بأقلامهم >بأقلامهم
من "الحاكم" الفعليّ في التّعيينات؟



جنوبيات
مَنَح 95 نائباً الثقة، من ضمنهم 15 نائباً لـ”الحزب”، الثقة لحكومة مكلّفة في “ملحق سرّي”، غير مكتوب، واكَبَ مسار انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الحكومة، وتأليفها، بأمرين: نزع سلاح “الحزب”، و”نزع” الطبقة السياسية الحاكمة، مع أدواتها الحاكمة في الأمن والإدارة والقضاء والهيئات الرقابية.
“استغنى” نوّاف سلام عن ثقة إحدى أكبر الكتل النيابية المسيحية، برئاسة النائب جبران باسيل، بحكم قوّة الدفع الخارجية والداخلية (التي تبدو تحت الاختبار)، لينطلق في مهمّة “الإنقاذ والإصلاح”، في مهلة سنة وخمسة أشهر، وسط حديث متزايد عن بدء بروز تباين في الأداء، وأسلوب العمل، وحتّى الكيمياء، بينه وبين رئيس الجمهورية.
نشرت السفارة الأميركية على موقعها الرسمي قبل أيّام عدّة لقاءات عقدتها السفيرة الأميركية ليزا جونسون مع نائب رئيس الحكومة طارق متري، ووزراء الطاقة والعدل والاقتصاد جو صدّي وعادل نصّار وعامر البساط.
تجاوزت السفيرة الأميركية الأصول التي ترعى العلاقات بين الدول، حين استبقت قرار الحكومة في شأن العقود مع شركات خارجية عبر الكشف عن ترحيبها بـ “الفرص لمساهمة الشركات الأميركية بخطط وزارة الطاقة، والتزام الوزير بالإصلاحات والشفافية لتحسين الخدمات”، و”أهمّية توسيع فرص استثمار القطاع الخاصّ الأميركي في لبنان عبر وزارة الاقتصاد”.
هو واقعٌ يُكمّل مساراً واضحاً في شأن المظلّة الخارجية التي ترعى حكومة “نزع السلاح، وتطبيق الإصلاحات، ومواجهة إسرائيل بالدبلوماسية، وإعادة الإعمار بشروط”، في ظلّ غطاءٍ كاملٍ من “الثنائي الشيعي”، حركة أمل و”الحزب”، وتململ سنّيّ نيابي من هاجس الاستبعاد، بعد اختبار تأليف الحكومة، من سلّة التعيينات الكبرى بعد اتّفاق الطائف. إضافة إلى ثقة مشروطة من القوّات، كما الكتائب، بـ “وضع جدول زمني محدّد ودقيق لا يتجاوز الأشهر لبرمجة تسليم السلاح والبنى التحتية والعسكرية والأمنيّة إلى الجيش”.
جلسة التّعيينات الأسبوع المقبل
بالتأكيد، سيكون مجلس الوزراء ملعب تنفيذ برنامج الحكومة، وباكورته التعيينات في وظائف الفئة الأولى في كلّ الإدارات والمؤسّسات.
تؤكّد أوساط السراي أن “لا جلسة لمجلس الوزراء قبل سفر رئيس الجمهورية جوزف عون إلى السعودية”. الأرجح أنّ الجلسة الأولى للحكومة، بعد نيلها الثقة، ستحصل الأسبوع المقبل وسط معلومات عن استعجال رئيس الجمهورية تعيين قائد جيش اسمه بات محسوماً، فيما لم يتمّ الاتّفاق السياسي بعد على “الباكتج” الذي سيحكم رزمة التعيينات المترابطة بين حاكمية مصرف لبنان، ومديريّات الأمن العامّ والأمن الداخلي وأمن الدولة، إضافة إلى المواقع القضائية الأساسية كمدّعي عام التمييز، وأعضاء مجلس القضاء الأعلى، وأعضاء المجلس العدلي، ورئيس هيئة التفتيش القضائي، والمدّعي العامّ المالي، و”جيش” المديرين العامّين في الإدارات.
