لبنانيات >أخبار لبنانية
صواريخ "مجهولة" ترفع وتيرة التصعيد.. هل تريد "إسرائيل" العودة للحرب؟!
صواريخ "مجهولة" ترفع وتيرة التصعيد.. هل تريد "إسرائيل" العودة للحرب؟! ‎الاثنين 24 03 2025 17:37
صواريخ "مجهولة" ترفع وتيرة التصعيد.. هل تريد "إسرائيل" العودة للحرب؟!

حسين خليفة

إلى حبس الأنفاس، عاد اللبنانيون في اليومين الماضيين، على وقع التصعيد الإسرائيلي الذي يكاد يكون غير مسبوق، من حيث الحجم، منذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 تشرين الثاني الماضي، والذي جاء من حيث الظاهر على الأقلّ، على خلفيّة إطلاق خمسة صواريخ من لبنان، من دون أن يتبنّاها أيّ طرف، بعدما نفى "حزب الله" رسميًا أيّ علاقة له بها، متمسّكًا بخطاب الركون للدولة ومؤسساتها المعنيّة.
 
فعلى الرغم من أنّ الخروقات الإسرائيلية لم تتوقف منذ 27 تشرين الثاني الماضي، مسجّلة محطّات صعود وهبوط متعدّدة، مع استمرار الغارات الإسرائيلية على مناطق جنوبية وبقاعية عدّة، فضلاً عن عمليات الاغتيال لعدد من عناصر وكوادر "حزب الله"، إلا أنّ ما جرى في اليومين الماضيين، وتحديدًا يوم السبت، أوحى وكأنّه يوم آخر من أيام الحرب، خصوصًا مع الوتيرة المكثّفة للقصف، الذي لم يتردّد البعض في وصفه بـ"العشوائي".
 
وبقدر ما أثار هذا الأمر استغراب الكثير من الأوساط السياسية، لدرجة أنّ هناك من شكّك بـ"نوايا" مطلقي الصواريخ، الذين "خدموا" إسرائيل التي وجدت في الأمر "ذريعة" لرفع وتيرة التصعيد، بعدما ثبُت لها أنّ "حزب الله" ليس في وارد إشعال الجبهة تحت عنوان الإسناد كما فعل في 8 تشرين الأول 2023، فإنّه طرح علامات استفهام بالجملة عن الخلفيات والتداعيات، فأيّ رسائل توجّه إسرائيل للبنان من خلال هذا القصف الممنهج؟!
 
إسرائيل تبحث عن "ذرائع"؟
 
في علم العسكر، يبدو "صادمًا"، وربما "نافرًا"، غياب التوازن بين "الفِعل" المتمثّل بإطلاق خمسة صواريخ "بدائية" من الأراضي اللبنانية باتجاه فلسطين المحتلّة، لم يكن من المقدَّر لها أن تُحدِث أيّ ضرر على إسرائيل لو أصابت جميعها أهدافها، وبين "رد الفعل" المضخّم والمُبالَغ به، الذي قوبلت به العملية من جانب إسرائيل، التي رفعت مستوى استنفارها إلى الحدّ الأقصى، فشنّت هجمات متزامنة على مناطق لبنانية عدّة، متسبّبة بسقوط شهداء وجرحى.
 
وإذا كان ما استوقف كثيرين يتمثّل في الطريقة التي تعاملت بها إسرائيل مع خرقٍ لبنانيّ "خجول" لاتفاق وقف إطلاق النار، لا بصمات لـ"حزب الله" أساسًا خلفه، في مقابل الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية اليومية التي تمرّ بسلاسة، حتى على المستوى الرسمي اللبناني، في مفارقة مثيرة للاهتمام، فإنّ ثمّة من رسم "شكوكًا" حول كلّ ما جرى، وقد أظهر إسرائيل كمن يبحث عن "ذرائع" لتوسيع ضرباتها وهجماتها على لبنان، جنوب وشمال الليطاني.
 
ويتعزّز ذلك مع نضوج موقف "حزب الله"، فإذا كان هناك من تساءل في الأيام الأولى من عودة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عمّا إذا كان الحزب سيبقى متفرّجًا، أم أنه سيتحرّك بعنوان "الإسناد" كما فعل في المرة السابقة، فإنّ الجواب وصل بوضوح إلى الجميع في الساعات الماضية، وهو أنّ الحزب ليس في وارد إشعال الجبهة، وهو ماضٍ في سياسة الصبر والتمسّك بالدولة والوقوف خلفها، وقد تعمّد تظهير هذا الموقف على المستوى الرسمي.
 
مخطط للضغط على لبنان
 
من هنا، يعتقد كثيرون أنّ رفع إسرائيل لوتيرة استهدافاتها للبنان في الساعات الماضية ليس "بريئًا"، بمعزل عمّا إذا كانت الصواريخ "المجهولة"، أو ربما "اللقيطة"، شكّلت "ذريعة" لها للقيام بذلك، رغم علمها أنّ "حزب الله" غير مسؤول عنها، أو إن كان لها دور "ضمني" في العملية برمّتها، في ضوء بعض المعطيات عن "طابور خامس" لا يُستبعَد أن يكون مرتبطًا بإسرائيل يقف خلف الإطلاق، وإن كانت مثل هذه الأنباء تفتقر للدقّة والصدقية.
 
إلا أنّ مؤشّرات عدّة تدفع إلى الاعتقاد أنّ إسرائيل "استفادت" فعلاً من "معركة الصواريخ" إن صحّ التعبير، فهي من جهة ضمنت أنّ "حزب الله" لن يشكّل أيّ خطر عليها، وبالتالي لن يستطيع التشويش على الحرب التي تخوضها ضدّ قطاع غزة، كما حاول أن يفعل بعيد عملية "طوفان الأقصى"، وهي من جهة ثانية وجّهت رسالة "نارية" للحزب ولغيره، بأنّها لن تتساهل مع أيّ خرق يحصل من الجانب اللبناني، وأنّها مستعدّة للعودة لمرحلة الحرب، كما فعلت في غزة.
 
لكن، أبعد من هذه الرسالة "النارية"، ثمّة من يقرأ ردّ الفعل الإسرائيلي المُبالَغ بها على عملية "محدودة" من نوع إطلاق صواريخ بدائية، لا يتخطى الهدف منها الجانب "المعنوي"، لو صفت النوايا، على أنّه يشكّل "ضغطًا" على لبنان الرسمي قبل "حزب الله"، خصوصًا في ضوء تصاعد الحديث عن مفاوضات سياسية يريد الإسرائيليون ومعهم الأميركيون، أن تقود إلى اتفاق على تطبيع العلاقات، وحسم كلّ النقاط الإشكالية بين الطرفين.
 
بهذا المعنى، قد لا يكون التصعيد العسكري الإسرائيلي المكثّف، معزولاً عن كلّ ما يُحكى في الكواليس السياسية، عن رغبة إسرائيلية مضمرة بإنهاء الصراع مع لبنان "جذريًا"، بل إنّ هناك من يقول إنّ بعض التسريبات الصحفية عن دفع أميركي باتجاه تشكيل لجنة "مدنية" للتفاوض بشكل مباشر مع إسرائيل على النقاط الـ13 وغيرها، غير منفصلة هي الأخرى عن هذا الاتجاه، فهل تصل الرسالة إلى المسؤولين في لبنان، وكيف يمكن أن يتلقّفوها؟!

المصدر : لبنان 24