بأقلامهم >بأقلامهم
نستذكر الفنان محمد علي الخطيب في ذكرى ميلاده
نستذكر الفنان محمد علي الخطيب في ذكرى ميلاده ‎الثلاثاء 11 03 2025 13:46 خليل المتبولي
نستذكر الفنان محمد علي الخطيب في ذكرى ميلاده

جنوبيات

محمد علي الخطيب، الفنان الراحل الذي وُلد في شهر آذار، شهر الفرح والبهجة والأمل من عام 1937 ، إنه علمٌ من الأعلام الفنية المبدعة التي انطلقت من قلب القضية الفلسطينية والعربية، ليصبح مُعَلِّمًا ليس فقط في مجال الفن التشكيلي، بل في مجال التعبير الفني عن الأمل والمقاومة في زمن الصراع. ورِث عن والديه إيمانًا عميقًا بالقضايا الإنسنية، وبالعروبة، وبقضية فلسطين، مما دفعه في ما بعد ليكون أحد أبرز الفنانين الذين حملوا لواء الفن المقاوم، الذي يسعى لتوثيق الواقع العربي المرير في مواجهة الظلم والاحتلال.
لقد كان الفن، بالنسبة لمحمد علي الخطيب، أكثر من مجرد وسيلة للتعبير الفني أو أداة جمالية، بل كان أداة حية لنقل معاناة الشعوب وخصوصًا الشعب العربي الفلسطيني، كما كان وسيلة للتأكيد على عروبة فلسطين وحقها في الحرية والاستقلال. سعى الخطيب من خلال أعماله إلى أن يبرز مفاهيم العروبة باعتبارها حجر الزاوية لكل قضية عربية، مؤكدًا على أن فلسطين هي القضية المركزية التي يجب أن تظل بوصلة جميع العرب في أوقات الشدة والاضطراب.
كانت فلسطين حاضرة كقضية أساسية، في أعماله الفنية التي أبدعها، فبالتوازي مع العواطف الجياشة التي كانت تغذي لوحاته، كانت رسائله تتجاوز حدود الزمان والمكان، لتصل إلى كل إنسان عربي يحلم بالتحرر والاستقلال. ويُعد محمد علي الخطيب من بين الفنانين الذين حملوا لواء العروبة بشكل لم يتخل عن جوهره في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وتحدي محاولات طمس الهوية الفلسطينية.
تميز الخطيب في رسمه بأسلوب فني يختلف عن الكثير من الفنانين الآخرين، حيث كان يستخدم أدوات وتقنيات متعددة لتكوين صور فنية تعبر عن الصراع الفلسطيني والعربي مع الاحتلال. فقد جمع بين الألوان الزيتية والخامات غير التقليدية، ليظهر فكرة الصراع بشكل عميق يعكس ملامح الألم والقوة في آن واحد. إنّ في استخدامه للألوان الداكنة والفاتحة، هو تجسيد للمشهد القاسي تارة ، وتارة أخرى لإظهار الأمل في المستقبل، كان يعد عنصرًا أساسيًا في تكوين الهوية الفنية الخاصة به. وقد أظهرت لوحاته تعبيرًا فنيًا قويًا، جسدت فيها الدموع والمآسي، وكذلك النضال المستمر في سبيل الحرية. لكن ما يميز أسلوبه هو قدرته على تجسيد معاناة الشعوب بطريقة غير تقليدية، حيث كانت اللوحات تتحول إلى محاكاة حية للصراع والأمل المتجدد.
الفن عند محمد علي الخطيب لم يكن مجرد تأمل جمالي، بل كان وسيلة لمحاربة الظلم والاستبداد. اعتقد الخطيب أن الفن هو مرآة الواقع، وأنه بإمكانه أن يكون أداة فعالة في التغيير الاجتماعي والسياسي. لقد كان يعبر عن الصراع بأسلوب فني يروي معاناة الشعب، ويلهم الأجيال القادمة بمواصلة النضال من أجل قضية عادلة.
في كتاباته الفنية ولوحاته، سعى الخطيب إلى إشراك المجتمع العربي في نضاله الفكري والسياسي، حيث كانت لوحاته وكتاباته رسائل بعثت الأمل في النفوس. وقد آمن أن الفن يمتلك قدرة على تحفيز الحركات الاجتماعية والسياسية، في وقت كانت الأمة العربية بحاجة إلى تجديد روح الكفاح والمقاومة. لم يكن الفنان الراحل مقتصرًا على رسم الأشكال التقليدية، بل كان يشتغل على فكرة الرمزية التي تحمل بين طياتها ملامح فنية حالمة.
يعتبر محمد علي الخطيب من أبرز الشخصيات الفنية التي جسّدت المقاومة في عمله الفني، حيث رأى أن الفن يمكن أن يكون جزءًا من الكفاح المستمر ضد الاحتلال. وفي كل لوحة له، كان يسعى لإيصال رسالة صمود الشعب الفلسطيني وتشبثه بالأرض في وجه العواصف. وقد ظل الخطيب وفياً لفكرة أن النضال لا يتوقف، بل يستمر في جميع ميادين الحياة، بما في ذلك الفن، باعتباره أداة لتحقيق النصر في النهاية.
اليوم، ونحن نحتفل بذكرى ميلاده، لا بد لنا أن نسترجع إرثه الفني العريق، الذي كان جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الفن الحقيقي الملتزم. كانت أعمال محمد علي الخطيب بمثابة شهادة حية على قدرة الفن على التحول إلى قوة مقاومة حقيقية، قادرة على تحويل الألم إلى أمل، والصراع إلى صمود، مما يثبت أن الفن لا يقتصر على كونه وسيلة للتمثيل الجمالي فقط، بل هو فعل مقاومة حقيقي. 
كان محمد علي الخطيب فنانًا استثنائيًا لأنه لم يكن يعبّر فقط عن واقع مرير، بل كان يصور المستقبل بطريقة تبعث الأمل، ليظل أحد أهم الأسماء التي خلَّدت نفسها في تاريخ الفن العربي، وعنوانًا للأمل في صراع دائم مع الاحتلال.

المصدر : جنوبيات