لبنانيات >أخبار لبنانية
تهيُّب نيابي وسياسي غير مسبوق قبل الخميس.. ترتيبات الرئاسة بين «المباطحة» و«المناصحة»!
تهيُّب نيابي وسياسي غير مسبوق قبل الخميس.. ترتيبات الرئاسة بين «المباطحة» و«المناصحة»! ‎الاثنين 6 01 2025 07:46
تهيُّب نيابي وسياسي غير مسبوق قبل الخميس.. ترتيبات الرئاسة بين «المباطحة» و«المناصحة»!

جنوبيات

من الخطأ الإعتقاد أن الأطراف السياسية، بأحزابها وتياراتها وحركاتها وكتلها النيابية لا تتهيَّب أي تطور يتصل بوضع البلد، وتقلباته، وظروفه المستقبلية، في ضوء «الثيران الهائجة» في المنطقة (بمعنى التغييرات غير المتوقعة في أكثر من بلد، وعلى غير صعيد).. ويشتد هذا التهيُّب مع كل استحقاق أو خطوة باتجاه أمني أو عسكري، وحتى سياسي أو دستوري، ويتفاقم هذا التهيُّب مع ضيق الخيارات، واستحالة الوصول إلى دوائر المناورة، والإبتعاد والإقتراب عن المزالق السهلة أو الخطرة المتوقعة أو غير المتوقعة.. على بعد ثلاثة أيام، وبضع ساعات من صباح الخميس الواقع فيه 9 كانون الثاني الجاري من العام 2025، يتوجه النواب إلى المجلس النيابي في ساحة النجمة، رِجل البعض إلى الأمام، ورِجل البعض الآخر إلى الخلف، لوضع ورقة في صندوقة الاقتراع، لهذا المرشح المدعوم أو ذاك غير المدعوم..

ومن الخطأ الإعتقاد أيضاً أن رؤساء الكتل والنواب فرادى وزمر لا يعرفون المسار أو المصير المترتب على تهريب النصاب أو توفير نصاب لانتخاب رئيس، تعتبره المعارضة، لا يتوافق مع مشروعها، الرامي إلى تحجيم حزب الله، ومحور الممانعة (ولو بمفعول رجعي)، وإخراج إيران من المشهد اللبناني، ليس على مستوى القوة العسكرية المباشرة، أو القوة المالية، تحت شعار إعادة الإعمار، وتوفير الأموال اللازمة لمساعدة حزب الله في استعادة أو الاحتفاظ بثقة جمهوره به، من زاوية «وعد والتزام» وهي القاعدة التي تبناها الحزب، (وضعها شهيده وأمين العام السيد حسن نصر الله)، بل حتى على المستوى الرسمي، عبر الإتيان برئيس، تسميه المعارضة سيادي، بمعنى أن يطلب من الإيرانيين الاقلال من التدخل بالشأن اللبناني، أو على طريقة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «عدم الإفراط» بإبداء الحب للبنان.

بالمقابل، يسعى حزب الله، بقوة التحالف مع الرئيس نبيه بري، رئيس المجلس النيابي ورئيس حركة «امل» في الوقت نفسه، لإيصال رئيس لا يناوئ الشعارات السيادية، ولا يندفع بحملة شعارات وممارسات تصيب «الثنائي الشيعي» والمقاومة، والمشروع الإيراني بسوء، يفاقم من سوء خروجه من سوريا، وتحجيم وضعه في العراق والاقلال من نفوذه في ساحات المواجهة أو المقاومة.

يخطئ فريق المعارضة، بمكوناته جميعها إذا اعتقد أن الفريق الشيعي، بات على الأرض من دون غطاء، أو أغطية، أو من دول حلفاء، أو اصدقاء، يواجه وحيداً المصير المحتوم، المتمثل بالتصفية الحسابية معها إلى آخر المسار، ذلك لأن لا الحرب الدائرة والمنبثقة تحت شعارات المساندة لحرب ما سمّي بـ«طوفان الأقصى» ونتائجه القاتلة على مستوى حرب الإبادة والتدمير، حيثما تمكنت قوات الاحتلال، وجيشها ذو الوجه البشع من التفجير أو القصف أو ارتكاب المجازر من غزة إلى الضفة وجنوب لبنان، والضاحية الجنوبية والبقاع.. أراد أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم توجيه رسالة لمن يعنيه الأمر في الداخل والخارج أن مسألة المقاومة غير قابلة للنقاش أو المباطحة، وجاء تحرُّك رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد مع عدد من نواب الكتلة باتجاه عين التينة، والإجتماع مع الرئيس بري للإشارة الى أن القوة الانتخابية للثنائي وحلفائه سيكون لها خياراتها على ساحة البرلمان، ولن تسمح بالإتيان برئيس للجمهورية بأي مواصفات كان، حتى ولو من مواصفات قائد الجيش الحالي العماد جوزاف عون.. في ترتيبات ما بعد سقوط نظام آل الأسد في سوريا، في تداعٍ أشبه بالزلازل الخاطفة، خرجت روسيا الاتحادية من المشهد السوري، وخرجت إيران، وخرج حزب الله، وعاد عرب الاعتدال الى دمشق، من بوابات الدعم والمساعدات المالية والإنسانية والاستثمارية للتعايش او عدم التعايش مع القوة التركية الطاغية، عرَّابة سقوط النظام، وإيصال القوة العسكرية والسياسية القابضة على السلطة للإندماج في حكم تقبله الولايات المتحدة الأميركية صاحبة القوة المطلقة في التأثير، وسعي بريطاني وفرنسي وألماني حثيث، لأخذ «نتشة» أو قطعة من «الكعكة السورية» قيد الانضاج.

وفي الترتيبات أيضاً، ترك القضم الاسرائيلي الجديد لأراضٍ في منطقة الجولان، واستكمال توجيه الضربات الى مواقع الجيش السوري في المدن الكبرى من دمشق الى حلب وحمص وغيرها لظروف أفضل، سواءٌ بالدبلوماسية أو بغيرها، عندما تنضج الظروف لاستعادة ما قُضم أو سُلب.

وفي الترتيبات أيضاً، ربط الاستقرار اللبناني بالاستقرار السوري، من زوايا متعددة، تجمع عبور الشاحنات، وتنظيم السفر الى دمشق، والمطالبة لاحقاً باستعادة أموال السوريين من المصارف اللبنانية (إذا كانت موجودة)، فضلاً عن ضبط المعابر الحدودية، التي تشكل نقطة تقاطع للقوة العسكرية الحاكمة في سوريا والجيش اللبناني، لضرب اكثر من عصفور بحجر واحد، قد يكون الحجر الرئاسي واحداً من بينها.. لم يكن محض صدفة أن يعلن حاكم سوريا الجديد أحمد الشرع (المعروف بـ «أبو محمد الجولاني») أن البرلمان اللبناني سينتخب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، قبل أن تتقاطع حوله أصوات عربية ودولية (الولايات المتحدة في المقدمة) بصرف النظر عن أي اعتبار دستوري أو غيره.. وسط هذه المشهدية، غير المستقرة، تعقد الجلسة الخميس للإتيان برئيس على وقع «المباصحة» و«المناطحة» قبل فوات الأوان!

المصدر : اللواء