لبنانيات >أخبار لبنانية
"زبدة 18 عاماً"... إسرائيل تكشف تفاصيل جديدة عن اغتيال نصرالله ب14 مقاتلة و10 ثوانٍ فقط
الاثنين 6 01 2025 08:55جنوبيات
بعد مئة يوم على اغتيال إسرائيل للأمين العام السابق لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في أكبر عملية شُنّت على لبنان خلال الحرب الأخيرة، لا تزال الأسرار التي رافقت هذه العملية تتكشّف تباعاً، وآخرها ما سمحت الرقابة العسكرية في إسرائيل بنشره حول ما أسمته "عملية الزبدة" التي نُفذت خلال 10 ثوانٍ فقط!
بحسب تحقيق مطوّل لموقع "واللا نيوز" العبري، فإنّه "يتضح أنّ البلاغات عن مكان وجود نصرالله ومسارات تحركه وصلت إلى تل أبيب قبل بضعة أيام من اغتياله، فاتُّخذ القرار على أعلى المستويات، وتم تنفيذه بـ14 غارة على مجمع الأبنية التي تضمّ أنفاقاً، واستهدفت حتى مخارج النجاة الممكنة، فيما استمرّت الضربات الإسرائيلية أياماً عدة حتى تمنع أي عملية إنقاذ له أو لمرافقيه".
وتشير مصادر أمنية في تل أبيب للموقع، إلى أنّ ملاحقة نصرالله لاغتياله بدأت في "أمان" (شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي) و"الموساد" بُعيد حرب 2006، لكن القرار السياسي لم يُتخذ بهذا الشأن في حينه.
وتقرَّر فقط تتبع آثار نصرالله، حتى يتم العثور على الفرصة، فعندما تحين الفرصة، يجري التداول في الموضوع.
تضليل نصرالله
في القرير الإسرائيلي، عندما قرّر نصرالله مساندة غزة في 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، بدأت تتقدّم خطة الاغتيال ولكن تقرَّرتضليله إسرائيليّاً، وغرس الفكرة لديه بأنّ إسرائيل لا تنوي توسيع الحرب معه. وحينها، حرص "حزب الله" من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، على إبقاء الحرب محدودة في جنوب لبنان.
ويتّضح أنّ التصعيد الإسرائيلي تقرَّر في 16 أيلول (سبتبمر) 2024، أي قبل يوم من عملية "تفجير البيجر"، عندما أعلن عن فشل جهود المبعوث الأميركي آموس هوكستين لثني "حزب الله" عن مساندة غزة والتوصل إلى اتفاق لوقف النار، بعدما رفض الحزب المطلب الإسرائيلي بفكّ ارتباط لبنان مع جبهة غزة.
حينذاك، أعلن رئيس الوزراء بنيامين بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، أنّ إعادة سكان الشمال الإسرائيلي غير ممكنة إلّا إذا تمت عملية اجتياح بري للبنان، بحسب التقرير الإسرائيلي. وفي 17 أيلول (سبتمبر)، قرّر المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة (الكابنيت) إطلاق خطة الاجتياح.
كما قرَّر نتنياهو، وعلى عكس رغبة الجيش الإسرائيلي، تفعيل خطة تفجير أجهزة الاتصال (البيجر)، وفي اليوم التالي تفجير أجهزة اللاسلكي.
"زبدة" 18 عاماً
يضيف التقرير الإسرائيلي: في 19 أيلول (سبتبمر)، ألقى نصرالله خطاباً أعلن فيه أنّه لن يوقف القتال إلا إذا أوقفت إسرائيل الحرب على غزة، فاستخدمتها إسرائيل ذريعة للتصعيد ضد لبنان، وأطلقت سلسلة عمليات تصعيد، بلغت أَوْجها في الاجتياح البرّي في مطلع أكتوبر (تشرين الأول).
وقد تم خلال هذا الاجتياح، الكشف عن "زبدة" عمل دام 18 عاماً، في المخابرات الإسرائيلية، لجمع المعلومات الاستخبارية بواسطة عملاء وبواسطة أجهزة إلكترونية، عن جميع كوادر "حزب الله" فرداً فرداً، من الأمين العام والقيادة العليا، وحتى أصغر قائد مجموعة، وتم تتبُّع أثرهم، خطوة خطوة، وفي مقدمتهم نصرالله.
