بأقلامهم >بأقلامهم
"الغريبة" إيقاع الأذى



جنوبيات
كانت الغريبة لا تفهم ما يجري معها، لذا كان حرق الأحجبة علامة على جهلها بما يصيبها ، وجهل ما حولها بطبيعتها ، لذا نظراً لما وقع لم يكن لحرق الأحجبة ان ينجح، ويجعلها بسحر ساحر الفتاة التي يريدها منذر، اي كما يريد أن تكون وليس ما يلائم طبيعتها البريئة والبسيطة.
فجأة طرق باب المنزل، فتحت والدة الغريبة الباب، وإذ بمنذر والمشعوذ ووالد منذر.
وما ان رأتهم الغريبة حتى تسارعت نبضات قلبها، وشعرت بالخوف ،ولكن سلّمت بالأمر الواقع، على اعتبار ان منذر سيساعدها للتخلص بما ألمّ بها من مرض.
كان والد منذر في بداية العقد السادس، شعره أشيب ، نحيل الجسم ، يتلعثم في الكلام ، كان يرتدي قميصاً كحلي اللون وبنطالاً بنفس لون القميص، قال للغريبة :
- كيف حالك، كنا نظن ان حالتك ستتحسن، لماذا لم تكملي ما بدأت به.
- تبسمت ابتسامة خجولة وعندما حاولت الكلام قاطعتها والدتها ونظرت إليها نظرة حادّة قائلة:
- ان المتابعة تتعبها ،وهي لم تشعر بتحسّن، بل يزداد وضعها سوءاً.
وبعد برهة ولحظات غابت الوالدة مع منذر ولم يبق سوى والد منذر والمشعوذ حيث أحكمان قبضتهما على الغريبة وأمسكاها كلتاهما ، احدهما بيدها اليمنى،والآخر بيدها اليسرى ، وعملوا بإدخال فتيلة من نار في انفها ، هي نفسها لا تعرف ما الذي يريدونه ، حاولت الإفلات منهم ، قاومت من خلال الفرار منهم يميناً وشمالاً، كانت تصرخ بأعلى صوتها، تتألم وتتوجع وشعرت وكأنهم يريدون ان يحرقوا شيئاً داخلها ، وهي تأبى ، ربما قوة الروح هي التي دفعتها بعدم الإستجابة، إنه تعذيب للروح الحرة التي خلقها الله بفطرة سليمة .
بعدما ابعد منذر الوالدة، كان صراخ الغريبة قوياً ، لذلك لم يتمكنوا من جعل الغريبة الإستنشاق للفتيلة .
خرجوا من الغرفة والغريبة دموعها على خديها ، ولم تتحسن احوالها بل ازداد الوضع سوءا.
فهل من جهل أكبر من الجهل الذي وقع بحال الغريبة ؟ وهل من ظلام اشد سواداً من الذي تراه الغريبة مع منذر؟