فلسطينيات >داخل فلسطين
من إعلام الاحتلال.. بين الفرصة والفوضى: الاستيطان في الضفة الغربية
من إعلام الاحتلال.. بين الفرصة والفوضى: الاستيطان في الضفة الغربية ‎الثلاثاء 31 12 2024 08:20
من إعلام الاحتلال.. بين الفرصة والفوضى: الاستيطان في الضفة الغربية

حنان غرينوود

إذا سألتَ أعضاء من الائتلاف بشأن حصيلة العامين الأخيرَين للحكومة في كل ما له علاقة بالمستوطنات في الضفة الغربية، فستجدهم يفضّلون بوضوح الحديث عن الناحية المدنية والثورات والتغييرات الدراماتيكية.

لكن إذا سألت أعضاء من المعارضة عن حصيلة العامين الأخيرَين بالنسبة إلى المستوطنات، فستجدهم يفضّلون الحديث أولاً عن الناحية الأمنية، وعن التصعيد والمخاطر اللاحقة. ويجري هذا لأن الضفة الغربية في العامين الأخيرَين كانت كدكتور جيكل ومستر هايد. على الرغم من الوضع الأمني الإشكالي للغاية - ليس فقط بسبب حرب «السيوف الحديدية» - فإنه يجب، ومن الأجدى، أن نفتتح بالحديث عن الموضوع المدني والنصف مدني، لأنه هو الذي شهد تغييرات مذهلة في العامين الأخيرَين.

إن الضفة الغربية في نهاية سنة 2024 لا تشبه بأي صورة من الصور الضفة الغربية في نهاية سنة 2023، ويمكن القول، بمعنى من المعاني، إن الخطوات التي قادتها الحكومة، والتي تخطط لها، ستوصلها إلى عتبة تطبيق سيادتها هناك.
ومن أهم الخطوات التي قامت بها الحكومة إنشاء إدارة للمستوطنات بقيادة بتسلئيل سموتريتش، وهي خطوة ستسمح مستقبلاً بإقامة مستوطنات ومدن جديدة بصورة أسرع كثيراً. وفي الموازاة، فقد جرى تسريع الدفع قُدُماً بقرار إقامة وحدات سكنية جديدة في الضفة الغربية، تبلغ قرابة 30,000 وحدة في العامين الأخيرَين، وهناك قرابة 10,000 على الطريق. وفي المقابل، تشدّد الإدارة المدنية هناك بصورة كبيرة على موضوع هدم المباني غير القانونية.
ونتيجة ذلك، جرى كبح ظاهرة البناء غير القانوني الفلسطيني في المنطقة «ج»، وسُجل ارتفاع في هدم المباني الموجودة غير القانونية. وبإدارة وزارة الاستيطان برئاسة الوزيرة أوريت ستروك [«الصهيونية الدينية»]، جرى تعزيز دائرة الأراضي في السلطات المحلية في الضفة الغربية، الأمر الذي أدّى إلى مراقبة أفضل كثيراً للمخالفات في البناء الاستراتيجي كجزء من «خطة فياض» الفلسطينية.

وثمة تغيير آخر بدأ، ومن المتوقع أن يستمر ويتقدم، يتعلق بالطرقات، وهي من الموضوعات الحسّاسة في الضفة الغربية. ففي العامين الأخيرَين، سرّعت إدارة طرق إسرائيل معالجة الطرق الخطِرة، ووضعت إشارات مرورية كثيرة، مع التشديد على منطقة بنيامين التي شهدت عدداً غير قليل من الحوادث.

