها مع لبنان "توأم الروح"، وهو الذي جسده بشكل عملاني، في بناء أسرة مع زوجته الراحلة.

المصدر : اللواء