عربيات ودوليات >أخبار دولية
هل دخلت إيران مرحلة الخطر؟
الخميس 19 12 2024 22:22جنوبيات
رأت صحيفة "واشنطن بوست" أن الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا بعد سقوط الرئيس السابق بشار الأسد "لم تؤدِ فقط إلى تأخر الجيش السوري سنوات، بل أدت أيضا إلى تقشير طبقة أخرى من الدفاعات الإيرانية في المنطقة"، معتبرة أن ذلك جعل طهران "أكثر عرضة للخطر من ما كانت عليه منذ عقود".
وأضافت "واشنطن بوست" في مقال لمديرة مكتبها في الخليج، أن "ضعف إيران المتزايد أثار حالة من الفزع داخل الحكومة، ما أثار المخاوف من أن الصراع المتصاعد بشكل مطرد مع إسرائيل قد يدخل قريبا مرحلة أكثر خطورة. يتحدث المؤيدون المتشددون للنظام بشكل أكثر علنية، وبشكل متكرر، عن تبني الردع النووي لإحباط هجوم إسرائيلي محتمل، وبين المعارضة المحاصرة في البلاد، هناك أمل جديد في أن يؤدي انهيار القوة الإيرانية في الخارج إلى تخفيف الحكم الاستبدادي في الداخل".
وتابعت "واشنطن بوست" أنه "بعد الإطاحة بالأسد من قبل المتمردين الإسلاميين، التي سبقها الرحيل المفاجئ للمستشارين الإيرانيين وانسحاب القوات الإقليمية المتحالفة، استغلت إسرائيل فراغ السلطة لتدمير كميات هائلة من البنية التحتية العسكرية السورية. دمرت مئات الضربات الطائرات الحربية والمروحيات ومخابئ الأسلحة والجزء الأكبر من البحرية في البلاد".
أضافت: "قالت إسرائيل إنها شنت الضربات لمنع المعدات العسكرية المتقدمة من الوقوع في أيدي المسلحين، لكن المحللين قالوا إن الهجمات كانت تهدف أيضا إلى إضعاف إيران بشكل أكبر".
واشارت إلى أنه "تحت حكم الأسد الذي دام عقوداً من الزمان، قامت طهران بتعيين مسؤولين عسكريين في البلاد لدعم نظامه، وحماية الطرق البرية التي استخدمتها لإرسال الأسلحة وغيرها من الدعم لحزب الله في لبنان والوكلاء المسلحين في العراق".
وقال يوروم شفايتزر، ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق، عن حملة القصف في سوريا: "لقد كان الأمر أشبه بقناة الجذر. إيران هي دائما جزء من الصورة".
وأضاف أن "أنظمة الرادار السابقة في سوريا كان من الممكن أن تزود إيران بتحذيرات مبكرة من هجوم إسرائيلي، في حين كانت دفاعاتها الجوية الروسية المتقدمة "عاملاً مقيداً" لقدرة إسرائيل على المناورة في المنطقة، وفقا لغريغوري برو، محلل إيران في مجموعة أوراسيا".
وقال برو: "لدى إسرائيل الآن طريق سالك إلى إيران، ومن المرجح أن تستمر في الحصول على ذلك في المستقبل المنظور"، موضحا أن إعادة بناء أو استبدال المعدات المدمرة قد يستغرق سنوات.
وتابع "لقد تعرضت إيران لذلك بالفعل، وأثبتت ضربات تشرين الأول/أكتوبر ذلك"، في إشارة إلى موجة من الهجمات الإسرائيلية التي ضربت بعض المواقع العسكرية الأكثر حساسية في البلاد".
وشبه برو الموقف الاستراتيجي لإيران بالموقف الذي واجهته في الثمانينيات خلال حربها عبر الحدود مع العراق، أو في عام 2003 عندما غزت الولايات المتحدة بغداد.
ولفت إلى أنه "حتى قبل الإطاحة بالأسد، كانت إسرائيل في خضم حملة جوية سرية واسعة النطاق ضد الأصول الإيرانية في سوريا، حيث نفذت أكثر من 100 غارة جوية على الأراضي السورية منذ أكتوبر 2023 - معظمها غير معترف بها علنا، وفقا لإحصاء الأمم المتحدة".
