بأقلامهم >بأقلامهم
التطوُّر السعودي والتخلُّف اللبناني
جنوبيات
الزيارة السعودية المرتقبة إلى لبنان، رغم عدم تأكيدها، أشاعت أجواء من التفاؤل والإرتياح في مختلف الأوساط اللبنانية، التي تنتظر العودة السعودية الكاملة إلى لبنان، نظراً للإحترام الكبير الذي يكنُّه اللبنانيون، كل اللبنانيين، للدور الذي تقوم به المملكة في دعم الوطن الجريح، وبلسمة جراحه، فضلاً عن إحتضان عشرات الآلاف من اللبنانيين المنتشرين في السعودية.
وبغض النظر عن إتمام الزيارة خلال أيام أم تقرر تأجيلها في اللحظة الأخيرة، يمكن القول أن المملكة حاضرة في الحدث اللبناني، السياسي والاقتصادي والإنمائي والدستوري، بل وفي الحياة اليومية لكثيرين من اللبنانيين، من خلال المساعدات والتقديمات التي يقوم بها منذ سنوات مركز الملك سلمان للمساعدات الإنسانية، وعلى الصعيد السياسي عبر المشاركة الأساسية والفاعلة في لجنة الدول الخماسية، مع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومصر وقطر.
يحاول البعض توظيف الحضور السعودي في لبنان في خضم السباق الرئاسي الذي من المتوقع أن يحتدم مطلع الأسبوع المقبل، وقبل أيام معدودات من جلسة 9 كانون الثاني. في وقت أبلغت المملكة من يعنيهم الأمر أنها غير معنية، لا من قريب ولا من بعيد، بشخص الرئيس المقبل، إلا من زاوية المواصفات التي وضعتها الخماسية للرئيس العتيد، وفي مقدمتها أن يكون بعيداً عن بؤر الفساد الراهنة، وغير متورط مع المنظومة السياسيّة الفاسدة، وأن يكون محايداً بين الأطراف السياسية المتصارعة، ولا يشكل وصوله لرئاسة الجمهورية إنتصاراً لفريق سياسي، وإنكساراً لفريق آخر، ويكون قادراً على وضع البلد على طريق الإصلاح والإنقاذ، بالتعاون مع رئيس الحكومة ومجلس الوزراء الذي من المفترض أن يكون فريق عمل منسجماً، من أصحاب الكفاءات والخبرات.
وثمة حرص سعودي على عدم إتخاذ مواقف مسبقة من الرئيس العتيد والعهد الجديد، قبل تقييم الأداء ومعرفة الإتجاهات التي سيسلكها سواءٌ في السياسة الخارجية، أو على مستوى المعالجات للأزمات والمشاكل الداخلية، المالية منها والإدارية، ومدى جدّية العمل لإخراج لبنان من دوامة الإنهيارات الراهنة.
بالمقابل، ثمة حرص لبناني على أن يُماهي العهد الجديد رؤية 2030 السعودية، والتي يبذل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان جهوداً جبارة، ليس لتنفيذها وحسب، حيث تم إنجاز معظم مراحلها قبل أوانها بسنوات، بما فيها الوسط الجديد لمدينة الرياض، بل وإيضاً لإختصار المسافات نحو المشاريع الجديدة وفي مقدمتها معرض أكسبو 2030 العالمي، ومنشآت المونديال العالمي عام 2034.
المملكة السعودية المتطورة والمستقرة أصبحت من مجموعة السبع الكبار في العالم «G7»،ولبنان الغارق في تخلف السياسة والفساد أمسى في مؤخرة الدول النامية: دولة فاشلة، وبلا رئيس للجمهورية، ولا سلطة تنفيذية متماسكة.