كان بارزاً في البيان الوزاري، تحت عنوان إعادة هيكلة القطاع العامّ، ذكر عبارة ملء الشواغر بالمتميّزين بكفاءتهم و”ولائهم للدولة”، وهو ما لم يُذكر في أيّ بيان وزاريّ آخر، “وفق آليّة تضعها الحكومة في أقرب وقت، والتعيين في الفئة الأولى وفق معايير الكفاءة والمناصفة، دون تخصيص أيّة وظيفة لأيّة طائفة”، فيما تحدّث خطاب القسم عن المداورة في وظائف الفئة الأولى.
لا للأحزاب
تقول مصادر مطّلعة إنّ “الخلفيّة التي حكمت تأليف الحكومة ستسري على التعيينات، حيث لا سيطرة للأحزاب إلّا بما يُمكن أن يُقنِع رئيسَي الجمهورية والحكومة استناداً إلى السِير الذاتية، وإلى ما لا يعارض تمسّكهما ببعض الأسماء”، فيما سيتمّ الركون إلى التصويت في حال عدم التوافق السياسي.
فعليّاً، بدأ “الهمّ يدبّ” في القوى السياسية التي لطالما كانت مقرّرة في التعيينات. سنّياً، تفيد المعلومات بأنّ رئيس الجمهورية هو الذي اختار اسم وزير الداخلية أحمد الحجّار، فاستفسر عنه رئيس الحكومة، ثمّ وافق عليه، من زاوية إحكام بعبدا قبضتها على كلّ ما له علاقة بالمناصب الأمنيّة والعسكرية. وسيُطرح سؤال بديهي عن مدى تكريس الرئيس سلام للاتّهام الموجّه ضدّه باحتكار التمثيل السنّيّ في الحكومة، وعن تولّي فريق عمله اللصيق مهمّة توزيع المناصب.
في السياق نفسه، يحضرُ خلافٌ مُبطّن في شأن المدير العامّ للأمن العامّ، حيث للرئيس برّي مرشّحه، ولرئيس الجمهورية مرشّحه، مع تسليم قريبين من رئيس مجلس النواب بأنّ “القرار الأخير هو لبرّي، تماماً كما لا يُجادل أحد رئيس الجمهورية في اسم قائد الجيش”.
مسيحيّاً، تكبّر “القوات” حجر تمثيلها في الحكومة، فيما يمكن الجزم بأنّه، باستثناء وزير الخارجية يوسف رجّي، لا مونة لديها على باقي الوزراء الثلاثة. أمّا درزيّاً، فمجال النقاش في محدودية المواقع، كالمدير العامّ لوزارة الصحة، ومفوّض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار، والمدير العامّ لتعاونية موظّفي الدولة، يحصر بقعة الخلاف إلى حدّه الأدنى.
فيتو رئاسيّ
في ما يتّصل بجبران باسيل، فكما أخرِجَ من الحكومة، لن تكون له كلمة في أيّ تعيين عسكري أو إداري. وهذا ما سيفتح الباب أمام تساؤلات عن “الحاكم” الفعليّ في سلّة التعيينات.
تكمن أزمة باسيل في الفيتو الرئاسي على عون قبل انتخابه، حيث وصلت معلومات إلى “عون المرشّح” أنّ باسيل طلب من الحزب عدم السير بقائد الجيش “واختاروا المرشّح الذين تريدون، وأنا سأوافق”. أمّا الخطيئة الكبرى، برأي العارفين، فهو “تنصيبه” الرئيس برّي في جلسة الانتخاب محلّ المجلس الدستوري في بتّ قانونيّة الجلسة، حين طلب من برّي أن يعدّد أسماء المرشّحين الذين يحقّ لهم الترشّح، وفي الكواليس كان الطلب واضحاً من برّي، باعتبار اسم جوزف عون لاغياً.
تحدّي المداورة
في المقابل، تجزم المصادر بأنّ “الحكومة قد لا تخوض في المرحلة الراهنة تحدّي المداورة في وظائف الفئة الأولى الأساسية، لكنّ أوّل تمريرة قد تحصل من خلال التشكيلات الدبلوماسية والقضائية، أي الفئتين الثانية والثالثة، في سياق بدء محاولات كسر جليد الطائفية الذي يتحكّم بجسم الإدارة العامّة”.