لبنانيات >أخبار لبنانية
المعارضة تخبئ ورقتها الرئاسية إلى اللحظات الأخيرة
الأحد 22 12 2024 09:07جنوبيات
لم تعلن المعارضة كجبهة مؤلّفة من 31 نائباً اسم مرشّحها حتّى الساعة، ولو كان بعض مكوّناتها قد عبّر عن تأييده لمرشّح بعينه. فهي تعتبر أنّ ورشة الاختيار والغربلة لا تزال في أوّلها، قبل أقلّ من ثلاثة أسابيع على الموعد المحدّد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني المقبل. والسبب الذي يدفع المعارضة إلى عدم كشف أوراقها، هو محاولة تحاشي أيّ فخّ قد ينصبه الثنائي الشيعي، بمساعدة كتل تبحث عن مصالح لها ومواقع هنا أو هناك.
ويقول مصدر نيابي في المعارضة إنّ الاجتماعات التي عُقدت أخيراً، وآخرها في مقرّ رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل في بكفيّا، ناقشت المحاولات التي يقوم بها “الحزب” لتحسين شروطه في اختيار الرئيس المقبل. لذلك، تفضّل المعارضة التريّث والمراقبة، قبل وضع كلّ أوراقها على الطاولة. وتكتفي اليوم بالحديث عن المواصفات التي يجب أن يتمتّع بها الرئيس العتيد، كي يواكب مرحلة المتغيّرات الكبيرة في المنطقة.
لذلك، لم يعلن رئيس حزب القوّات اللبنانية ترشيحه شخصيّاً، مع تأكيده الاستعداد لخوض الانتخابات، في حال كان هناك حدّ أدنى من التأييد له بين الكتل. كذلك، لم تعلن المعارضة تبنّيها ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، علماً بأنّ حظوظه تتقدّم. كما لم تسمّ أي شخصية أخرى.
وقد كشف النائب ميشال معوّض، في حديث تلفزيوني، عن أنّ السير بترشيح قائد الجيش ليس تلقائيّاً. إذ إنّ المشاورات جارية حول سلّة متكاملة، تشمل رئاسة الحكومة وتشكيلتها، على أساس أن الدور الذي تلعبه الحكومة ورئيسها هو دور محوري في مواكبة المرحلة المقبلة والإصلاحات المطلوبة وتنفيذ القرارات الدولية. وإذا لم تكن نتائج هذه المشاورات على قدر آمال المعارضة، فهناك خيارات أخرى تدرس، وهي بالطبع من ضمن الدستور، الذي ينصّ على التصويت بأكثرية الثلثين في الدورة الأولى وبالنصف زائداً وحداً في الدورات المفتوحة التي تلي.
ومع سعي المعارضة إلى مراعاة توافق الكتل من الطوائف المتعدّدة على الرئيس، إنّما هي تؤكّد أن ليس هناك شيء في الدستور اسمه “ميثاقية” بالمعنى الذي يجري تفسيره به. فهناك أكثرية الثلثين أوالنصف زائداً واحداً. وهذه الأكثرية كفيلة بحفظ الميثاقية استناداً إلى الدستور، وإلّا فليُتّفق على تعديلات دستورية، تشير في شكل واضح إلى فدرالية انتخابية، بحيث يجب أن ينال كلّ مرشّح حدّاً معيّناً من الأصوات لدى كلّ مكوّن طائفي كي يفوز بالرئاسة. وهذا الأمر يجب أن ينطبق عندها على اختيار رئيس الحكومة ورئيس مجلس النوّاب أيضاً.
ويشير مصدر مقرّب من القوّات إلى أنّ معراب تفضّل الانتظار قليلاً قبل حسم خياراتها. فالاتصالات ما زالت جارية مع القوى كافّة. وهناك كتل لم تحدّد موقفها بعد من الاستحقاق الرئاسي، كما أنّ كتلاً أخرى يمكن أن تبدّل رأيها. والاحتمال لترشيح الدكتور سمير جعجع ما زال قائماً، خصوصاً أنّ التطوّرات في المنطقة تتغيّر في كلّ يوم، وتخلق معها توازنات جديدة وتموضعات مختلفة.
ويرى المصدر أنّ إعلان “اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط، أنّه سيدعم قائد الجيش، هو بمثابة استباق لمواقف الكتل الأخرى، وقد يؤثّر عليها. وربّما هدف جنبلاط إلى إعلان هذا الموقف باكراً، تأكيداً لرفضه ما يعتبره خيارات استفزازية، وتماهياً مع الرغبة الأميركية في ترشيح العماد عون.
وتراقب المعارضة عن كثب كيف سيتصرّف الثنائي الشيعي، الذي ما زال يطرح أسماء “توافقية”، لا تتماهى مع تطلّعات المرحلة المقبلة. وما زال هذا الثنائي يحاول تجميع بعض الأوراق ليرفع قدرته على المساومة. ومن هنا، كان إعلان سليمان فرنجية أنّه لم يسحب ترشيحه بعد، علماً بأنّه يدرك جيداً أن حظوظه انتفت. كما تراقب المعارضة مواقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي ما زال يتكلّم في العموميّات، وينتظر بدوره اللحظات الأخيرة للمساومة.
ولكن عندما تقترب اللحظات الحاسمة، وتأتي كلمة السرّ الأميركية، فإنّ المشهد قد يتبدّل في شكل غير متوقّع. ولكن مع ذلك، يبقى احتمال تأجيل جلسة 9 كانون الثاني وارداً، إذا ما أرادت الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب أن تحسّن من فرص وصول رئيس قويّ قادر على التعامل مع المتغيّرات. وعندها ستكون الجلسة الثانية هي الحاسمة، لأنّها ستنعقد بعد أن يكون دونالد ترامب قد تسلّم مهامّه في البيت الأبيض.