حماسة نتنياهو
يكشف التقرير الإسرائيلي، أنّه قبل أيام من اغتيال نصرالله، وصل ضابط الاستخبارات العسكرية إلى مكان وجود نصرالله، فقام رئيس "أمان" شلومو بندر، بجمع رؤساء الدوائر وطلب منهم إعطاء رأي في اغتياله، فوجد تأييداً بالإجماع. وطلب أن يسمع رأياً آخر متحفّظاً أو معارضاً فلم يجد، فتوجه إلى رئيس الأركان هيرتسي هليفي الذي صادق على العملية، ومن ثمّ تم رفعها إلى نتنياهو شخصياً، فوافق بحماس على الاغتيال.
كما أكد أنّ هذا نصرالله ليس قائداً لـ"حزب الله" فحسب، بل قائد تنظيم عسكري يعمل كما لو أنّه جيش، وله وزن كبير بين الأذرع الإيرانية، لدرجة أن الإيرانيين يعتمدونه لتسوية خلافات بين الأقطاب.
يكشف موقع "واللا نيوز" العبري كيف قرَّرت إسرائيلي البدء بما أسمته "عملية قصقصة أجنحته" أولاً، فتم اغتيال إبراهيم عقيل، في 20 أيلول (سبتمبر)، ومعه ثلّة من قادة الصفَين الثالث والرابع في "حزب الله"، بضربة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي 23 أيلول (سبتبمر)، أطلق رئيس الأركان حرباً شاملة على لبنان، واستهدفت مئات الغارات مجموعة كبيرة من القواعد والمقرات التابعة لـ"حزب الله"، وبينها مواقع سرية. وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإنه تَمَكَّنَ من تدمير 80 في المئة من القدرات العسكرية الهجومية للحزب، وتصفية عدد كبير من قادة المناطق في "حزب الله".
"غرور وغطرسة"
يقول أمير بحبوط، المراسل العسكري لموقع "واللا نيوز"، إنّ "نصرالله لم يفهم الرموز لتلك الضربات القاسية والمتلاحقة. وظل متشبّثاً بالربط ما بين لبنان وغزة".
يضيف: "نصرالله، الذي يعد نفسه أكبر الخبراء قدرة على معرفة إسرائيل وطريقة تفكيرها، غرق في الغرور والغطرسة، تماماً كما كان قادة أجهزة الأمن الإسرائيليون غرقوا في الغرور والغطرسة قبيل 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023. وظلّ يتحرك بحرية، وتحرك أيضاً فوق الأرض على عكس التوقعات. وهو لا يتوقّع اغتياله، بينما كان ضباط المخابرات العسكرية مقتنعين بضرورة اغتياله، وصبوا كل جهدهم لتتبع آثاره، وكانوا يقصفون بطريقة تضلّله، وتعزز قناعته بأنه ليس مستهدفاً".
"فرصة العمر"
يكشف التقرير الإسرائيلي أنّه قبل أيام قليلة من اغتيال نصرالله، توصلت إسرائيل إلى مكان وجوده الدقيق، ولم يكن ذلك عبر الأنفاق فحسب، بل أيضاً بالتحرّك فوق الأرض. وتوقَّعت إسرائيل وصوله إلى المقر القائم في عُمق الأرض، تحت مجمع سكني يضم 20 بناية ضخمة مرتبطة ببعضها البعض، في حي راقٍ في الضاحية الجنوبية، يوجد في الغرب منه حرج من الأشجار، وتقرّر أنّ هذه "هي فرصة العمر التي من النادر أن تتكرر".
وخلال 4 أيام، جرت متابعة تحركات نصرالله، على أعلى المستويات، وشارك فيها القادة الإسرائيليون من هيرتسي هليفي إلى قادة سلاح الجو، الذي تولى مهمة التنفيذ، فيما كانت الجلسة الأخيرة للأبحاث في حضور نتنياهو شخصياً. وتم إعداد سرب طائرات، وتزويد 14 طائرة مقاتلة بالأسلحة والذخيرة، حيث تحمل 83 عبوة بزنة 80 طناًّ، وتحدَّد موعد التنفيذ في الساعة 18:21 عند صلاة المغرب.
ويكشف التقرير، أنّه خلال 10 ثوانٍ فقط، كانت العملية منتهية، وقد انهارت الأبنية، وخلّفت في المكان حفرة عميقة ضخمة، كما تم قصف المخارج الممكنة لمنع أي شخص من الهرب. ويُشير التقرير إلى أنّ "القصف الإسرائيلي لم يتوقف أياماً عدة، وذلك لمنع قوات الطوارئ اللبنانية من التحرّك، فقد كان القرار: يجب ألّا يخرج أحد منهم حيّاً".