ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
الذكاء الإصطناعي في المحاكم… ومراجع قانونيّة ملفّقة


جنوبيات
دعت المحكمة العليا البريطانية، كبار المحامين، إلى التحرّك الفوري لمواجهة إساءة استخدام تقنيات الذكاء الإصطناعي في المرافعات القانونية.
ورصدت المحاكم خلال هذا العام، حالتين بارزتين استخدم فيهما محامون مراجع قانونية ملفّقة، يُرجّح أنها استُخرجت عبر أدوات الذكاء الإصطناعي.
وأصدرت القاضية دام فيكتوريا شارب، في المحكمة العليا، قراراً تنظيمياً محذّرة من “تداعيات خطيرة على سير العدالة وثقة الجمهور بالنظام القضائي في حال إساءة استخدام الذكاء الإصطناعي”.
وأكدت أن “المحامين الذين يسيئون استخدام هذه الأدوات قد يتعرّضون لعقوبات تبدأ بالتوبيخ العلني وقد تصل إلى المحاكمة بتهمة ازدراء المحكمة أو الإحالة إلى الشرطة.”.
وطالبت شارب مجلس نقابة المحامين وجمعية القانون بـ”اتخاذ خطوات عاجلة لاحتواء المشكلة”، ودعت رؤساء مكاتب المحاماة إلى “ضمان إدراك المحامين الكامل لمسؤولياتهم الأخلاقية والمهنية عند استخدام أدوات الذكاء الإصطناعي”.
وقالت شارب: “تستطيع هذه الأدوات توليد ردود تبدو متماسكة ومنطقية، لكنها قد تكون خاطئة تمامًا. قد تُقدّم ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وقد تنسب اقتباسات إلى مصادر حقيقية دون أن تكون موجودة فيها أصلًا”.
من جانبه، أعرب الرئيس التنفيذي لجمعية القانون في إنكلترا وويلز، إيان جيفري، عن تأييده للتحذير القضائي من خلال قوله: “يكشف القرار بوضوح عن المخاطر المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني”.
وأضاف: “تزداد أدوات الذكاء الاصطناعي شيوعًا في تقديم الخدمات القانونية، لكن احتمال وقوع مخرجات خاطئة يتطلب من المحامين مراجعة وتحقيق صحة كل ما يقدمونه”.
ولم تكن هذه الحالات الأولى التي تُبتلى بـ”هلوسات الذكاء الاصطناعي”. ففي عام 2023، قدّمت مُستأنِفة أمام محكمة ضرائب في المملكة المتحدة تسع سوابق قضائية زائفة، وذكرت أنها ربما استخدمت (ChatGPT) عبر صديق يعمل في مكتب محاماة.
وفي قضية أخرى في الدنمارك بلغت قيمتها 5.8 مليون يورو هذا العام، كاد المتقاضون يواجهون تهم ازدراء المحكمة لاعتمادهم على حكم مختلق كشفه القاضي.
وفي الولايات المتحدة، شهدت محكمة مقاطعة نيويورك الفيدرالية في 2023 فوضى قضائية بعدما عجز محامٍ عن إثبات صحة سبع قضايا وهمية قدّمها كاستشهادات، واكتُشف أنه طلب من (ChatGPT) تلخيص قضايا مختلقة من صنعه.
ووصف القاضي النتيجة بأنها “هراء” وفرض غرامة قدرها 5 آلاف دولار على المحاميين وشركتهما القانونية.
تُظهر هذه الوقائع الحاجة الماسة إلى يقظة قانونية وتشريعية تُواكب تنامي استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بما يضمن عدم المساس بمصداقية النظام القضائي أو حقوق المتقاضين.