انسحب الجيش الإسرائيلي من عدة قرى في جنوب لبنان مع انتهاء المهلة الثانية للانسحاب، لكنّه قرّر البقاء في خمس تلال إستراتيجية تتقابل مع مستوطنات إسرائيلية.

وقد صرح الجيش الإسرائيلي أنه يعتزم الاحتفاظ بهذه التلال رغم رفض حزب الله، ما يثير المخاوف من أن بقاء إسرائيل في هذه المواقع قد يهدد استقرار الهدنة الهشة في المنطقة.

وانسحب الجيش الإسرائيلي من عدة قرى وبلدات في الجنوب اللبناني، من بينها يارون، مارون الراس، بليدا، ميس الجبل، حولا، مركبا، العديسة، كفركلا والوزاني، في وقت كانت قد انتهت فيه المهلة الثانية للانسحاب.

وبالتزامن مع هذا الانسحاب، تمسك الجيش الإسرائيلي بتلال الحمامص والعويضة والعزبة وجبل بلاط واللبونة، وهي مواقع يعتبرها إستراتيجية ولا يمكنه التخلي عنها، رغم رفض حزب الله لهذه الخطوة.

وفي المقابل، انتشر الجيش اللبناني في المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك المواقع الحدودية في منطقة جنوب الليطاني، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).

ورغم أن الاتفاق كان من المفترض أن يضمن عودة السيطرة الكاملة للجيش اللبناني على جنوب لبنان بحلول نهاية كانون الثاني 2025، تم تمديد المهلة إلى 18 شباط 2025، ليعلن الجيش الإسرائيلي عن بقاء قواته في خمس مواقع عسكرية، متهمًا حزب الله بعدم الالتزام بالاتفاق.

من جانبه، حمّل الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم القاسم، الدولة اللبنانية مسؤولية تنفيذ انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية، مؤكدًا أنه لا مبرر لبقاء إسرائيل في أي نقطة من لبنان بعد تاريخ 18 شباط 2025.

وقال: "إذا بقيت إسرائيل داخل لبنان بعد هذا التاريخ، فهي محتلة، والكل يعلم كيف يتم التعامل معها".

وأضاف قاسم أن المقاومة ستكون جاهزة للتعامل مع "الإسرائيلي" في حال استمر وجوده.

ويتمركز الجيش الإسرائيلي في خمسة مواقع استراتيجية في جنوب لبنان التي تعتبر حيوية لمستوطنات إسرائيلية تقع في الشمال، وهي:

تلة الحمامص في القطاع الشرقي: تقع على ارتفاع 900 متر فوق سطح البحر، بالقرب من بلدة الخيام وتطل على قرى جنوب لبنان مثل بلاط، مركبا، العديسة، حولا، كفركلا، والوزاني.

تلة العويضة في القطاع الأوسط: تعدّ الأعلى في القطاعين الأوسط والشرقي، وتطل على أودية مثل السلوقي والحجير، وعلى قرى شمال الليطاني، بالإضافة إلى مستوطنات إسرائيلية.

تلة العزبة في القطاع الأوسط: تبعد حوالي 2 كيلومتر عن الحدود، وتشرف على مجرى نهر الليطاني وتطل على مستوطنات إسرائيلية مثل زرعيت.

جبل بلاط في القطاع الغربي: يبعد 800 متر عن الخط الأزرق، وهو يشرف على مستوطنات مثل شتولا وزرعيت.

تلة اللبونة في القطاع الغربي: تقع على بعد 300 متر من الحدود، وهي تطل على مستوطنات الجليل الغربي مثل روش هانيكرا وناحاليا.

ووفقًا لوزير الجيش الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، فإن الجيش الإسرائيلي سيستمر في فرض السيطرة على المنطقة العازلة التي تمتد عبر هذه المواقع الخمسة. وأكد كاتس أن الهدف من هذه الخطوة هو ضمان الأمن الكامل لمستوطنات الشمال الإسرائيلي.

من جانبه، شكك المحلل العسكري الإسرائيلي يوسي يهوشع في أن هذه النقاط الخمس ستشجع المستوطنين على العودة إلى منازلهم بأعداد كبيرة بدءًا من 1 آذار 2025. وقال يهوشع إن الوضع العسكري الإسرائيلي، رغم الإنجازات على الأرض، لم يترجم بعد إلى استقرار سياسي كامل في المنطقة، خاصة في ظل المخاوف من استفزازات محتملة من حزب الله.

وأكد المحلل العسكري أن أحد الجوانب الإشكالية في اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان هو غياب منطقة عازلة تحظر دخول أي مدني إليها، ما يتيح إمكانية تواجد عناصر حزب الله في بعض المناطق.

وأشار إلى أنه رغم الضربة القوية التي تلقتها "قوة الرضوان" التابعة لحزب الله، إلا أن هناك مخاوف من استفزازات مستقبلية قد تجر المنطقة إلى مواجهات جديدة، وهو ما قد يعيد إشعال القتال في جنوب لبنان.

ووفقًا لصحيفة "يسرائيل هيوم"، طلبت السلطات الإسرائيلية من سكان مستوطنة المطلة دخول المناطق المحمية ثلاث مرات خوفًا من تسلل طائرات بدون طيار، مشيرة إلى أن سكان مستوطنات الشمال ما زالوا يواجهون حالة من عدم الثقة في الجيش اللبناني، فضلاً عن الأزمة التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي نفسه.

وأضافت الصحيفة أن سكان المستوطنات في الشمال يتخوفون من أن يتمكن حزب الله من العودة إلى المناطق المحاذية للحدود في أي وقت، مما يزيد من حالة القلق العام حول أفق الوضع الأمني في المنطقة.