لبنانيات >أخبار لبنانية
هل يُصبح الحدّ الأدنى للأجور 1000 دولار؟


جنوبيات
لم يعد السكوت عن الظلم الذي لحِق بشريحة كبيرة من اللبنانيين أمراً عادياً، لا سيّما أنّ السواد الأعظم بات تحت خط الفقر برواتب لا تتجاوز الـ200 دولار في الشهر فيما الحدّ الأدنى للسلة الغذائيّة فقط يتخطّى الـ420 دولاراً، بما يعني أنّ أقل راتب يجب ألا يكون أقل من ألف دولار.
هل يكون لحكومة نواف سلام القدرة على تصحيح الأجور بما لا يُشكّل أعباء إضافيّة على الخزينة ويُنصف من تدهورت قيمة رواتبهم بشكلٍ كبير؟
وماذا عن النقابات العماليّة؟ وكيف ستضغط على الحكومة للسيْر بتصحيح الرواتب، وهل ستنسحب الزيادات المأمولة على رواتب موظفي القطاع الخاصّ؟
إحياء المفاوضات
رئيس "الاتحاد العمالي العامّ" بشارة الأسمر يكشف لـ"نداء الوطن"، أنّه "على مستوى القطاع العام، كان الاتحاد باشر بنوع من الاتصالات مع الحكومة السابقة لبحث قرار ضمّ ما يُسمّى بالمُساعدات إلى صلب الراتب، سواء إن كان جزء منها أو بأكملها. وبعدها تمّ تكليف لجنة وتمّ تسليم نسرين مشموشي مهمة القيام بدراسة مفصّلة عن الحدّ الأدنى للأجور وغلاء المعيشة وضرورة رفع الرواتب في القطاع العام. اليوم، يمكن القول إننا قطعنا شوطاً في هذا الطريق، لكن المطلوب إعادة إحياء هذه المفاوضات والاتصالات مع الحكومة الجديدة".
الانعكاسات
يوضح الأسمر أنّ "انخفاض الحدّ الأدنى للأجر في القطاع العام له انعكاسات مهمة جداً على تعويض نهاية الخدمة، لأنّ موظف القطاع العام أو القطاعات العسكرية ما زال يتقاضى تعويضه على أساس راتبه في العام 2019 أي على سعر صرف 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وهذه الحالة كارثيّة. وتحدّثت مع وزير العمل في هذا الإطار".
1000 دولار؟
بالنسبة إلى الرقم المفترض تحديده للحد الأدنى، يُشير إلى أن "الملف ما زال في مرحلة المفاوضات ولا يُمكن تحديد أرقام. لكن، بشكل عام، الألف دولار شهريّاً لم تعد كافيَة، لا سيّما مع هبوط القيمة الفعلية للدولار بنسبة 35 في المئة مُقابل غلاء الأسعار وانعدام الرقابة".
القطاع الخاصّ
أما في ما يعني القطاع الخاص فيؤكّد الأسمر أنّ "الاتصالات دائماً قائمة مع الهيئات الاقتصادية. كذلك، لدينا دعوى في مجلس شورى الدولة من أجل تثبيت التسعة ملايين ليرة وهي غلاء معيشة وكانت صدرت في مرسوم نيسان 2024 والتي جُمّدت في حينه. وحالياً ننتظر صدور حكم مجلس الشورى".
وعن الرقم المطروح للحد الأدنى في القطاع الخاص، يلفت إلى أن "الاتحاد كان طرح أن يكون بحدود الـ50 مليون ليرة، غير أن هذا الرقم يحتاج اليوم إلى مراجعة. هذه الخطوات كلها بحاجة إلى حكومة فاعلة ونحن على الدرب الصحيح".
ويؤكّد الأسمر أنّ "جميع الوزراء المعنيين متجاوبون إلى أقصى الحدود، حتى أنّ لدينا مشاريع قوانين في مجلس النواب من أجل إعادة تقييم التعويضات التي فقدت قيمتها وباشرنا دراستها في لجنة الصحة النيابية ولجان العدل. ويشمل التعويض جميع الموظفين والأُجراء الذي يتّبعون قانون العمل وتقاعدوا من العام 2019 حتى تاريخه".
