عام >عام
كلمة الرئيس العام للرهبانية المخلصية الأرشمندريت انطوان ديب في حفل اطلاق جائزة المطران سليم غزال في دار العناية
الأحد 2 04 2017 16:02جنوبيات
انطلقت عند الثامنة صباح اليوم مسابقة "جائزة سليم غزال ... مطران الحوار والسلم الوطني اللبناني" التي تنظمها للسنة الخامسة على التوالي مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة والشبكة المدرسية لصيدا والجوار، بالتعاون مع حلقة التنمية والحوار، في دار العناية في الصالحية في صيدا، في حضور وزير الإعلام ملحم الرياشي، رئيسة لجنة التربية والثقافة النيابية النائب بهية الحريري، النائب ميشال موسى، الرئيس العام للرهبانية المخلصية الأرشمندريت انطوان ديب، رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي، أمين سر محافظة الجنوب نقولا بو ضاهر، منسق عام تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود، رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف، وفد من "القوات اللبنانية" تقدمه منسق صيدا الزهراني ادغار مارون ومسؤول دائرة الاعلام الداخلي مارون مارون ومنسق منطقة جزين جوزيف عازوري ومرشح القوات اللبنانية عن المقعد الكاثوليكي في قضاء جزين عجاج حداد وعدد من أعضاء مجلس بلدية صيدا ورؤساء بلديات ومخاتير المنطقة ورؤساء جمعيات ومدراء الشبكة.
وكان في استقبالهم رئيس حلقة التنمية والحوار أميل إسكندر والأرشمندريت ديب ومدير دار العناية الأب طلال تعلب.
اشارة الى ان حوالى 300 طالب وطالبة من 34 ثانوية ومدرسة رسمية وخاصة ومن مدارس الأونروا يتنافسون في الشعر والقصة والمقالة والرسم.
الحريري
بداية، رحب المنسق العام للشبكة المدرسية لصيدا والجوار نبيل بواب بالحضور ثم تحدثت النائب الحريري، فقالت: "نجتمع هذا العام بدعوة كريمة من الهيئة المنظمة لجائزة المطران سليم غزال للحوار والسلم الوطني كما في كل عام، من أجل تجديد قيم الحوار والمحبة والتسامح. هذه القيم التي جسدها الراحل الكبير سيادة المطران سليم غزال من خلال مسيرته بين أهله وأصدقائه ومحبيه".
أضافت: "نلتقي اليوم لنواكب بناتنا وأبناءنا وهم يعبرون عن مواهبهم ومهاراتهم الإبداعية التي تشكل ثروتنا الوطنية الحقيقية، وان ما من حوار أو تلاق أو استقرار إلا من خلال حماية هذه المواهب ورعايتها وتحفيزها على الخلق والإبداع. وإننا سعداء اليوم بمشاركة الصديق معالي وزير الإعلام الأستاذ ملحم الرياشي بوجوده معنا من أجل تعزيز هذه الرعاية والمواكبة لأجيالنا وإبداعاتهم لأنهم وحدهم قادرون على بناء المستقبل الآمن والمستقر والمزدهر. وإننا نتطلع إلى رعاية إعلامية أكبر لهذه المواهب الخلاقة والمبدعة وإلى اليوم الذي يصبح فيه العمل السياسي والحكومي والبرلماني والإعلامي كله في خدمة البحث عن هذه المواهب والطاقات وحمايتها ورعايتها وتحفيزها على الإنتاج والإبداع ليعود لبنان كما عرفناه رسالة في المحبة والسلام".
وختمت: "إنني وبهذه المناسبة، أتوجه بالشكر للرهبانية المخلصية ممثلة بشخص رئيسها العام سيادة الأرشمندريت انطوان ديب ولأسرة دار العناية على استضافتها لهذه الجائزة في هذا المكان الذي شهد حقبة هامة من مسيرة المطران الراحل. كما أشكر الشبكة المدرسية لصيدا والجوار وحلقة التنمية والحوار ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة وادارات المدارس على حسن إدارتهم لهذه الجائزة، على أمل أن تعم روحية مطران الحوار والمحبة والسلام كل ربوع لبنان".
