عام >عام
أرسل دانيال ابن الـ18 عاماً وردة لأبيه قبل أن يجدوه جثة معلقة في السقف!
أرسل دانيال ابن الـ18 عاماً وردة لأبيه قبل أن يجدوه جثة معلقة في السقف! ‎الثلاثاء 28 03 2017 11:25
أرسل دانيال ابن الـ18 عاماً وردة لأبيه قبل أن يجدوه جثة معلقة في السقف!


كان خط هاتف يحيى إبرهيم - المعروف بالسمر – مقفلاً، ولحظة تشغيله لهاتفه رأى الرسالة التي وردته من ابنه دانيال بعد ٢٤ ساعة من وفاته وفيها وردة حمراء، انهمرت الدموع من عينيه. بكى يحيى، وتمالك نفسه، ولم يصدر أي رد فعل، إلا أنه قال: هذه المرة الأولى التي يرسل لي بها زهرة عبر "الواتس أب". آه لو تلقفتها في لحظتها، لحادثته، واطلعت على ما به".

يحيى ليس باستطاعته أن يصدق وفاة ابنه دانيال، في ظروف غامضة، بعد ظهر أمس الأحد، وقيل أنه انتحر بشنق نفسه في بيته عند طرف جبل محسن الشمالي بـ #طرابلس.

أغلبية الناس لا يصدقون ايضاً أن دانيال ذا الثمانية عشر ربيعاً يمكن أن ينتحر، أو يقتل نفسه، فهو "رقيق، لا يقتل نملة، وهو محب للحياة، وناهض فيها بأمل"، على ما يقوله أهله، ورفاق دربه، وأترابه.

وما جرى ان العائلة رغبت في الخروج في "سيران" ترفيهاً عن النفس في الأجواء الربيعية السائدة بعد موجات شتاء قاسية حبست الناس في بيوتها. طلب منه والده مرافقتهم في الرحلة، فلم يرغب بذلك، على ما قال والده لـ"النهار"، مردفاً: "لم أعتبر رفضه مرافقتنا أمراً غريباً، فهو شاب، لا يعاني أي مشكلة، وله حرية الذهاب أو عدمه، كما أن له الكثير من الأصدقاء الذين يفضل اللقاء بهم".

خرجت العائلة في سيرانها إلى بساتين بعيدة من المدينة، وتشير الوقائع إلى أنهم اتجهوا، عن غير قصد، إلى مناطق يضعف فيها بث الإرسال الهاتفي، ولذلك لم تصل رسالته إلى والده لحظة إرسالها له.

ولدى عودة العائلة إلى البيت مساء، فوجئت به معلقا في سقف قريب من باب الحمام، ويتدلى جثة بشال ملتف حول رقبته، وتركت عملية الشنق آثارا ظاهرة على الرقبة، بحسب تأكيدات يحيى.

ترددت في بعض وسائط التواصل الاجتماعي أنه انتحر بسبب الفقر، وهذا ما نفاه والده، وأنسباؤه الذين مكثوا مصدومين في منزله بعد جنازته.

ليست العائلة مدقعة الفقر على ما يصر الوالد والأقرباء، لا بل تعتبر متوسطة الحال، فالوالد سائق تاكسي، يعمل طوال النهار، ولا يبخل على ابنائه، وشقيقه جندي في الجيش اللبناني، وليست العائلة في وضع اجتماعي ومادي بائس، على ما أكده كثيرون من الموجودين في المنزل. وهو لم يكن يتوانى عن البحث عن أي نوع من العمل لادخار بعض المال كمصروف. ويقول الوالد يحيى، أنه "كان رقيقاً، مدللاً، لم يتحمل صعوبات ومشاق العمل، فلبث أقل من أسبوعين قبل ترك العمل، والعودة إلى المنزل".

"لا يكفي ذلك لأن يتسبب لأي شخص بالانتحار، خصوصاً لشاب كدانيال"، بحسب يحيى، "فله الكثير من الاهتمامات التي تريح النفس، وأخصها ممارسة كرة القدم التي أحبها من صغره، وبرع بها، وشارك في فريق نادي المجد الرياضي، أحد أبرز الأندية الرياضية في المدينة.

بعض عارفيه قال إنه كان يتقاضى بعض المال جراء مشاركته في فريق النادي كلاعب درجة أولى، لكن والده يحيى يؤثر أن "المهم في التحاقه بالنادي هو متعته، وحبه للرياضة، وممارسته لها بشغف، وبراعة".

ولا يستطيع الأهل التسليم بأنه شنق انتحاراً، فهو "محب للحياة"، كما وصفوه تكراراً، وهو منطلق، ولا يعاني أي مشاكل، وليس له أي خصومات، وهو محبب لدى مختلف رفاقه "الذين ينتقيهم انتقاء، ولا يقبل مرافقة أي ابن سوء"، كما قال يحيى.

وفي نظر العارفين بالأمور بالمحلة فإن عملية الشنق التي أدت إلى وفاته ربما ارتكبها أحد غيره بحقه، أو أنه اعتدي عليه حتى القتل، وعلق على شكل شنق تغطية للجريمة.

الأهل يرفضون الخوض في تفاصيل من هذا النوع، مفضلين ترك التحقيق لأن يأخذ مجراه لتبيان الحقيقة.

كان دانيال يبحث عن عمل، في ظروف صعبة بعد خروج المدينة من حال الحرب التي عاشتها لسنين، وتركت آثارها السيئة على الجميع، ويقول يحيى إن دانيال "لم يتعرض خلالها لأي أمر شخصي يجعله خائفاً، أو يسبب له اليأس، وهو في مقتبل العمر، ومندفع إلى ممارسة مختلف أصناف الترفيه المتاحة، لكن ضمن إطار الأخلاق الفضلى التي ربيته عليها، ويشهد الجميع له بها".

حارته ليست سيئة الحال على المستوى الاجتماعي والعمراني فهي حديثة البناء، ومنزله مطل على البحر البعيد. وفي منزله، الجميع في ذهول، لا يصدقون ما جرى، وينتظرون نتائج التحقيق.

يقول يحيى، والرسالة وصلت للتو من ابنه بعد ٢٤ ساعة من إرسالها، أنه "لو استلمتها في لحظة وصولها، لما ترددت في مكالمته وسمعت صوته للمرة الاخيرة".