بأقلامهم >بأقلامهم
"كلّ شيء إلا الضرّة"!
"كلّ شيء إلا الضرّة"! ‎الثلاثاء 10 06 2025 17:50 القاضي م جمال الحلو
"كلّ شيء إلا الضرّة"!

جنوبيات

يُحكى في خبايا الزّمن وخفايا المحن أنّ إحدى الزّوجات ذهبت إلى القاضي تشكو زوجها قائلة: 

إنّ زوجي أعرج وإذا أراد منّي ما يريد الرّجل من امرأته يصبح كأنّه رجلٌ من بني وائل ولا يتكلّم إلّا الفصحى، فيناديني:
 "هلمّي بنا إلى ما يرضي الله ويقوّي وشائج المحبّة". 
فإذا جلس منّي موضع جلوس الرّجل من امرأته صاح بأعلى صوته:
"يا خيل الليل شدّي، وبالمحبّة ردّي، اللهمّ جنبنا العثرات، وقوّنا في المسرّات". 

تقول:
فيأخذني بأشدّ ما يأخذ الرّجل امرأته، ويكرّر بين كلّ شخير ونخير قائلًا:
 "ليكوننّ لي منكِ حافظ مقرئ، ومجاهد أشوس، وصالحات قانتات". 
ثمّ ما يلبث أن يصيح فيقول:
 "الخيل معقود بنواصيها الخير". 
ثمّ ما يلبث أن يعيد الكرّة مرّة أخرى، ويظلّ على هذا المنوال كلّ ليلة. 
وأنا، رغم استئناسي بما يفعل، إلّا أنّي لم أعد أطيقه، فهو يجاهد كلّ ليلة، ولا يعذرني إلّا في ليالي العذر الشّرعيّ، فهل لي أن أحتال عليه بالمعاذير رفقًا بالقوارير؟!

وهنا أجابها القاضي بنبرة صوت عالية:
 "احتالي عليه بأن تزوِّجيه مثنى وثُلاث ورباع ليَعمّ الخير، وتكثر الفصاحة، وينجب المجاهد والمقرئ والصّالحات القانتات".

فما كان منها أن خرجت من عند القاضي وهي تكرّر هذه المقولة: 
"والله لأن يقتلني بجهاده وفصاحته في السّرائر أحبّ إليّ وأهون من أن تقتلني الغيرة من الضّرائر".

أسعد الله أوقاتكم بنور الفصاحة والجهاد في إرضاء القوارير والنّوم على الحرير. 

فكلّ شيء إلّا الضرّة، وإن كان فيه مضرّة...

المصدر : جنوبيات