مدير الدار
وألقى مدير الدار الاب طلال امطانيوس تعلب المخلصي كلمة قال فيها: "أرحب بكم اليوم تحت قبة هذا الصرح الإجتماعي المقدس - دار العناية - لنتذكر سويا من لم يغب عن بالنا أبدا، أقصد المنتقل عنا الى الديار السماوية المطران سليم غزال، أحد كبار مؤسسي هذه الدار المقدسة، حيث أرسى فيها مع غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام والمثلث الرحمات المطران جورج كويتر، الأبوان حينها، دعائم الحوار والتواصل بين كل مكونات هذه المنطقة المحبوبة، فكانت دار العناية، هذه الواحة، مثل بيت السامري الرحيم، كالبيت الوالدي، الذي عرف جيدا كيف يجمع جميع أبنائه، واستمرت بالقيام بدورها هذا وستبقى بمشيئة الله، هذا الجسر الذي يربط صيدا واهلها بقرى شرق صيدا وأهلها وصولا حتى جزين، فالدار ليست ولم تكن يوما بناء وحجارة، بل هي خط إنساني وروحي واجتماعي، ولد من رحم الرهبانية المخلصية، ونما وكبر ليبقى بوابة الرهبنة الإجتماعية الى كل العالم. وهكذا نهج أبونا سليم كما كان يحب أن نناديه دوما في مسيرة حياته متوجها دوما الى الإنسان كقيمة خصها الله بأجمل الصفات وأحلاها، فكان رسولا متجولا ليس بين القرى فقط ولا في صيدا وشوارعها، بل عرف كيف يتجول بين القلوب حتى الجلوس على عرشها، فأحبه الجميع من دون استثناء، هو من حمل انجيله بعمله لا بكلامه، فصار انجيلا آخر مغمورا بالمحبة والتواضع، مؤمنا بالرجاء حتى في أصعب المحن وأحلكها".
أضاف: "أحب الآخر حتى النهاية، لم يضع شروطا للتواصل معه، واذكر تماما ما علمنا اياه "ان اردت أن تدخل الى عقل الآخر وحياته، عليك أن تخلع كل أفكارك المسبقة وتذهب للعيش معه وتعرف كيف يفكر ويعتقد بمعنى آخر أن نلبس رداءه ونسير معه".وأتذكر جيدا ما كان يحادثنا به عن الفنان الكبير مايكل أنجلو الذي سئل يوما: "كيف تستطيع أن تصنع من هذه الصخرة منحوتة على هيئة انسان حتى ليصعب على الناظر اليها أن يميزها عن الانسان الحقيقي؟" فأجاب: "أنا لا أصنع من هذه الصخرة انسانا، بل جل ما أقوم به هو أنني أعمل على استخراج الانسان من قلبها بواسطة ازميلي ومطرقتي". وهكذا كان أبونا سليم، يعرف جيدا كيف يخرج الانسان من صخرته الصماء، يزيل عنه غباره، وينقيه جيدا، ولكنه كان يفرق عن ذاك الفنان أن ابونا سليم لم يكن ليستخدم مطرقة ولا ازميلا بل أدواته التي كانت بسمة وكلمة وتوجيها وتأديبا، وكأنه يعيد خلقه من جديد، دون أن يجرح أحاسيسه أو يمس كرامته ومشاعره، كان بالحقيقة قمرا من مشغرة فصار شمسا في سماء صيدا ولبنان".
وتابع: "شكرا لاصحاب المبادرة الطيبة، شكرا لكم سعادة النائب بهية الحريري المحترمة، فالعظيم هو من يعرف أن يكرم العظماء، وكلنا يعرف مدى محبتكم لأبونا سليم، وانتم من تحملون اليوم رسالة ابونا سليم في صيدا، وكلنا يلمس ويعرف مدى نشاطكم الذي اضاف لهذه المدينة المحبوبة جوا ايجابيا، نتمنى ان يصل صداه لكل بلدنا الحبيب".
وقال: "أصلي لك سعادة النائب كي تستمري في نهجك الحواري والجامع. واسمحو لي أن أتوجه بالكلام اليكم معالي وزير الاعلام ملحم رياشي المحترم لاقول لكم أهلا بكم في داركم، وانتم تحملون وزرا كبيرا في مهمتكم ،أن تكونوا ناقلي بشارة جديدة وسليمة ونيرة لعالمنا الاعلامي اليوم في ظل ما يتخبط به من ازمة اعلامية وخطط تهدف الى ضرب جمال نسيج حياتنا وعائلتنا ومجتمعنا. حين جئتم الى وزارة الاعلام قلتم حينها، نحن في لبنان لا نحتاج الى وزارة اعلام بل الى وزارة تقوم على التواصل والحوار، ونحن نقول لكم نعم الخيار والحكمة لانكم بذلك تكونون ابنا من ابناء المطران سليم. سأذكرك في صلاتي معالي الوزير وأنا على يقين انكم ستحملون هذه الدار المنطقة في قلبكم وصلاتكم. شكري لكم أبتي العام الجزيل الاحترام، على دعمكم واحتضانكم ومحبتكم، وسهركم على هذه الدار الحبيبة، لتبقى منارة مضيئة في سماء جنوبنا ولبنانا الحبيب".
