بأقلامهم >بأقلامهم
الرّئيس برّي: «عملنا اللّي علينا» ولا تعديل على القرار 1701
جنوبيات
في عالم موازٍ يتفاوض سياسيّون وصحافيّون مع أنفسهم ومتابعيهم على القنوات الإعلاميّة ووسائل التّواصل الإلكتروني، فيكتبون بنوداً ويرسمون سيناريوهات ويضعون شروطاً ويرفعون سقوفاً ثمّ يخفضونها، وأغلب ما يقولونه لا أساس له في عالم الحقيقة.
فقد كثر الحديث عن الاقتراح الأميركي لوقف إطلاق النّار بين لبنان و«إسرائيل»، وكثرت التّفسيرات والتأويلات والتّسريبات حسب أهواء وغايات مطلقيها، أمّا الحقيقة الكاملة فهي عند رجل تكفّل بحمل أمانة التّفاوض نيابة عن لبنان وشعبه ومقاومته، وهو الأحرص على صيانة سيادة الدّولة وحقوقها، وهو الضّنين بتضحيات اللّبنانيين جيشاً وشعباً ومقاومة..
وبينما يكثر الكلام والتّحليل والتّأويل، يلتزم صاحب الكلمة الفصل بعبارات محدّدة ترسم الإطار العام لمسار التّفاوض، فلا كثير من التّفاصيل حفاظاً على إنجاح المسعى الأميركي على قاعدة «واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان» الّتي يعتمدها الرّئيس نبيه برّي ويردّدها دائماً.
ورئيس مجلس النّوّاب يتصرّف بحكم بموقعه الدّستوري والسّياسي والوطني، فلا يدخل في أيّ سجالات داخليّة في هذه المرحلة المصيريّة، ويترفّع عن الرّدّ على الانتقادات الّتي برزت مؤخّراً حول حصر التّفاوض بشخصه، ولأنّه «آخر من يخرق الدّستور» كما يقول دائماً، فهو يفاوض تحت سقف القرار 1701، وليس ثمّة اتّفاقيّة جديدة حتّى يتولّى إبرامها رئيس الجمهوريّة، وهذا حقّ دستوريّ يؤكّد عليه برّي، وقد قال سابقاً: لو كنّا نتفاوض على اتّفاق جديد لما كان لي الحقّ في ذلك، لأنّ ذلك الحقّ محصور برئيس البلاد.
وعليه، وبعد مكوث المبعوث الأميركي ليومين في بيروت، فسّر البعض ذلك باتّجاهات سلبيّة، لكنّ الرّئيس نبيه برّي أكّد لجريدة «اللواء» بأنّ «الأجواء اليوم أكثر إيجابيّة من أمس»، وقال بلهجة جنوبيّة يحبّها: «عملنا اللّي علينا»، بانتظار ردّ «إسرائيل» على المقترح ليُبنى على الشّيء مقتضاه».
وعن سبب بقاء «هوكشتاين» يوماً إضافيًّا في بيروت قال برّي: «ما ترونه اليوم نعمل عليه منذ أسبوعين، وقد ناقشنا في اليومين الماضيين كامل بنود الاتّفاق المؤلّفة من 13 بنداً بتفصيل دقيق يلحظ كلّ شاردة وواردة».
هل هناك إضافة على القرار 1701؟
يردُّ برّي جازماً: أبداً، الاتّفاق نفسه، حتّى آليّات تطبيق القرار نفسها.
نحن أمام أيّام حاسمة، فإمّا أن يقبل «نتنياهو» وتنتهي الحرب وإمّا أن يرفض كعادته ونذهب إلى سيناريوهات أكثر سوءاً.
يُسأل الرّئيس برّي هنا: ألم ينسّق «هوكشتاين» مع «تل أبيب» أثناء وجوده في لبنان؟
يقول: بطبيعة الحال لديهم سفير في «إسرائيل» ولكنّ مسألة بهذه الحساسيّة لا تُحسم عبر الهاتف، «هوكشتاين» وصل إلى «تل أبيب» وقريباً ستتّضح الصّورة بناء على الرّدّ الإسرائيلي على المقترح.
وفي سياق متّصل، سُئل الرّئيس برّي عن المخاوف الّتي يثيرها البعض من افتعال فتنة داخليّة خلال أو بعد انتهاء الحرب فقال: «مشهد احتضان النّازحين ينفي أي احتمال لحرب داخليّة، هذا المشهد يثبت حقيقة انصهار الشّعب اللّبناني برغم الخلافات السّياسيّة الّتي تصل أحياناً حدّ الانقسام الحادّ، لكن ما نشاهده من عيش مشترك واقعيّ، في أصعب الظّروف وأدقّها، يؤكّد أصالة اللّبناني ووطنيّته وإنسانيّته».
قبل الاستئذان بالمغادرة قلنا لدولة الرّئيس: بدأ البعض بالهجوم على الاتّفاق قبل إبرامه، ويقولون بأنّه لا يصبّ في مصلحة لبنان، يبتسم برّي ويقول: «اي يقولوا»!
هي أيّام، وربّما ساعات، تفصلنا عن تبيان حقيقة نوايا العدو الإسرائيليّ وأهدافه من عدوانه على لبنان، وعلى قاعدة «تفاءلوا بالخير تجدوه»، تبقى الآمال معلّقة، بعد لله، على صلابة وخبرة وحكمة الرّئيس نبيه برّي بإدارة ملفّ التّفاوض، وعلى رجال المقاومة في الميدان وصمود الشّعب اللّبناني بوجه التّحدّيات الجسيمة المحدّقة بلبنان الدّولة والكيان والدّور..