واستنتجت الصحيفة من تقارير وسائل الإعلام الإيرانية وتصريحات من "الحرس الثوري الإسلامي" أن "ما لا يقل عن 24 ضابطا من الحرس الثوري الإيراني قُتلوا في سوريا على مدى الأشهر الـ 14 الماضية".
من جانبه، قال بهنام بن طالبو، مدير برنامج إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية محافظة في واشنطن، إن الضربات كانت تهدف إلى "تدمير لُب قيادة الحرس الثوري الإيراني، بهدف انهيار الهيكل على نفسه".
وفي 20 كانون الثاني/يناير، قُتل خمسة ضباط إيرانيين في ضربة على دمشق، وفي الأول من نيسان/ ، قُتل سبعة ضباط إيرانيين في ضربة على مبنى مجاور للسفارة الإيرانية في دمشق، ما دفع إيران إلى شن أول هجوم مباشر على "إسرائيل".
ورأت أن "إيران شنت هجومها المباشر الثاني على إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر، بعد سلسلة من الضربات المدمرة التي وجهتها لحليفها حزب الله، بما في ذلك الضربة الإسرائيلية التي قتلت أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله. وفي يوم الأحد، بعد مرور ما يقرب من ثلاثة أسابيع على اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، أقر حزب الله بحقيقة قطعه الاتصال بإيران، وسعى إلى التقليل من شأن الأمر". وقال نعيم قاسم، الأمين العام الجديد للحزب: "لقد فقد حزب الله طريق الإمدادات القادم عبر سوريا في المرحلة الحالية، ولكن هذا تفصيل صغير وقد يتغير مع الوقت". وأضاف أن حزب الله يستكشف سبلا أخرى لإعادة التسلح، وربما يسعى إلى التوصل إلى اتفاق في ظل "النظام الجديد" في سوريا.
وفي مواجهة الخسائر المتزايدة، بدأ الساسة الإيرانيون يتحدثون بصراحة أكبر عن إمكانية تطوير الأسلحة النووية كرادع للهجمات، بحسب التقرير.
وفي إعراب عن الأسف لسقوط الأسد، دعا أحد أعضاء البرلمان المتشددين، أحمد نادري، في منشور على موقع "إكس" في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، إيران إلى اختبار "قنبلة ذرية". وأشار تقرير استخباراتي أميركي صدر هذا الشهر إلى الحوار العام في إيران، قائلا إنه يعكس "تصوراً بأن إيران بحاجة إلى تصحيح خلل استراتيجي مع خصومها"، وأن موقف البلاد "يخاطر بتشجيع دعاة الأسلحة النووية داخل جهاز صنع القرار الإيراني".
ومنذ العام الماضي، زادت إيران مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي هيئة مراقبة الأسلحة النووية التابعة للأمم المتحدة.
وفي تحليل للتقرير من "معهد العلوم والأمن الدولي"، خلص الباحثون إلى أن إيران ستحتاج إلى شهر تقريبا لمزيد من تكرير هذا المخزون إلى وقود صالح للاستخدام في الأسلحة.
وكانت الإدارات الأميركية حريصة على تجنب أي مواجهة مباشرة مع إيران، وحذر البيت الأبيض في عهد بايدن "إسرائيل" من ضرب المنشآت النووية أو النفطية في هجومها في تشرين الأول/ أكتوبر، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار إلى رغبته في الاستفادة من المكاسب ضد "حماس" و"حزب الله" ومواجهة طهران بشكل أكثر عدوانية في ظل إدارة أميركية جديدة.
وفي حديثه إلى إيران و"حزب الله"، قال نتنياهو، "إن إسرائيل ستواصل العمل ضدكم كلما لزم الأمر، وفي أي ساحة وفي أي وقت"، وفقا لبيان صادر عن مكتبه بعد مكالمة هاتفية مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب. وردا على سؤال في مقابلة مع مجلة تايم في 25 تشرين الثاني/نوفمبر حول احتمال الحرب مع إيران، أجاب ترامب أن "أي شيء يمكن أن يحدث".