مقالات مختارة >مقالات مختارة
جوزاف عون رئيس يحمي لبنان لا المنظومة!
جوزاف عون رئيس يحمي لبنان لا المنظومة! ‎الخميس 9 01 2025 08:00
جوزاف عون رئيس يحمي لبنان لا المنظومة!


تتّجه الانظار اليوم الى الجلسة النيابية المخصّصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد فراغ امتد لأكثر من سنتَين وشهرَين في سدّة الرئاسة الأولى بفعل الانقسامات السياسية الحادة والممارسات الدستورية الخاطئة التي انتهجها بعض الفرقاء السياسيين في لبنان في سبيل تعزيز موقعهم التفاوضي في وضع شروط على شخص الرئيس وبرنامج عمله وتكبيل عهده الرئاسي حتى قبل انطلاقه.

تكمن أهمية جلسة اليوم أنها الجلسة الأولى المخصصة لانتخاب الرئيس بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين «حزب لله» واسرائيل، كما والجلسة الأولى بعد سقوط النظام البعثي وحكم آل الاسد في سوريا، والذي دخلت المنطقة بعده في حقبة جيوسياسية جديدة ما زالت في طور التكوّن، ولا شكّ أنها ستُرخي بظلالها على لبنان وعلى العهد المقبل منذ اللحظة الأولى لبدء ولاية الرئيس العتيد.

عامل اضافي حاسم ومؤثر سيفرض نفسه على جلسة اليوم هو التحرّك المباشر والفاعل والحاسم للموفد السعودي المكلّف بالملف اللبناني الامير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان آل سعود، الذي كانت له زيارتان الى لبنان إلتقى خلالهما مع السفير السعودي في لبنان وليد البخاري معظم الفرقاء السياسيين والنواب والكتل النيابية، وإن كانت هاتان الزيارتان بقيتا بعيدتَين عن عدسات الاعلام، الاّ أن الثوابت الحازمة التي أرادت السعودية ايصالها من خلالهما وصلت  بوضوح الى آذان الاصدقاء قبل الخصوم: يجب أن يكون لرئيس الجمهورية المقبل مواصفات تؤهله لتطبيق الطائف وبناء الدولة والجيش وبسط سلطة الشرعية على كامل الاراضي اللبنانية، والالتزام بتطبيق القرارات الدولية واتفاق وقف اطلاق النار بعيداً عن التشاطر والتذاكي، والمباشرة بعملية اصلاح سياسي شامل، وأن هذه الصفات تنطبق حصراً على شخص قائد الجيش العماد جوزاف عون، وان كان الموفد السعودي في زيارته الاولى قد أشار اليه بالاسم في بعض الاجتماعات واكتفى في أخرى على الحديث عن مواصفاته، فإن زيارته الثانية يوم أمس حملت عنواناً واضحاً « جوزيف عون ولا أحد سوى جوزاف عون».

لم يعُد بالتالي اسم الرئيس الذي ترتاح له المملكة العربية السعودية لغزاً يحتاج لفك شيفرته، ومع توضّح الموقف السعودي خلال اليومَين الماضيَين، وخاصة يوم امس بالتزامن مع الزيارة الثانية للموفد السعودي، توالت بيانات ومواقف الاحزاب والكتل والنوّاب الذين اعلنوا تأييدهم لانتخاب العماد جوزاف عون، لكنّ ستبقى الانظار موجّهة الى جلسة اليوم للوقوف على مسارها وكيفية تعاطي الرئيس نبيه برّي وكتلتيّ التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة مع ترشيح قائد الجيش، وعدد الأصوات التي ستُعطى له.
وممّا لا شكّ فيه أن الرئيس برّي يُدرك أن التجاوب مع خيار انتخاب قائد الجيش، في ظلّ التوافق الداخلي الواسع عليه، والموقفان العربي والدولي الداعمان لانتخابه بدون تحفّظ وبدون فتح اي باب للتنافس غير المجدي، من شأنه تأمين الحماية العربية للبنان عبر انخراط المملكة العربية السعودية بشكل واضح في مساعدة لبنان على الخروج من أزماته، كما وتوفير الغطاء الدولي للاستمرار في تنفيذ مقتضيات اتفاق وقف اطلاق النار وانتشار الجيش اللبناني جنوباً واستكمال الانسحاب الاسرائيلي من البلدات الحدودية التي بقيَ فيها، أما الاخفاق في التعاطي الايجابي مع الانفتاح السعودي الجديد على لبنان وتجاهل البصمات الخيّرة للمملكة في لبنان منذ عقود واحتضانها لمؤتمر المصالحة الوطنية في الطائف الذي أنهى الحرب الاهلية في لبنان، فسيضعه أمام مخاطر كبيرة ليس أقلّها انكفاء أي اهتمام سعودي وعربي وحتى دولي بالشأن اللبناني، وبقاء لبنان يتخبّط بأزماته وهو غير قادر على اعادة الاعمار وبناء الدولة ومواكبة التغيّرات الحاصلة من حوله، وسيكون النجاح الوحيد الذي يُمكن توقعّه من خلال تفشيل جلسة الانتخاب اليوم، رغم أن هذا الخيار مستبعد، هو نجاح المنظومة في استمرار تعطيل الدولة ولو كان ذلك على أنقاض الكيان اللبناني وعلاقاته الدولية والعربية ومع السعودية بشكلٍ خاص.
إذاً لبنان على موعد تاريخي اليوم، للخروج من حالة الفراغ الرئاسي وحكومات تقطيع الوقت وتصريف الاعمال، كما والخروج من حالة العزلة الدولية وتلمّس الاشارات السعودية الواضحة التي بقي لبنان ينتظرها منذ عدة سنوات وتحديداً منذ نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان، بعد أن أقفل عهد الرئيس العماد ميشال عون أي نافذة ولو صغيرة في ملف العلاقة اللبنانية السعودية، فهل ينجح عهد الرئيس العماد جوايف عون في فتح نافذة أمل واسعة على اعادة الاعتبار للدولة اللبنانية ويُعيد الدفء الى العلاقات اللبنانية العربية ومع المملكة العربية السعودية تحديداً، الجواب ستحمله الجلسة النيابية اليوم.

المصدر : جريدة اللواء