بأقلامهم >بأقلامهم
أسئلة الى الرئيس المكلف نواف سلام
جنوبيات
اسئلة توجه الى دولة الرئيس المكلف نواف سلام حفظه المولى:
السؤال الاول: هل ينتبه دولته الى ان الثقافة العالية والخبرة خارج لبنان، هو أمر يختلف عن الممارسة السياسية مع زعماء الطوائف و"العشائر" اللبنانية، ومع الواقع اللبناني المعقد.
لقد خبرنا ان اي متخرج من جامعته، على سبيل المثال، يكون متباهياً بما عنده من العلم، يشعر بالتعالي على الآخرين، ثم لا يلبث ان ينتبه لنفسه بأن علمه، ولو كان عالياً، يحتاج الى التجربة والممارسة، فالعلم في الكتب شيء والخبرة والممارسة شيء آخر، لا بد منه حتى يكتمل العلم.
من هذا المنطلق نقول: نحن نقدّر عالياً ما يحمل دولة الرئيس من شهادات وما مارسه من الخبرة في المجال الجامعي والسياسي والدبلوماسي والقضائي الدولي، كما نقدر ما كتبه من كتب وابحاث عن اتفاق الطائف وما بعده، وعن التركيبة اللبنانية ... الخ، ولكننا نريده ان يقول لنا: هل النزول الى ساحة العمل السياسي في لبنان هو نفسه ما خبره في نيويورك ولاهاي وغيرهما؟، وما كتبه في الكتب والابحاث؟.
وهنا يطرح السؤال التاريخي: لقد رغب الرئيس فؤاد شهاب، على سبيل المثال، ان يستغني عن الطبقة السياسية، التي سماها (اكلة الجبنة)، ولكنه اضطر الى التعامل مع هذه الطبقة لانه وجد ان الواقع اللبناني يفرض عليه ذلك، فهل سيخضع الرئيس المكلف للواقع اللبناني أم يستطيع ان يستعين بالزخم الداخلي والخارجي الذي رافق تكليفه وانتخاب الرئيس عون لتجاوز العقبات الداخلية؟ الله اعلم.
ان كثيرا من المؤشرات تشير الى تجاوز بعض هذه العقبات، والله اعلم.
السؤال الثاني: هل يعتقد فعلا الرئيس المكلف ان ما سميّ بثورة 17 تشرين هي فعلا ثورة، أم انها قامت بفعل فاعل، وان ثمة تدخلاً خارجياً حرك أناساً محددين، وسرب شعارات معينة وأوهم اللبنانيين أنهم على عتبة عصر جديد من الاصلاح، وان المشكلة كانت فقط في الفساد الداخلي، ولم تكن من "المؤامرة"الخارجية" التي منعت الموارد الخارجية عن لبنان، وكما قال (بومبيو) وزير ترامب وقتها: على اللبنانيين ان يجوعوا حتى يلفظوا حزب الله من صفوفهم، وتصاريح اميركية كثيرة في هذا الاتجاه، وتسريبات متنوعة وصلت الى مراجع سياسية ودينية وغيرها.
السؤال الثالث: لقد افرزت احداث تشرين 2019 انتخابات اتت "بالتغييريين" الى بيروت وبعض المناطق، ورفعوا شعارات "تشرين"، فهل كان لهؤلاء ان يفوزوا لولا التدخل السعودي: لقد شُطب تيار المستقبل من المعادلة ومُنع من خوض الانتخابات بقرار خارجي تماماً، واحتل مقاعد المستقبل او اكثرها هؤلاء "التغييريون"، فهل يعتبر هؤلاء ممثلون حقيقيون لناخيبهم أم انهم عبأوا الفراغ الذي فُرض خارجياً على هذه المقاعد؟ هذا طبعاً بغض النظر عن رأينا في مواقف وممارسة تيار المستقبل.
وبالتالي كم يمثل المجلس النيابي بانقسامه الحالي الواقع اللبناني، وبالتالي هذا المجلس هو الذي سيعطي الثقة للحكومة العتيدة.. اذن، ثمة خلل في المقاييس التي ستنال الحكومة الثقة على اساسها، فكيف سيتصرف دولته ازاء هذا الامر.
السؤال الرابع: لقد سمعنا من دولته، ان اميركا وبريطانيا واليابان واوكرانيا، فقط هي الدول التي لم تصوت لدولته لرئاسة محكمة العدل الدولية، وهذا ينفي عنه تهمة التبعية لاميركا، كما تم تصويره عندما طُرح اسمه كرئيس حكومة، هل سيستطيع ان يضع حداً للتدخل الاميركي حيث لا ينبغي، هل يستطيع ان يوجد موقفاً وسطاً بين الحاجة لاميركا وبين منعها من تجاوز الحدود المقبولة للتدخل؟.
السؤال الخامس: لقد طرح الرئيس المكلف نفسه كعلماني، او كأقرب للعلمانيين من غيرهم، وهو يمثل السنة من خلال موقعه: كيف سيوازن بين الامريْن، وهل سيطرح الاشكاليات التاريخية : كالزواج المدني وحقوق المثليين؟.
السؤال السادس: لقد كان موقفه كرئيس محكمة لاهاي الدولية مميزاً، عندما طالب اسرائيل بوقف العدوان، ولكنه عمد الى التوازن فطالب باطلاق "الاسرى او الرهائن" في غزة دون قيد او شرط، دون الحديث عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية والذين يعانون من الاعقتال الاداري التعسفي وغير ذلك، فهل هو مقتنع تماماً بأن الأمرين متوازيان، ويبقى موقفه في لاهاي مميزاً، يضاف اليه تجربته المباشرة مع اليسار اللبناني والمقاومة الفلسطينية في السبيعنات، فهل يعتبر تلك المرحلة مثلا من نزوات الشباب، أم أنها التزام اخلاقي لا يتغير بتغير الظروف؟.
السؤال السابع: لعله الاهم: كيف يفسر القرار 1701؟ جنوب الليطاني أم كل لبنان؟ وهل ثمة آلية وامكانية تمكن الجيش اللبناني والقوى الامنية ان تطبق هذا القرار ببعض بنوده التي تظهر وكأنها غير قابلة للتنفيذ، مقابل ما يمكن ان ينتج عن التطبيق الحرفي للنص من انقسامات داخلية؟.
هنا السؤال الاصعب والامتحان العسير... نرجو له التوفيق.
واخيراً: نتمنى للرئيس سلام التوفيق في مهمته الصعبة، ولكنها ليست مستحيلة، عسى ألا تخيب آمال اللبنانيين في مرحلة جديدة سبقها تفاؤل عريض.