لبنانيات >أخبار لبنانية
النزاع بين المهربين اللبنانيين والسوريين: الإمرة لِمَن؟
الثلاثاء 21 01 2025 11:51جنوبيات
يتلخص النزاع المتأجج بين المهربين اللبنانيين والسوريين عند الحدود الشرقية للبنان وسوريا في منطقة الهرمل بسؤال: “الإمرة لمن؟” الهدف هو الحفاظ على استمرارية أعمال التهريب. أما عمق المشكلة الحدودية، فيعود إلى سنوات طويلة، تبدأ بغياب تحديد الترسيم وصولاً إلى الظروف السياسية التي حتّمت وجود مجموعات خارجة عن القانون.
أياً تكن التعقيدات، فإن لجنة رئيس الفريق الفرنسي لأعمال المسح العقاري في سوريا ولبنان كميل دورافور قد ورثت، إلى جانب لجان حدودية أخرى أُنشئت في زمن الانتداب، إرثاً ثقيلاً من المشكلات الحدودية البرية لا تزال عالقة منذ أكثر من قرن، من بينها وجود 17 نقطة حدودية مثيرة للتساؤلات.
ما بين نظام ساقط، وبزوغ إدارة سورية جديدة تسعى الى إعادة ترتيب أوراقها، تواجه الأخيرة مروحة واسعة من التحديات والملفات عند الحدود مع لبنان، منها تعزيز سيطرة الدولة على السلاح، ومكافحة نشاطات الشبكات المسلحة، وتنظيم حركة المعابر الشرعية بين البلدين، فضلاً عن ضبط المعابر غير الشرعية لوقف أعمال التهريب، وتدريب عسكريين للقيام بمهمات حماية الحدود.
من هذا المنطلق، يوضح أحد القياديين في الإدارة الجديدة لسوريا لـ”النهار” أن الإدارة “أخذت في الاعتبار الظروف الخاصة بالمنطقة، ولا سيما منها ما يتعلق بالتهريب ووجود المطلوبين، علماً أن الأمر بدأ يتجه الى مزيد من ضبط الأوضاع وترتيب أوسع في هذه المناطق”.
ويؤكد “أن الأمور ستشهد حزماً وصرامة أكثر وعدم تساهل في مواجهة هذه التحديات، خصوصاً أن ما يحدث لا يتجاوز كونه صراعات بين مهربين يتنازعون في ما بينهم”.
اليوم تتطلب الظروف تسليط الضوء على هذه النقاط الخلافية الحدودية بين الدولتين، لضمان الأمن والاستقرار.
يقول المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان “اليونيفيل” العميد المتقاعد منير شحادة لـ”النهار”: “على الرغم من الجهود التي بذلتها اللجنة في تحديد القرى الواقعة على الحدود السورية، لم تُستكمل عملية المسح العقاري لكل القرى المتاخمة للحدود مع انتهاء الانتداب الفرنسي، ناهيك بكثرة المشاكل العقارية التي أخرت عملية التحديد والتحرير، وقد اعتُبرت تلك الحدود التي مسحت حدودا دولية تفصل بين البلدين، بما في ذلك مناطق محافظة بعلبك الهرمل”.
ويوضح أن “القضايا العقارية بين لبنان وسوريا تظهر منذ الخمسينيات حتى اليوم. ففي عام 1951، تم إنشاء لجنة مشتركة بين البلدين لمعالجة القضايا الحدودية. ومن هذه اللجنة انبثقت لجان فنية وعقارية مشتركة، وثّقت قراراتها في محاضر مرتبة ورقمية، واحتوت على خرائط ورسوم توضح الحقائق والمصالح المشتركة.
ثم قامت لجنة عام 1970 بإعداد خرائط عقارية وطوبوغرافية لمناطق النزاع، إلا أنها لم تُعتمد من الهيئات الرسمية في كلا البلدين. عقب انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005، شكلت الأمم المتحدة لجنة للتحقق من الانسحاب، لكنها عجزت عن التأكد من عودة جميع القوات بسبب غياب التحديد الرسمي للحدود. أما المجلس الأعلى اللبناني-السوري، وعلى الرغم من إجرائه مصالحات بين المزارعين على الحدود، فلم تثمر جهوده حدودا قانونية واضحة، مما ترك الأمور في حالة من الضبابية حتى يومنا هذا”.
ويصنف شحادة الحدود بين لبنان وسوريا بثلاث فئات رئيسية:
1. الحدود التي تم تحديدها نهائياً وفقاً للقرار 153LR وخرائط دورافور.
2. الحدود التي تم تحديد مناطق الخلاف فيها، والتي تستند إلى خرائط دورافور أو خرائط خاصة بكل من البلدين، حيث تم توثيق مناطق الخلاف خلال عمليات التحديد.
3. الحدود التي لا تزال محل نزاع ولم يتم تحديد مناطق الخلاف فيها نهائيا، وتشمل أجزاء أخرى من الحدود التي اعترض عليها بعض المواطنين اللبنانيين أو السوريين أثناء عمليات مسح الأراضي، أو بسبب استثمار أراض يعتبرونها ملكاً لهم أو مشاعا بين قراهم.
وهناك 27 نقطة خلافية على الحدود الشرقية تمتد من الجنوب إلى الشرق ثم إلى الشمال، ومن بينها 17 نقطة خلافية تقع في محافظة بعلبك الهرمل التي تمتد من شمالها إلى جنوبها:
١- أكروم وأكوم.
٢- هرمل الشربين وبلوزة.
٣- هرمل وبلوزة.
٤- الهرمل ووريشة.
٥- القاع وجوسة العمار.
٦- القاع يعبوت وقارة.
٧- راس بعلبك وقارة.
٨- راس بعلبك وشرق قارة.
٩- عرسال وقارة وجريجير وفليطة ومعرة.
١٠- نحلة ومعرة.
١١- عمشكة وجبة.
١٢- شعيبة وعسال الورد.
١٣- طفيل وعسال الورد.
١٤- عين الجوزة ورنكوس.
١٥- حام وسرغايا.
١٦- معربون وسرغايا.
١٧- جنتا وسرغايا.
وفي البقاع الاوسط والجنوب:
١٨- قوسايا وعيتيب.
١٩- عنجر وجديدة يابوس.
٢٠- عيتا الفخار ويابوس.
٢١ – عنجر وكفر يابوس.
٢٢- حلوة ويابوس.
٢٣- دير العشاير.
٢٤ – كفرقوق.
٢٥- شبعا وجباتا الزيت.
٢٦- شبعا ومغر شبعا.
٢٧- النخيلة والغجر.
ويرى شحادة أن “الطريقة المثلى لتحديد هذه النقاط هي التزام المرسوم الاشتراعي رقم 5 وما يتعلق به من ملاحق ونصوص واتفاقيات معترف بها، وأهمها القرارات رقم 318 و153LR و27LR، مع اعتبار الحدود العقارية حدودا دولية، وتوضيح مناطق الاختلاف بدقة، بالإضافة إلى فصل موضوع الملكية العقارية عن موضوع الحدود الدولية لتحقيق الاستقرار والوضوح المطلوب، وفي غياب أي نزاع، يمكن اعتبار الحدود الإدارية لهذه القرى حدودا دولية”.
في المحصلة، الحل هو إلغاء معاهدة التنسيق والأخوة، وكذلك حل المجلس الأعلى اللبناني-السوري، وهذا يحتاج إلى تعاون برلماني بين البلدين لإلغاء الاتفاقية والمجلس، وبدء العمل لإعداد ترتيبات جديدة تتناسب مع التغييرات الحالية.