لبنانيات >أخبار لبنانية
باسيل: علينا أن نبقى حذرين


جنوبيات
ألقى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل محاضرة نظّمتها الأكاديمية الدبلوماسية المجرية بعنوان "مفترق الطرق: أي دور للمسيحيين في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط؟"، وذلك خلال زيارته لهنغاريا. واستهل كلمته بالقول: "يشرفني أن أخاطب هذا الجمع الكريم، وأشكر المنظمين على دعوتي. يسعدني دائمًا زيارة المجر، البلد الذي بنينا معه علاقات متينة قائمة على القيم المسيحية والإنسانية المشتركة، بفضل صديقي الوزير بيتر سيارتو".
تحديات الاستقلال والتوافق
تطرق باسيل إلى التحديات التي تواجه لبنان، مشيرًا إلى أن "التيار الوطني الحر" كان ولا يزال يعمل على ترسيخ المؤسسات اللبنانية، انطلاقًا من إيمانه بالاستقلالية والقرار الحر، خلافًا لأحزاب سياسية أخرى خضعت لأجندات خارجية. وأضاف: "لطالما بقينا وحيدين في نضالنا من أجل الاستقلال، وأثبت التاريخ صوابية موقفنا. كنا منصة لجميع اللبنانيين الساعين إلى إنهاء الاحتلالات الأجنبية، وساهمنا في استعادة حقوقنا، سواء عبر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، أو عبر تحرير الأراضي من الجماعات المتطرفة".
وأشار إلى أن التحالفات الإقليمية والدولية غالبًا ما تنتهي بخدمة مصالح القوى المهيمنة فقط، دون الاكتراث بمصالح حلفائها المحليين، مستشهدًا بأمثلة من الشرق الأوسط وأوروبا. وقال: "في لبنان، دفعنا ثمنًا باهظًا بسبب تبعية البعض للخارج، فخسرنا أرواحًا، وضاعت أجيال، وانتهكت السيادة".
الأولويات في ظل التوترات الراهنة
لفت باسيل إلى أن لبنان، ولا سيما مجتمعه المسيحي، يواجه تحديات كبيرة في ظل التغيرات الإقليمية المتسارعة، مؤكدًا ضرورة التكيف مع هذه التحولات مع الحفاظ على السيادة والاستقرار. وحدد ثلاث أولويات رئيسية للمسيحيين في لبنان:
-
الحفاظ على دورهم في النسيج السياسي والاجتماعي اللبناني، عبر تعزيز نموذج الدولة الوطنية التعددية والديمقراطية.
-
تجنب الصراعات الداخلية، من خلال الانخراط الفعّال مع المكونات الأخرى، إذ يشكل المسيحيون صلة وصل ضرورية لنجاح العيش المشترك.
-
الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الفكر والتعبير، إلى جانب دعم التنمية الاقتصادية والابتكار.
الحياد الفعّال والتحديات المرتبطة به
أكد باسيل أن الحياد في العلاقات الدولية ليس مجرد شعار، بل يتطلب ظروفًا داخلية ملائمة وضمانات خارجية. وقال: "لبنان يعاني من أزمات متشابكة، بدءًا من العدوان الإسرائيلي المستمر، مرورًا بالأزمة الاقتصادية الحادة، وصولًا إلى أزمة الحكم. هذه التحديات تستوجب منا البحث عن حلول جذرية للحفاظ على توازننا الداخلي".
وأشار إلى أن الحياد يتطلب تغييرًا في الذهنية اللبنانية، فضلًا عن استعداد دول الجوار لاحترام هذا المبدأ والكفّ عن التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
رؤية مستقبلية للمسيحيين في لبنان
تحدث باسيل عن التجربة التاريخية للمسيحيين اللبنانيين، معتبرًا أنهم كانوا دومًا حجر الزاوية في استقرار المنطقة. وقال: "رغم الاحتلالات العسكرية والتحديات، لم يتخلَّ المسيحيون عن العمل من أجل السلام، لكن أجندات خارجية غالبًا ما اختطفت تمثيلهم السياسي. ومع ذلك، فإنهم يبقون عنصرًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف".
وأكد أن الدور المستقبلي للمسيحيين اللبنانيين يتمثل في أن يكونوا صانعي سلام في المنطقة، مشددًا على أن "السلام ليس خيارًا بل ضرورة تفرضها التحولات الجارية. سنبني على إرثنا، وسنعمل على تعزيز نموذج التنوع والديمقراطية الذي لطالما ميز لبنان. إن مستقبل منطقتنا يعتمد على قدرتنا على تحويل الخلافات إلى فرص للحوار والتعاون".
وختم باسيل محاضرته بالتشديد على أن المسيحيين اللبنانيين يسعون إلى سلام يحمي هويتهم ويمكنهم من الاستمرار في تعزيز قيمهم في الشرق الأوسط المتغير.