مقالات مختارة >مقالات مختارة
أين كاميرات السينمائيين من ميلودراما الإبادة؟
الاثنين 25 11 2024 12:06جنوبيات
حتى هوليوود بكل عظمة إنتاجاتها لا تستطيع إعادة صياغة مشهد حربي بالواقعية التي عرفها ميدانياً، من هنا أسفار سينمائيين عالميين إلى مناطق النزاعات المسلحة والحروب وحيث تتأمّن المجاميع بالآلاف من دون الإضطرار إلى الكومبارس المستأجر للتصوير، فيأخذون ما تعجز قرائحهم عن تخيّله من المشاهد المباشرة لرصاص وإنفجارات وغارات جوية وقتلى وجرحى حقيقييين لزوم مشاريع أفلام وثائقية ربما، أو روائية، أو أنها تفيد كوثائق لإقامة دعاوى ضد مرتكبي المجازر ضد العزّل من المدنيين الأبرياء في أي مكان من المعمورة.
نقول هذا ولم يترامَ إلى مسامعنا أن سينمائياً واحداً من عندنا أو من محيطنا العربي بادر إلى توثيق ما يُرتكب من فظائع تدميرية تطحن البشر والحجر، عناوينها كثيرة في عموم مناطق الوطن، أي أنها في مواقع قريبة من الجميع أينما تواجدوا، يعني أن السينمائي المهتم لا يحتاج إلى رحلات بعيدة لتغطية عمليات التدمير الممنهجة بأسلحة إسرائيلية فتّاكة من الجو والبحر والبر، ورغم معرفتنا السابقة بأن من قدّموا أفلاماً عن الحرب على لبنان وفيه كانوا أصحاب مواقف وإلتزام وطني وأحياناً حزبي، إلّا أن هذا لا يُعفي مهنياً عموم العاملين في الحقل السينمائي المحلي من هذا الكسل الذي يمارسونه في وقت يشكون فيه من كساد في المشاريع.
ولن يكون ضرورياً النزول إلى الساحات ومواقع الإعتداءات بالمئات من أجل أفلام تروي سيرة الحرب، بل إن هناك ميلودرامات لا تعد تحفل بها كل زاوية من زوايا الوطن وهي في الغالب تحتاج إلى مشهدية معبّرة لروايتها أو على الأقل للدلالة عليها، فلماذا أيها المخرجون والمصورون لا تستغلّون مهرجان الفظائع هذا للفوز بـ - راشز – ينفعكم حين تروون واحدة من حكايات الوطن الغارق في الدم والنار وأرقام لا حصر لها من الضحايا، فليس صائباً عزل كاميراتكم عن الإمساك بأدقّ لحظات الحقد والموت وخليط الدم بالتراب.
مؤذٍ وموجع واقعنا نعم. وكم من الصور ترسخ في الذاكرة وأخرى تلفظها لعدم القدرة على تحمّل فظاعتها، وحتى نحفظ ما إقترفه عدونا بحق بلدنا وأهلنا ورزقنا وذاكرتنا يجب أن تكون بين أيدينا الشواهد والأدلة وهذا لا تؤمّنه الشاشات الصغيرة بل كاميرات وذاكرة السينما.