لبنانيات >أخبار لبنانية
بيروت تضغط على واشنطن لإلزام "إسرائيل" بالانسحاب


محمد شقير
لن يقف لبنان الرسمي مكتوف اليدين أمام تمادي الجيش الإسرائيلي في توسيع احتلاله لمساحات جديدة من القرى الحدودية الأمامية المتاخمة للحدود الدولية بين البلدين، وتحويلها إلى شريط حدودي يتراوح عمقه بين ألف وألفَي متر، خصوصاً أنه لم يعد يقتصر على النقاط الخمس التي لا يزال يحتفظ بها، بل أخذ يتمدد ليشمل ست نقاط جديدة، وهذا ما تبلغته مصادر نيابية بارزة من قيادتَي القوات الدولية المؤقتة (يونيفيل) والجيش اللبناني، اللتين أعدتا إحصاءً أولياً للخروق الإسرائيلية لسيادة لبنان براً وبحراً وجواً، بما فيها المواقع، واستهدافها لمواطنين في الجنوب والبقاع.
وعُلم بأن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في عدد من المواقع في جنوب لبنان تصدّر اللقاءات التي عقدها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على هامش انعقاد القمة العربية الطارئة في القاهرة. وقالت المصادر إن عون تمنى على القيادات العربية التي تقيم علاقات جيدة بالولايات المتحدة الأميركية، التواصل معها لإلزام إسرائيل بالانسحاب من هذه النقاط، بما فيها تلك التي أخذ الجيش الإسرائيلي يتمدد نحوها، بخلاف ما نص عليه الاتفاق الذي رعته لتثبيت وقف النار تمهيداً لتطبيق القرار «1701».
وكشفت المصادر أن التواصل بين بيروت وواشنطن لم ينقطع، وتحديداً مع الفريق الأميركي المكلف بملف لبنان، ويكاد يكون يومياً، ويرعاه مباشرة الرئيس عون. وقالت إنه «لا صحة لكل ما يقال إن الاتصالات بينهما ما زالت سلبية وتراوح مكانها، لا بل تتقدم تدريجياً، ونتوقع من الإدارة الأميركية خطوات إيجابية يمكن التأسيس عليها لإلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل من لبنان».
ولفتت إلى أن هذا التواصل يتلازم مع الاتصالات المفتوحة بين قيادة الجيش ورئيس الهيئة المشرفة على تطبيق وقف النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، لمعالجة الخروق الإسرائيلية اليومية للبنان وتوسيع احتلالها لنقاط جديدة. وقالت إنه استُعيض عن الاتصالات به، لوجوده خارج لبنان، الاتصال بنائبه الجنرال الفرنسي في ضوء استمرار تحليق المسيّرات الإسرائيلية على علو منخفض في أجواء الجنوب والبقاع، في حين يمنع الجيش الإسرائيلي الجنوبيين من الاقتراب من بلداتهم الواقعة على امتداد الخطوط الأمامية، لتفقّد ما تبقى من منازلهم مع أن معظمها دُمّر بالكامل.
ولدى سؤال المصادر عن إمكانية شمول لبنان بالجولة التي يستعد للقيام بها المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في عدد من دول المنطقة، أو تكليف مساعدته مورغان أورتاغوس، بهذه المهمة لعلها تحمل في زيارتها الثانية لبيروت ما يدعو للتفاؤل بأن الانسحاب الإسرائيلي بدأ يأخذ طريقه نحو التنفيذ؛ قالت المصادر إن لبنان الرسمي لم يتبلغ إلى الآن بوجود نية لشموله بالجولة.
وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية إن إسرائيل تحاول الإفادة من الوقت الضائع، استباقاً للخطوات الأميركية الإيجابية الموعود بها لبنان، لاستدراج «حزب الله» للرد وإحراجه أمام حاضنته الشعبية في حال امتنع عن الرد. ورأت أن قيادة الحزب على موقفها، وهي أوكلت أمرها للدولة وحصرت قرار السلم والحرب بيدها. وأكدت أن الحزب يقف حالياً خلف الدولة، رافضاً التفرُّد بأي موقف يشكل إحراجاً لها، في حين تنصرف قيادته إلى تقييم المرحلة السابقة منذ أن قررت إسنادها لغزة، آخذة بعين الاعتبار التحولات في المنطقة ودخول لبنان في حقبة سياسية جديدة، وهي لم تنتهِ بعدُ من تقييمها، وهذا ما أكده رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، في مناقشته للبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، مع أن القيادي في الحزب، النائب السابق نواف الموسوي، استبق القيادة الحزبية وأجرى تقييماً من وجهة نظره، مع أنه عكس واقع حال المداولات الدائرة في الحلقات الحزبية ومحيطها، والتساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء حصول خروق بهذا الحجم، وتأثيره على سير المواجهة مع إسرائيل التي سجلت تفوقاً بتفجير أجهزة الـ«بيجر» واللاسلكي باعتراف أمينه العام السابق السيد حسن نصر الله قبل اغتياله، وأدت للإطاحة بقواعد الاشتباك وانعدام توازن الردع، وأحدثت إرباكاً في تصديه للإسرائيليين. وهو لم يأتِ بجديد في تناوله للقصور الأمني في تفاديها، بمقدار ما أنه بادر إلى تجميع ما يدور من تساؤلات وعلامات استفهام بداخل الحزب وحاضنته، وإن كان نأى بنفسه في رده عن التساؤلات حول موقف إيران، مستبقاً الإطلالة المرتقبة لأمينه العام الشيخ نعيم قاسم، والتي يخصصها لمصارحة محازبيه وجمهوره بما حملته المواجهة من وقائع ميدانية، وكيف تعاملت معها القيادة بشقيها السياسي والأمني.