عام >عام
اللواء عباس إبراهيم: تحية كبيرة إلى بيروت
السبت 25 03 2017 10:09أهلي أبناء بيروت الأحباء..
بيروت التي تُعطي من دون حدود، بيروت التي ارتحل اليها كل لبنان بحثا عن علم وعمل، وعن وطن كثر الساعون الى تمزيقه بنار الفتن، فهبت ست الدنيا تجهضها. بيروت التي تقرأ في شوارعها كل لغات الأرض، بيروت الصروح التربوية والمعالم الدينية، بيروت التي لا ترفع راية بيضاء كما قال فيها وعنها الشاعر محمود درويش، بيروت حاضنة الفقراء والعمال، وملجأ الهاربين إليها من العنف والقمع، من بيروت عاصمة لبنان، لكم ولأهلها الكرام ألف ألف تحية.
إنّه لشرف كبير أن أقف معكم وبينكم، مكرّما من أهلي وأحبائي، ابناء بيروت الميامين، الذين يتميزون بالوطنية والحق والانسانية وبالارادة الطيبة والصادقة. كنتم وما زلتم خير عضد لمؤسساتكم العسكرية والأمنية، خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخنا حيث تزداد فيها القلاقل والاضطرابات والصراعات الإقليمية والدولية.
قلت سابقا وأعود لأؤكد أنّ للعالم أنْ يخطّط ما يريد وهو يفعل، لكن النتائج ليست قدرا إذا ما تمسكنا بوحدتنا الثقافية والوطنية والسياسية التي صنعها آباؤنا وأجدادنا بالتعب والجهد. كما أؤكد لكم أيضا ان لبنان الذي تعرفونه جيدا، لا يزال يملك فرصة استثنائية للبقاء قويا بوجه الارهابين الإسرائيلي والتكفيري إذا ما أحسن أبناؤه صون وحدتهم عبر الحوار والتفاعل الانساني، وإذا ما أحسنت مكوناته التي تتميز بالتعددية الثقافية والروحية، الاستثمار بالعقل لا بالغرائز للعبور من غيتوات الهواجس الى فضاء الوطن.
أهلي وأحبائي
ليس صحيحا أنّ التوازن الأمني هو المدخل الى الإتزان السياسي، بالقدر الذي ليس صحيحا ايضا ان الأخير هو الطريق إلى الأول، بل عين الصواب هو ان بقاء لبنان رهن بالاتزان السياسي والتوازن الأمني، وفهم معناه كرسالة وكدور في المنطقة والعالم. والضرورة السياسية القصوى في هذه المرحلة تكمن في التمسك بالوطن والمواطنة وليس بالهويات الضيقة، والالتزام بالديموقراطية نهجا وممارسة وليست كفاصل انتخابي بين محطة وأخرى.
إنّ النظام السياسي ليس نصوصا أو هيكلية، بل هو تعبير عن الحياة الوطنية التي ارتضيناها ونشأنا عليها. هو مؤسسات فاعلة، وظيفتها، لا بل دورها، صياغة العلاقة الحقوقية والانسانية والاخلاقية بين المواطن والدولة، وبناء الثقة من خلال المشاركة الإيجابية في كل مناحي الحياة، ليكون لنا دولة آمنة وليس سلطة أمنية قمعية.
وهنا أود أن أطرح عنوانا هاما هو قضية اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين التي ترهق البلد، فليس صحيحا تلك العنصرية التي تتبدى من هنا او هناك، وهي خطيرة، كما دعوات التساهل اللامبالية الى حد الاستهتار، أن في الامرين خطورة شديدة، لأنه في الحالتين تخلى المجتمع الدولي عن هاتين القضيتين، وأدار ظهره حتى صار الامر استنزافا امنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وديموغرافيا وبيئيا على لبنان واللبنانيين، وأن أي سقوط أمني في اي مخيم من المخيمات أو التجمعات، سواء كانت فلسطينية أو سورية، يعني محاولة لتفجير الوطن، لن تمر مهما كانت الذرائع ومهما عظمت التضحيات، وعلى من يتوسل الدم من اجل مناكفات سياسية، أنْ يعرف أنّ زمن لبنان الساحة ولى، وانه ممنوع المساس بالأمن اللبناني، وأن لا شيء يبرر إيواء إرهابيين وانغماسيين او السكوت عنهم، بل على العكس من ذلك تماما، فمصلحة اخواننا السوريين او الفلسطينيين تكون بإدراكهم ان امنهم من امن لبنان واللبنانيين.
إنّنا كلبنانيين معنيون بالالتفاف حول الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية لتحصين لبنان بوجه التطورات المتسارعة دوليا واقليميا، وبوضع الحوار كآلية وحيدة لا بديل عنها لمعالجة الاختلافات والخلافات السياسية، فدروس التاريخ حاضرة، وكلها أثبتت للجميع عقم محاولة الاستثمار على الوقت او على الخارج وفشلها، وهدفنا يجب ان يتركز على حماية لبنان التنوع ولبنان الرسالة ولبنان العيش الواحد.
يا أهل بيروت الاعزاء، اسمحوا لي ان اعبّر لكم عن سعادتي واعتزازي في الوقوف بينكم مكرما، وأمامكم مدافعا عن عاصمتنا بيروت، شاكرا لكم حضوركم، مثمنا عاليا مبادرتكم وكل من ساهم في إنجاح هذا اللقاء المميز.
عشتم عاشت بيروت وعاش لبنان…
* نص الكلمة التي ألقاها المدير العام للأمن العام خلال حفل تكريمي أقامه على شرفه «تجمّع أهالي بيروت» أمس.