في إطار سعيها المتواصل لتبني أحدث الابتكارات التكنولوجية وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار، أطلق الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، أول خدمة من نوعها في الشرق الأوسط للتوصيل باستخدام الطائرات بدون طيار”الدرون”.

يأتي هذا المشروع الطموح في سياق رؤية دبي المستقبلية لتطوير قطاع الخدمات اللوجستية وتسهيل عمليات النقل والتوصيل، مما يسهم في تحقيق نقلة نوعية في قطاع التجارة الإلكترونية والخدمات العامة وتحقيق مكاسب اقتصادية متنوعة، حيث يمكن لهذه الطائرات العمل في مختلف مناطق المدينة بمساعدة خوارزميات متطورة تتحكم بحركتها، وبفضل تقنية تحديد المواقع المدمجة متعدّدة المستشعرات.

ويهدف النظام الجديد إلى تسريع عمليات التوصيل وتقليل الانبعاثات الكربونية، بما يتماشى مع خطط الاستدامة البيئية التي تتبناها الإمارة. ويعتبر خطوة مهمة داعمة لتطلعات دبي نحو الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في تحسين جودة الحياة، وتقديم خدمات متطورة تُرسخ مكانتها كوجهة عالمية رائدة في الابتكار والتكنولوجيا.

في سياق ذلك، قال الشيخ حمدان بن محمد بن راشد: على مدى السنوات الماضية أطلقنا حزمة برامج تمكن من تصميم وتطوير الحلول الريادية لمدن ومجتمعات المستقبل الذكية في دبي، وترمي إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين مختلف القطاعات، وتوظيف التكنولوجيا في خدمة المجتمع؛ بما في ذلك برنامج دبي لتمكين النقل بالطائرات بدون طيار.

وأضاف “إن مستقبل التقنيات الروبوتية والنظم ذاتية القيادة للأغراض والخدمات التجارية والاقتصادية وتطبيقات الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار والتحول الرقمي واستخدامات الذكاء الاصطناعي أصبحت واقعاً نعيشه في دبي اليوم”.

استراتيجية الدولة

هذا ويندرج التوجه ضمن محاور استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، التي تستهدف خلاله عدة قطاعات حيوية في الدولة، منها قطاع النقل، من خلال تقليل الحوادث والتكاليف التشغيلية.

وتهدف الاستراتيجية إلى تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، مع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، بالإضافة إلى الارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبتكرة، بالإضافة إلى تصدر حكومة الإمارات العالم على صعيد استثمار الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعاتها الحيوية، وخلق سوق واعدة في المنطقة تكون ذات قيمة اقتصادية عالية.

مكاسب اقتصادية

وتعقيباً على ذلك، يؤكد الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد الدولي في تصريحات لـ”النهار” أن الإمارات، وتحديداً دبي، من المتوقع أن تحقق مجموعة من العوائد الاقتصادية المتنوعة من استخدام الطائرات بدون طيار(Drones) في التوصيل خلال المرحلة المقبلة.

أضاف: أن أبرز تلك العوائد والمكاسب الاقتصادية تتمثل بتعزيز قطاع التجارة الإلكترونية، حيث تُسرع الطائرات بدون طيار توصيل الطلبات، وبالتالي زيادة اعتماد المستهلكين على التسوق عبر الإنترنت، بما يرفع إيرادات هذا القطاع بشكل كبير.

أشار إلى أن ثاني المكاسب المتوقعة هي خفض تكاليف النقل، عبر تقليل الاعتماد على وسائل النقل التقليدية، ثم خفض تكاليف الوقود والصيانة، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، من خلال الدور الحيويّ لدبي كمنصّة لتطوير واختبار الحلول المبتكرة، إلى جانب مكاسب اقتصادية تتعلّق بظهور وظائف جديدة متعلّقة بتطوير وإدارة وصيانة الطائرات بدون طيار.

وأوضح بأن زيادة الإنتاجية تنضم إلى قائمة العوائد المتوقعة من خلال تقليل وقت التسليم وتحسين كفاءة الأعمال بما يساهم في تعزيز الإنتاجية الإجمالية للشركات، بالإضافة إلى عائد مرتبط بالبيئة، وهو تقليل الانبعاثات الكربونية، بما يدعم توجّه الإمارات نحو الاستدامة، بالإضافة إلى دعم الصناعات المرتبطة، مثل البرمجيات، الأنظمة الذكية، وتصنيع الأجهزة.

وتوقع أن تصبح دبي مركزاً عالمياً لتكنولوجيا التوصيل الذكي، مع توسع تطبيق هذه التقنية في مجالات أخرى مثل الرعاية الصحية (نقل الأدوية) والبنية التحتية (مراقبة الطرق. فهذا التوجه يعزّز مكانة الإمارات كدولة رائدة عالميًا في الابتكار، مما ينعكس إيجابًا على مكانتها الاقتصادية والتنمويّة.

واتفق معه الخبير الاقتصادي أحمد المسيري في تصريحات لـ”النهار” على أهمية ذلك التوجّه وعوائده الاقتصادية المتنوّعة المتوقعة لدولة الإمارات، على صعيد العوائد والتدفقات الأجنبية المتوقعة للاستثمار في ذلك المجال، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف تتوافق مع خطط الاستدامة البيئيّة.

وأضاف أن دولة الإمارات تضع أمامها بصورة مستمرة الابتكار والريادة في مجالات مختلفة، منها مستقبل التوصيل السريع والذكي. وهي تتمتع برؤية استراتيجية واضحة طويلة المدى في التحول إلى مدينة ذكية، وذلك بما يتماشى مع أهداف مئوية الإمارات 2071.