عشرات الآلاف من الوحدات السكنية
وضع وزير المال ميزانية كبيرة من أجل فتح وتعبيد الطرقات، وخصوصاً على محور 60. صحيح أن عدداً من المشاريع توقفت بسبب الحرب، لكن كل المخططات ستنفَذ، وبعد بضعة أعوام، فإن كل الطرق في الضفة الغربية ستكون بنوعية ممتازة. كما سُجلت مشاريع مهمة في هذه الأيام على الأرض؛ إذ يدفع وزير الطاقة إيلي كوهين قُدُماً بإقامة محطة طاقة في الضفة الغربية وفي وادي الأردن، ومن المتوقع أن تصبح جبهة داخلية للطاقة في إسرائيل، وسيوقع الاتفاق العام الأول من نوعه في غوش عتسيون، وهو ما سيسمح بالتخطيط وبناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية في السنوات المقبلة بقيادة وزير الإسكان يتسحاق غولدكنوفف [من حزب يهدوت هتواره].
كما أن الوزيرة عيديت سيلمان [وزيرة البيئة] وأعضاء الكنيست عاميت هليفي وأفيحاي بوران [كلهم من حزب الليكود] يدفعون قُدُماً بتطبيق قوانين في الضفة الغربية تؤدي إلى تطبيق سيادة جزئية. ومع ذلك، فليس كل شيء وردياً؛ ففي مقابل النمو، سُجل أيضاً ارتفاع في ظاهرة الجريمة القومية واضطرابات عنيفة في القرى كجيت وترمس والحوارة.
وعلى الرغم من تولّي إيتمار بن غفير وزارة الأمن القومي، فإنه لم يسجَّل تحسّن في عمل الشرطة في الضفة الغربية كما هو مطلوب في دولة عادية من أجل فرض سلطتها على الأرض، وبدلاً من ذلك، فقد أصدر وزير الدفاع السابق يوآف غالانت عشرات الأوامر بالاعتقال الإداري ضد أشخاص يسكنون في الضفة الغربية من دون إحالتهم على المحاكمة، ومن دون أن يُتَهَمُوا بتهمة معينة.
إن الوضع الأمني إشكالي جداً في الضفة الغربية؛ فمنذ آذار/مارس 2022، وخلال ولاية حكومة التغيير، بدأت فعلاً انتفاضة في الضفة الغربية، لكن بعد إقامة الحكومة الحالية، شعر أعضاؤها بأن عليهم خلع قفازاتهم ومعالجة «الإرهاب» الناشئ.
وفي تموز/يوليو 2023، وبعد مقتل العديد من الإسرائيليين، فقد شنّت قوات الجيش الإسرائيلي عملية محدودة في شمال الضفة، سُميت بعملية «بيت وحديقة»، وهي تبدو ناعمة مقارنة بما يحدث اليوم.
وبعد نشوب حرب «السيوف الحديدية»، اعتُبرت مناطق الضفة الغربية ساحة ثانوية على الرغم من الخطر الواضح، ولا يزال هذا الوضع مستمراً حتى اليوم.

عمليات لجعل حياة السكان حياة طبيعية
كُتبت هذه الأسطر بعد إصابة العميد منشيه بجروح جرّاء انفجار عبوة في طولكرم. وعلى خلفية كلام ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، فإن الضفة الغربية في سنة 2025 ستكون في حالة حرب. واليوم أيضاً، وعلى الرغم من مطالب رؤساء السلطات المحلية، ومن أن القتال تراجَع كثيراً في غزة وتوقف تماماً في لبنان، فإنه ليس هناك مَن يعالج بصورة مكثفة وعنيفة دولة «الإرهاب» التي نشأت في شمال الضفة، وبشائر الانتفاضة الآخذة في التزايد. وهذه المرة، ليس أمام الحكومة أحد تتهمه سوى نفسها فقط، لأنه خلال العامين الأخيرَين، منذ تشكيل الحكومة، تبدو الضفة الغربية متأرجحة بين الفرصة والفوضى؛ فمن جهة، جرت أعمال واسعة من أجل جعل حياة السكان العرب واليهود على حد سواء حياة طبيعية، ومن جهة أُخرى، فإن الوضع الأمني غير المستقر يمكن أن ينفجر على هيئة انتفاضة كي لا نقول «على هيئة حرب».
وفي الخلاصة، يتعيّن على الحكومة أن تجمع شجاعتها وتتخذ القرارات، وعليها أن تفعل ذلك الآن قبل وقوع الكارثة.

اعداد: مؤسسة الدراسات الفلسطينية

المصدر : يسرائيل هيوم