ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
أفكار ما بعد الحرب!
الجمعة 29 11 2024 12:54جنوبيات
بعد انتهاء كل حرب يبدأ التفكير ومراجعة الذات. ماذا حققنا من مكاسب؟ وماذا خسرنا؟ أين نجحنا وأين أخفقنا؟ ما الأشياء التي توهمناها وتلك التي صدَقنا فيها؟ أين ثبتنا وأين راوغنا أو تراجعنا؟ أسئلة كثيرة يحق لأي واحد أن يطرحها سواء شارك في الحرب أم لم يشارك، وسواء أيّدها أم عارضها. بيد أن المشكلة تكمن في الإجابة التي يريد الواحد أن يتبناها خصوصا إذا أتت عن تسرّع أو حكم مسبّق أو عن عدم تبصّر. كما أن جزءا من المشكلة يتعلق إما بالمبادئ التي ينطلق منها تفكيرنا أو بالوقائع الساطعة التي نغفل عنها أو نقلل من أهميتها وتأثيرها.
ولنعلم أن كلامنا يعكس افكارنا، وأن الأفكار ترسم لنا الواقع الذي يظل خاضعا لها. فلو قال العالم أجمع أنك مهزوم وكنت ترى في نفسك عكس ذلك، فأنت منتصر. ولو قال العالم اجمع انك منتصر وكنت ترى في نفسك عكس ذلك فأنت مهزوم. وكلامك عن النصر إنما يضعك في اقرب نقطة منه، كما أن كلامك عن الهزيمة يوقعك فيه حتما. ومثلما تتكلم عن نفسك بالنصر أو الهزيمة، يتكلم عدوك عن نفسه أيضا بالنصر أو الهزيمة. فجزء من الحرب هو كلاميّ، إن رأى بعض الناس انه لا يشكل الواقع في كثير من الأحيان، إلا أنه يعيد على الأكيد تشكيله.
واذا كانت المبادئ هي أقصر الطرق الممكنة إلى التفكير فلنبدأ منها ونسأل:
هل هناك حق لنا؟ إذا كان الجواب نعم، فالمبدأ يقول إن الحق لا يموت بل يموت الناس من أجله؟ ألا تتخطى نوايا كل عدوان كبير الحجم نفسه الذي يكون عليه؟ إذا كان الجواب نعم، فإن إفشال تلك النوايا الإجرامية التي لا حدود لها هو انتصار حقيقي. إلا أن يقول قائل إن نوايا العدو هي على قدر عدوانه. بيد أنه في قوله هذا إنما يضع نفسه في عقل العدو ونواياه. فهل من داع لنفكر عن العدو أو نبرر له افعاله؟
أما بالنسبة إلى الوقائع. فينبغي عدم تقدير قوة العدو إنطلاقا من وهم الذات الخائفة التي تنظر إلى ألمها بمعزل عن ألم العدو. لماذا لم يستطع أن يحتل أو يصل إلى العاصمة؟ أسوأ الأجوبة أنه لا يريد!