حاجة ضروريّة
من جانبه، يعتبر رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين كاسترو عبدالله أنّ "موضوع تصحيح الأجور بات حاجة ضروريّة لمختلف القوى العاملة في لبنان، بصرف النظر إن كانت من القطاع العامّ أو الخاصّ، لأنه لم يتم أي تصحيح رسمي للأجور منذ وقت طويل. حتى أن الزيادات للقطاع العام في الفترة الأخيرة لم تعط تحت مسمّى زيادات أو تصحيح أجور بل مساعدة، بالتالي لا تدخل ضمن تعويض نهاية الخدمة أو التقاعد. هذا إضافةً إلى الشغور في القطاع العام، وملف العاملين المُلحقين بالقطاع العامّ من المتعاقدين والمياومين ومقدمي الخدمات وغيرها من التسميات الذين لا يحصلون على أي حماية اجتماعيّة أو تغطية صحيّة أو تقاعد أو نهاية الخدمة".
يتابع: "هذا الواقع ينعكس سلباً على معيشة العاملين. لذا، المطلوب من الحكومة الجديدة إقرار سلسلة رتب ورواتب جديدة وتصحيح أجور العاملين في القطاع الخاص بأسرع وقت ممكن".
تبعات الانهيار
في حديثه عن وضع العاملين في القطاع الخاص، يقول عبدالله إنّه "منذ الـ2012 لم يقرّ أي قرار لتصحيح الأجور، ومنذ الـ2019 يعيش العامل تبعات الانهيار المالي والاقتصادي. والمعاناة بعد أسوأ لدى العاملين في القطاع غير المنظم، من مياومين وعمال بناء وزراعة وأصحاب المهن الحرة والعمل عن بعد، جميعهم بحاجة إلى مدخول، وبما أنه ليس هناك من حد أدنى للأجور، تعمّ الفوضى هذا القطاع".
ويستهجن عبدالله "عدم اتّخاذ أي خطوة في ظل خسارة حوالى 97 في المئة من قيمة الأجور الشرائية، مقارنةً مع الـ2019. إلى جانب خسارة قيمة تعويضات نهاية الخدمة لأن الملف لم يصحّح مع الضمان الاجتماعي، لذا هناك مطالبات ومشاريع قوانين لإعادة النظر في التعويضات، خصوصاً وأن أصحاب العمل والعمال سدّدوا الاشتراكات مسبقاً، والعامل هو الذي يتحمّل خسائر كثيرة".
مشكلة جديدة
ويلفت إلى "مشكلة جديدة يتجّه الاتحاد الوطني نحو تقديم شكوى ضدها وهو القانون الصادر عام 2017 والذي ينص على أن التعويض التقاعدي إلزامي، ما أدى إلى تقاضي البعض 35 مليون ليرة كتعويضات ليدفعوها خلال سنتيْن كبدل اشتراكات للضمان".
بناءً على ما تقدم، يشدد عبدالله على "ضرورة تصحيح الأجور واستعادة قيمتها الشرائيّة مع ملحقاتها والتصريح عن كل الملحقات ضمن صلب الراتب، لأن الغاية خلف التجزئة هي عدم دفع اشتراكات الضمان".
بين 800 و1000دولار
عن قيمة الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاصّ، يشير إلى أنه "قبل العدوان الإسرائيلي، تم طرح أرقام متفاوتة من قبل الجهات المعنية المختلفة تبعاً لدراساتها. دراسة الدولية للمعلومات أظهرت أنّ الحد الأدنى يجب أن يكون في حدود الـ70 مليون ليرة ما يوازي 700 دولار، في حين كان الاتحاد يطالب برقم يتراوح ما بين 800 و1000 دولار لأننا احتسبنا ضمنه كلفة السكن".
ويُضيف عبدالله: "لا بدّ من تصحيح الأجور لأنّ أصحاب العمل والمؤسسات دولروا أسعارهم ومخزونهم فوراً، حتى أن هناك من يُبقي أمواله في الخارج لعدم التصريح عنها. كل البضائع والخدمات مدولرة باستثناء أجور العمال الذين تؤخذ منهم أيضاً التقديمات الاجتماعية".
وضعٌ استثنائي
يختم عبدالله: "عند مراجعة الحكومة السابقة كان الجواب أنها مستقيلة وغير قادرة على اتّخاذ أي إجراء. اليوم الوضع استثنائي والعدوّ مستمرّ بعدوانه، لكننا ننتظر نيْل الحكومة الثقة لتتضح لنا الصورة والجهة المفروض التواصل معها لنبدأ بالاتصالات مباشرةً. وإذا لم نلق آذاناً صاغية، ولم نُقابل بعمل جدي، سيكون الشارع الملجأ لرفع الصوت والدفاع عن لقمة عيشنا الكريم وديمومة عملنا، وسنفرض على الحكومة تطبيق معايير العمل الدولية بما فيها الأجور والحماية الاجتماعية والخدمات العامّة".