وختم: "اخيرا اشكر كل من عمل وسهر على تنظيم هذا اللقاء العظيم، معالي النائب بهية الحريري، والشبكة المدرسية، وحلقة التنمية والحوار، وكل من جاءنا من مسؤولي وابناء مدارسنا ليكونوا معنا في جائزة المطران سليم غزال مطران الحوار والسلم الوطني اللبناني، واسمحوا لي أن أطلب من لجنتكم الكريمة ان يكون هذا اللقاء سنويا في دار العناية، مؤسسة المخلص الاجتماعية مركز انطلاقة ابونا سليم في عمله الاجتماعي والرسولي".
اسكندر
بدوره شكر رئيس حلقة التنمية والحوار اميل اسكندر للرياشي حضوره وقال: "للسنة السادسة على التوالي تعود الذكرى ويتكرر الحدث، وفي التكرار بعض من ملل وبعض من فتور، لكأن الزمن ثلاجة المحن يحيل الفواجع من لظى واشتعال الى خمود ونسيان. هذه حال الطبيعة البشرية بشكل عام، ولكن بعض المحطات في قطار الأيام مفارق حاسمة تغير وجهة الزمن كما ان بعض الرجالات قامات لا يكسرها الغياب ولا يطويها التراب، لأنهم في الأرض فعل محبة والمحبة عطاء لا يجف ماؤها. وسليم غزال واحد من هذه القلة لأنه لم يكن رجل دين لفئة او طائفة. انجيله دفتان واحدة لمسيحيته وأخرى لإسلامه. رغيفه نصفان يكسره ويوزعه في فم كل محتاج. كلامه عفوي فيه طعم النبوة وأقواله التي رجم من اجلها صارت الطريق الى الخلاص. للسنة السادسة وما جف نبع الكلام. ما سر هذا التدفق وهذا الشروق الذي يطل في كل صباح وكأن وجه الشمس يتجدد ولا يتكرر؟"
أضاف: "انه سر ابونا سليم الذي جاءت الحرب اليه فأخذت بيته وديره واحباءه ولكنها لم تستطع ان تسرق قلبه، فبقي يتنفس هواء المحبة ورحابة الغفران في نهاراته التي لا تغيب شمسها وفي اصراره على العودة الى مدينة صيدا. صيداه المحبوبة التي اتى اليها من وراء مطل الشمس وعاش فيها لمدة خمسين عاما واجتاز التجربة مع آخرين من كل الطوائف ونجح في الامتحان. ابونا سليم لم تكن لديه لغتان، واحدة لخاصته وأخرى للعامة، ولأجل مصداقيته هذه احبه الناس، أحبوه لأنه رجل وطني يوم راحت قطعان الطوائف تنهش لحم الوطن وعندما مات هذا الأبونا حمل نعشه المسملون وساروا به من ساحة النجمة الى باب الكنيسة، فكان في مماته علامة وحدة كما كان في حياته. وتشهد مدينة صيدا بالوفاء لهذا الرجل وتأبى السيدة بهية الحريري ان يغيب اسم المطران عن الشوارع التي طاف بها وشارك اهلها في المناسبات ، وتأبى ان يصمت صوته في حماقة النسيان، فبادرت من مبدأ الوفاء بالطلب الى بلدية صيدا اطلاق اسم المطران سليم غزال الى احد الشوارع واطلاق جائزة سنوية تخليدا لذكراه".
وختم: "شكرا لطلاب الشبكة المدرسية واساتذتها ومديريها ولمنسقها الأستاذ نبيل بواب. شكرا للسيدة بهية الحريري حسها الانساني والوطني وشكرا لمعالي الوزير الصديق الذي سطر لوحة وزارة الاعلام بأحرف مضيئة من حوار وتواصل وهو في ذلك يؤكد على يافطة سليم غزال التي كتبها بأحرف التنمية والحوار. شكرا لحضوره اليوم بيننا فقد ضوأ حضوره عطر وفاء ورسالة محبة لصيدا واهلها وعهد شراكة من هنا الى كل اطراف الوطن".
