بأقلامهم >بأقلامهم
حاتم العدالة والقضاء
حاتم العدالة والقضاء ‎الخميس 20 03 2025 07:26 صلاح سلام
حاتم العدالة والقضاء
القاضي الراحل حاتم ماضي

جنوبيات

ليس سهلاً عليّ أن أكتب بهذه الزاوية بالذات عن أخ عزيز وصديق كبير، كان يسكب فكره وتجربته في إفتتاحية كل يوم خميس، بكلمات يشهد لها القضاء بعدالة.

وتكون إجتهاداته وأحكامه مفصلاً في القضايا الشائكة، وتجعل الحلول المبدعة للدعاوى المعقدة مرجعاً لكل صاحب حق تحت سقف العدل والقانون. 
كان حاتم ماضي بكرم «حاتم طي» في تعاطيه الأخلاقي والإنساني مع الناس العاديين اللاهثين وراء حقوقهم في قضاء لا يُقيم وزناً إلا لأصحاب الوجاهة والوساطات، ولا يُعير إهتماماً لغير أصحاب النفوذ من السياسيين والمتنفذين والمتسلطين على رقاب الأبرياء. 
لم يكن يعتبر أحداً كبيراً إلّا صاحب الحق مهما كان «درويشاً». ولم يسمع كلاماً من أحد خارج منطق العدالة والقانون. وكان دائما يردد أمام زواره ومعاونيه: الحق يَعلو ولا يُعلى عليه. 

تسلم أخطر الملفات القضائية في أحرج الصعوبات التي كانت تحيط بالسلطة اللبنانية، إبان الوجود السوري وهيمنة المخابرات السورية على مقدرات وقرارات الدولة اللبنانية. 

كانت حماية دولة القانون هي هاجسه، بل وهدفه الدائم، ولكن السلطة السياسية الفاسدة حالت دون تحقيق حلمه، برفع راية دولة العدالة والقانون فوق منظومات الفساد والزبائنية والتدخلات السياسية في خضم الصراع حول التحقيقات في إنفجار المرفأ وما تلاها من قضايا مصرفية، طالت حاكم البنك المركزي السابق رياض سلامة، قال كلمته الحاسمة، والتي ذهبت مثلاً لا رؤوس كبيرة ورؤوس صغيرة أمام القضاء. لأن العدالة لا تفرق بين إنسان وآخر إلا بالحق فقط، والمساواة تبقى هي الاساس في الوقفة أمام القضاء. 

كان يسخر من محاولات أصحاب المناصب الذين يستغلون إمتيازات وحصانات مراكزهم للتهرب من القضاء، وقال أكثر من مرة: العدالة لا تعترف بالإمتيازات التي يتجاوز أصحابها القانون. 

رغم مغادرته موقع النيابة العامة التمييزية بعد بلوغه سن التقاعد، بقي صاحب القامة القضائية المميزة، مرجعاً ومقصداً للعديد من زملائه القضاة، للإستعانة بإجتهاداته وخبرته القضائية الحافلة على عقود من الزمن. 

تميّزت كتاباته السياسية على صفحات «اللــــواء»، بمواقف وطنية جريئة، تصدى فيها للمنظومة الفاسدة والفاشلة بشجاعة، مراهناً على قدرة الشباب في إحداث التغيير المطلوب، لبناء دولة المؤسسات والمساواة والقانون. 
يا حاتم العدالة والقضاء،
لن نرثيك اليوم. فالكلمات تعجز عن وصف الحزن في القلوب، والحسرة في النفوس.
ونكتفي بالقول: سلام عليك يوم فارقتنا..، ويوم تُبعث حيّاً!

المصدر : جريدة اللواء