لبنانيات >أخبار لبنانية
التفجيرات وتأثيرها على الفوالق الزلزالية: هل يمكن أن تسبب زلزالاً في لبنان؟
التفجيرات وتأثيرها على الفوالق الزلزالية: هل يمكن أن تسبب زلزالاً في لبنان؟ ‎الثلاثاء 19 11 2024 09:13
التفجيرات وتأثيرها على الفوالق الزلزالية: هل يمكن أن تسبب زلزالاً في لبنان؟

جنوبيات

حادثة تفجيرات العديسة، التي استخدمت فيها 400 طن من المتفجرات، أثارت مخاوف من تأثيرات هذه الأنشطة البشرية على حركة الفوالق الزلزالية واحتمالية التسبب بزلازل كارثية. فما حدث ليس هزة أرضية طبيعية، بل اهتزاز ناجم عن قوة الانفجارات، ما يدفع للتساؤل: هل يمكن للتفجيرات الضخمة أن تغيّر حركة الفوالق وتحدث زلزالاً؟

الزلازل الناتجة عن الأنشطة البشرية

وفقاً للدكتور طوني نمر، أستاذ الجيولوجيا وعلم الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت، هناك ما يُعرف بالزلازل المحفزة بفعل الأنشطة البشرية. هذه الظاهرة ليست بجديدة، فقد وثقت أكثر من 1315 حالة عالمياً منذ عام 1868، وتنتج عن أعمال بشرية مثل التفجيرات النووية، بناء السدود، استخراج الحرارة أو المياه الجوفية، وحتى بعض الأنشطة الصناعية. كل هذه الأنشطة قد تؤدي إلى تغييرات في الضغوط الأرضية، التي يمكنها تحريك الفوالق الزلزالية.

كيف تحدث الهزات الأرضية؟

لتبسيط الفكرة، يوضح نمر أن الهزات الأرضية تنتج عن تحرك كتل صخرية ضخمة على جانبي فالق (شق) في قشرة الأرض. عندما تتحرك هذه الكتل، تتولد احتكاكات تسبب موجات زلزالية نشعر بها كاهتزازات. ولتوضيح الصورة، يُمكن تخيل كوب ماء على طاولة ثابتة: إذا وضعت يدك على الطاولة وقمت بتحريكها، فإن المياه في الكوب ستتموج نتيجة انتقال التموجات عبر الطاولة.

هل يمكن للتفجيرات تحريك الفوالق؟

تؤدي التفجيرات الضخمة إلى إطلاق طاقة كبيرة، وقد تؤثر هذه الطاقة على الفوالق الزلزالية القريبة. يقول نمر إن تحريك الفوالق ليس بالضرورة أن يبدأ من باطن الأرض؛ بل يمكن أن يبدأ من سطح الأرض ثم يمتد عبر الفالق أفقياً أو عمودياً. على سبيل المثال، إذا ضربنا لوح زجاج بمطرقة، فإن الكسر الناتج يمكن أن يتمدد في كل الاتجاهات حسب قوة الضربة ومكانها.

خطورة تفجيرات العديسة

في تفجيرات العديسة، شعر السكان في شمال إسرائيل بهزة أرضية وصلت تأثيراتها إلى عمق 8 كيلومترات. وفق نمر، لو كانت هذه التفجيرات أقرب إلى فالق البحر الميت الذي لا يبعد سوى 3 كيلومترات عن موقع الحادثة، لربما شهدنا على انكسار في الفالق. هذا الانكسار يمكن أن يتمدد بصورة غير متوقعة، ما قد يؤدي إلى كارثة زلزالية.

للتوضيح، يستشهد نمر بزلزال تركيا عام 2023، حيث بدأ الانكسار في نقطة صغيرة على فالق طوله 350 كيلومتراً ثم تمدد في كل الاتجاهات، متسبباً بدمار هائل.

كيف يمكن أن تغير التفجيرات الضغوط الأرضية؟

عندما تحدث تفجيرات ضخمة بالقرب من الفوالق، حتى لو لم تتحرك هذه الفوالق فوراً، فإنها تؤدي إلى تغييرات في الضغوط عليها. مع تكرار هذه التفجيرات، يمكن أن تزيد الضغوط إلى درجة تؤدي إلى حدوث زلازل. هذه الظاهرة لا تقتصر على التفجيرات؛ بل يمكن أن تحدث نتيجة ملء البحيرات الاصطناعية خلف السدود أو استخراج المياه الساخنة من باطن الأرض، كما حدث في سويسرا وكوريا الجنوبية، حيث تسبب ضخ المياه أو استخراجها في إحداث هزات أرضية بقوة ملحوظة.

هل نحن في خطر؟

لبنان يقع في منطقة حساسة زلزاليّاً. وفقاً للخريطة الجيولوجية، فالق البحر الميت يتفرع إلى فالقين داخل لبنان: فالق اليمونة وفالق روم. كلما اقتربت الأنشطة البشرية من هذه الفوالق، زادت احتمالية حدوث زلازل. تفجيرات العديسة، رغم أنها حدثت على بعد 9 كيلومترات من الفوالق الرئيسية، إلا أنها تذكير بخطورة أي تفجير مماثل في المستقبل، خصوصاً إذا حدث على مسافة أقرب.

موجات التفجيرات وتأثيرها

الموجات الناتجة عن التفجيرات ليست ثابتة؛ فهي تضعف كلما ابتعدت عن نقطة الانفجار. لذا، إذا حدثت التفجيرات في مناطق بعيدة عن الفوالق، فإن تأثيرها يكون محدوداً. أما إذا كانت التفجيرات قريبة، فإن الموجات قد تبقى قوية بما يكفي لتحريك الفوالق.

الخلاصة: الطبيعة ليست للعبث

ما حدث في العديسة يدق ناقوس الخطر. التفجيرات الضخمة، خاصة في المناطق القريبة من الفوالق، يمكن أن تؤدي إلى تحريكها، ما يهدد بوقوع زلازل قد تكون كارثية. العبث بمقدرات الطبيعة دون مراعاة القوانين الجيولوجية قد يحمل عواقب وخيمة. من الضروري تجنب تكرار هذه الأنشطة في المناطق الحساسة، والعمل على حماية الأرواح والممتلكات من خطر الزلازل الناتجة عن الأنشطة البشرية.

المصدر : جنوبيات