ديب
وقال الأرشمندريت ديب: "لقد بدأنا ارشفة كل ما يختص بالمطران سليم وما كتب عنه وما هو كتبه، وقريبا ستبدأ الرهبانية بنشر جزء من هذا الأرشيف. اريد ان اتوقف عند خمسة محاور طبعت حياة المطران الراحل سليم غزال:
- كان المطران سليم يعتبر ان كنيسة الجنوب هي حقا كنيسة الشهادة والخدمة والعيش المشترك، ونريدها ان تبقى كنيسة المسيح، ونرفض ان تتحول الى حزب سياسي او تجير لسلطة زمنية.
- كان يؤمن بقبول الانسان الآخر واحترامه وخدمته مهما كان معتقده الديني او الايديولوجي او السياسي. والوقوف الى جانب المظلوم والمقهور والتمسك بالحق مهما قوي الباطل والتعاطي مع الآخر بطريقة الحوار. كان يعتبر ان التمايز بين البشر مصدر غنى وليس سببا للحروب والنزاعات.
- كان يعتبر بأن لبنان لجميع ابنائه في صيغة حضارية هي صيغة العيش المشترك المرتكز على اسس العدالة والمساواة والحرية. ان الحس الوطني هو الوسيلة القادرة على الصمود امام التحديات والجمع بين اللبنانيين دون تبعية في اطارهم الطبيعي وهو العالم العربي. وان صيغة العيش المشترك التي عشناها في لبنان والجنوب عامة مهما تداعت اسسها واهتزت صورتها تبقى الصورة الحضارية الأنقى والأفضل امام الله والتاريخ.
- كان يعتبر ان المسيحية والاسلام قيمتان على المستوى الروحي والإنساني وهما مدعوان الى العمل معا في سبيل خدمة الانسان وبناء الأوطان. واتساءل الم يحن الوقت بعد ليقبل المسيحيون والمسلمون معا على مرحلة جديدة من التاريخ لكي يدركوا اهمية الروابط الروحية والانسانية التي تجمع بينهم ؟.
- كان يرى في العمل الاجتماعي وسيلة لتنمية الانسان وتطوير المجتمع، من هنا كان ايمان المطران غزال بالمؤسسات الاجتماعية شرط الا تصبح محنطة تخدم ذاتها او بديلة عن الدولة. لقد كان يؤمن بأن التنمية الحقيقية هي طريق السلام.
سليم غزال اعترف كثيرا بالاختلاف والقيم، وكان يرى أنه على أساسه تبنى الحضارات".
الرياشي
والقى الوزير الرياشي كلمة قال فيها: "انا اليوم امام رهبة موقف يعيدني سنوات الى الوراء، يوم تعرفت على ابونا سليم في المؤتمر العالمي للملكيين الكاثوليك الذي كان يعده هو، والذي علمني فيه درسين كبار، الأول ان اتعرف على كنيسة العرب والثاني ان اتعلم " الانثقاف " او الدخول الى ثقافة الآخر ومعرفته وقبول الآخر المختلف كيفما كان وباي شكل كان، هذا الاختلاف واحترام الآخر واحترام الاختلاف للوصول الى نتيجة وانتصار. لا يمكن قبول الآخر من دون حوار، ولا يمكن معرفة الآخر من غير حوار معه، الجهل هو العدو الاساسي لتطور الانسان وللانسان سليم غزال لم يكن قيمة فريدة من نوعها لأنها احبت بل لأنها حاربت الجهل وحاربت الاختلاف مع الآخر، حاربت التميز ولم تحارب التمايز، سمت وانفتحت واحبت كثيرا لأنها اعترفت كثيرا بالاختلاف وبالقيم وبان هذا الاختلاف حق وعلى اساسه تبنى الحوارات وتبنى وتقوم مداميك الحضارات ..تحية الى روح سليم غزال الحاضر بيننا اليوم في هذه الغرفة ولأبناء صيدا العظماء الذين منذ فجر التاريخ اسسوا بدايات لبنان العظيم، حرقوا واحترقوا ولم ينسحقوا، هؤلاء الأبطال الذين نقف معهم وبينهم اليوم في حضرة سيدة كريمة وفي حضرة كرام وفي حضرة روح شهيد كبير هو رفيق الحريري، ارفع يميني تحية لكم واجلالا واكراما، واعيد التأكيد على ما قاله اخي اميل ان وزارة الاعلام تتعهد اليوم بطباعة كل المنشورات التي ترعاها دار العناية، وخصوصا ما تقدمه وترعاه مؤسسة الحريري".
بعد ذلك، قدم تعلب للحريري درعا تقديرية وللرياشي أيقونة السيدة العذراء ثم قدمت الحريري للرياشي لوحة رسم المطران سليم غزال.
وجال الرياشي والحريري والمشاركون على معرض الطلاب المشاركين في جائزة المطران سليم غزال واطلعوا على أعمالهم.