عربيات ودوليات >اخبار عربية
القلق يسيطر على أبناء الطائفة العلوية في حمص
القلق يسيطر على أبناء الطائفة العلوية في حمص ‎السبت 11 01 2025 08:28
القلق يسيطر على أبناء الطائفة العلوية في حمص

جنوبيات

في مدينة حمص ثالث أكبر مدن سوريا، يسيطر القلق على أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد بعد أيام من حملة أمنية للسلطات الجديدة في أحيائهم بحثاً عن "فلول النظام"، اعتقل على إثرها المئات، وفق ما نقل سكان.

في وسط حمص، تضجّ السوق بسكّان أتوا لشراء الفاكهة والخضار من باعة وسط مبان ينخرها الرصاص.

لكن عند مداخل الأحياء ذات الغالبية العلوية، وقف مسلحون بلباسهم العسكري عند نقاط تفتيش أقيمت حديثاً بعد رفع حظر للتجول هذا الأسبوع.

وأفاد العديد من سكان المناطق العلوية في حمص التي استهدفتها عمليات التمشيط وكالة "فرانس برس" باعتقال شباب، حتى جنود سلموا أسلحتهم وخضعوا للتسوية.

وطلب جميع من تحدّثت إليهم "فرانس برس" عدم الكشف عن هويتهم لمخاوف ترتبط بسلامتهم.

وقال شخصان من المدينة إنَّ نقطة تفتيش أزيلت بعد شكاوى سكان عقب قيام مسلحين كانوا عندها بسؤال الناس عن طائفتهم.

وقال أحد سكان حي الزهراء ذي الغالبية العلوية: "ما نعيشه ونلمسه حتى الآن هو واقع الخوف". وأضاف "في البداية كانت حالات فردية، لكن لا يمكن تسميتها بذلك بعدما كثرت".

"النسبة الكبرى مدنيون"

ومنذ وصولها إلى السلطة في الثامن من كانون الأول (ديسمبر)، تحاول القيادة الجديدة في سوريا طمأنة الأقليات. لكن يخشى العلويون من ردود فعل عنيفة ضدهم لارتباطهم الطويل بعائلة الأسد.

ونفت السلطات أن تكون ارتكبت أي انتهاكات.

وأفاد عضو مجلس الشعب عن محافظة حمص سابقاً شحادة ميهوب بأنه وثق انتهاكات واعتقالات للمئات أبلغ عنها سكان حي الزهراء في المدينة.

وقال لوكالة "فرانس برس": "لدي حتى الآن 600 اسم معتقل (في حي الزهراء)"، مضيفاً أن "عدد الموقوفين يتجاوز 1380 شخصاً" في كامل مدينة حمص.

وأوضح ميهوب أن من بين المعتقلين "عمداء متقاعدون وعقداء أجروا التسوية في المراكز النظامية، لكن النسبة الكبرى (من المعتقلين) هم مدنيون وجنود" كانوا في الخدمة الإلزامية.

وفتحت الإدارة الجديدة للبلاد بعد إطاحتها الأسد، مراكز تسوية في مختلف المدن السورية، ودعت الجنود السابقين إلى تسليم أسلحتهم.

في حي السبيل في المدينة، أبلغ ميهوب عن تعرّض مجموعة من الضباط للضرب أمام زوجاتهم وأبنائهم.

وقال ميهوب إنَّ السلطات في حمص تجاوبت مع شكاوى المواطنين ووعدت بالإفراج عن المعتقلين قريبا، مضيفاً أن بعض الجماعات الحليفة لهيئة تحرير الشام ومسلحين آخرين كانوا وراء الانتهاكات.

وقال رجل آخر في حي الزهراء لفرانس برس إنه لا يعرف شيئا عن ابنه الذي كان جندياً في الجيش منذ اعتقاله عند نقطة تفتيش في ريف حماه الأسبوع الماضي.

"غضب"

وقال مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبد الرحمن لـ"فرانس برس" الأسبوع الماضي إنَّه تم توقيف 1800 شخص على الأقل في مدينة حمص وريفها، غالبيتهم من العلويين.

ومنذ إطاحة الأسد، تصاعدت أعمال العنف ضد العلويين في أرجاء سوريا. وسجّل المرصد السوري مقتل 150 علوياً مذّاك، لا سيما في محافظتي حمص وحماه.

ولقّبت مدينة حمص الواقعة في وسط البلاد في بداية النزاع الذي اندلع عام 2011، بـ"عاصمة الثورة". فقد كانت من أوائل المدن التي نزل فيها الناس إلى الشوارع للتظاهر. وتعرّضت الاحتجاجات في هذه المدينة خصوصاً لقمع شديد، ووصل فيها العنف الطائفي إلى ذروته خلال الحرب.

وتضمّ حمص غالبية من المسلمين السنّة فضلاً عن أقلية علوية ومسيحية.

في الأيام الماضية، أظهرت مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت مسلحين يجمعون رجالاً في حمص ويأمرونهم بالجلوس القرفصاء وإصدار أصوات نباح، بينما ظهر في أحد المقاطع مقاتل يطأ على المعتقلين.

وتعذر على وكالة "فرانس برس" التحقق منها جميعا، لكنها تحدّثت إلى محمّد أبو علي (21 عاماً) العنصر في هيئة تحرير الشام، الذي صوّر نفسه وهو يأمر عددا من المعتقلين بـ"النباح".

وقال لوكالة "فرانس برس" إنَّ "هؤلاء (الذين ظهروا في الفيديو) مجرمون وشبيحة...ارتكبوا مجازر" في حمص خلال السنوات الأولى للحرب.

وأضاف: "نحن اعتقلناهم وسلمناهم للجهات المعنية".

وأوضح أن سبب طلبه للمعتقلين بالنباح مرتبط "بالغضب من أجل الأشخاص الذين قتلوا" ومنهم والداه واخوته الذين قتلوا في حمص وفق قوله.

"سئمنا الحرب"

وقال مسؤول في هيئة تحرير الشام في حمص يُدعى أبو يوسف إنَّ عناصر وزارة الداخلية عثروا على "ثلاثة مخازن أسلحة وألقوا القبض على عشرات المطلوبين" خلال عمليات تمشيط المدينة.

وأعلنت إدارة الأمن العام في حمص الاثنين انتهاء حملة تمشيط استمرت خمسة أيام في أحياء المدينة، إلا أن المسؤول أفاد بأن حملة التفتيش مستمرة، والمكان "لم يتم تنظيفه بشكل كامل من فلول النظام".

وأوضح "نريد الأمن والأمان للجميع، للسني والعلوي والمسيحي وللجميع".

في طرف آخر من المدينة، يُخيم الدمار على جوانب طرقات حي باب عمرو معقل فصائل المعارضة الذي استعاد الجيش السوري السيطرة عليه في العام 2012. ولا تزال آثار الرصاص والقذائف ماثلة على جدران المنازل وأبوابها.

وبعدما فرّ إلى لبنان قبل عقد من الزمن، عاد فايز الجمال (46 عاماً) مع زوجته وأبنائهم السبعة إلى منزلهم، ووجدوه مدمرا بدون أبواب ولا نوافذ.

ويشير بيده إلى أماكن بين المباني المدمرة حيث قتل أو اختفى جيرانه وأصدقاؤه، لكنه لا يريد الانتقام. ويقول "لقد سئمنا الحرب والذل، نريد فقط أن يتمكن الجميع من عيش حياتهم، نحن ضد الطائفية"

القلق يسيطر على أبناء الطائفة العلوية في حمص
القلق يسيطر على أبناء الطائفة العلوية في حمص
المصدر : النهار