بأقلامهم >بأقلامهم
يوم لا ينفع الدمع ...
جنوبيات
وقفتُ والدمعُ في عينيَّ قد غرقا
والصمتُ في حضرة الذكرى قد انبثقَا
أبحثُ عن طيفِ أبي بينَ جوانحِ قلبي
وألمسُ من روحهِ نوراً قد اعتنقا
أبي، يا من كنتَ لي عزّاً وفخراً
يا من حملتَ عنّا الهمَّ والذِكرا
يا ليتني كنتُ خاتماً في خنصركَ
تقلبهُ كيف تشاءُ في المسرى
ما زال في جبهتي من عطرِ قُبَلَتِكَ
يُحيي فؤادي كلما كادَ أن يُنسى
ما زلتُ أشمُّ أنفاسكَ في أرجاء بيتي
وكأنك لم ترحلْ، بل أُبقيتَ حيّا
يا من علمتني الصمودَ في وجهِ الزمان
وأريتني كيف النجاة من طيفِ الأحزان
كفّاكَ كانتا غيمَتين تسقيني أمناً
ومهما طلبتُ الغيثَ منهما لم يَبخلان
يا أبي، يا من حنيتَ ظهركَ لتحملني
وقد كنتَ في قوتكَ الجبالَ تُقوّمُني
لو أمطرتْ ذهباً الدنيا من بعدِ رحيلكَ
ما كان ليعدلُ طيفكَ، يا مَن أتممَني
أغفو وأمنيتي سرٌ ينامُ معي
وأصحو لأجدكَ في كلِّ زاويةٍ حولي
كأنك تهمسُ: لا تخفْ، أنا هنا دائماً
أُعيدُ إليك الأملَ في لحظةِ الشكوى
رحلتَ وما زالتْ بسمتكَ تنيرُ دروبي
رحلتَ لكن صوتكَ يسكنُ أذني وقَلبي
فليتني كنتُ الأرضَ التي تمشي عليها
فأرى من تحتِ خطاكَ مجديَ والنورَ والهدى
فيا مَن لديهِ أبٌ، لا تُهملوا حقه
فالبرُّ دينٌ يعودُ لأهلهِ، صدقاً يُصان
صِلوا آباءكم في الحياةِ قبل الوداع
فلا ينفعُ الدمعُ فوق القبرِ إن هطلا.
رحمَ اللهُ والدينا وجعلَ قبورهم روضةً من رياض الجنة
اللهم احشرنا في زمرةِ البارّين بوالديهم
وأدخلنا من باب الوالد كما أوصانا الحبيبُ المصطفى:
"الوالدُ أوسطُ أبوابِ الجنة، فإن شئتَ فاحفظ ذلك الباب أو ضيعه".