بأقلامهم >بأقلامهم
"أين الثّرى من الثّريّا"؟!
"أين الثّرى من الثّريّا"؟! ‎الخميس 19 06 2025 19:18 القاضي م جمال الحلو
"أين الثّرى من الثّريّا"؟!

جنوبيات

العبارة أين الثّرى من الثّريّا تعني أنه لا يوجد أي تشابه أو مقارنة بين شيئين يختلفان تماما في القيمة او الصّفات.
وقد قيل: أين الثّريّا من الثّرى؟!

لقد اختلف البعض في صياغة هذه العبارة التاريخيّة سواء بتقديم أم تاخير كلّ من الكلمتين. بيد أنّها خرجت عن معناها الأصليّ بحكم التركيب والمجاز إلى معنى آخر بلاغيّ مصطلح عليه، بحيث تكون الغاية في المفاضلة بين الأعلى ممثّلًا في الثّريّا (وهي مجموعة من النّجوم الجميلة والمرتفعة في السّماء)، والأدنى ممثّلًا في الثّرى (وهو تراب الأرض). أي أنّها أصبحت تعبيرًا اصطلاحيًّا جرى مجرى المثل وشاع استعماله بهذا المعنى البلاغيّ، فصار له تأثير في النّفس البشريّة. 
هذا التباين الكبير بينهما يمثّل الفرق الشّاسع الذي لا يمكن تجاوزه او مقارنته. 

ولتبيان المراد من عبارة "أين الثّريّا من الثّرى"، نبرز بعض المقاربات لفهم حقيقة الفرق ومدلوله بين الكلمتين. 
فالاعتراف بمزايا الآخرين من أخلاق الأنبياء، وإنكارها من طبيعة الأبالسة. 
فموسى قال عن أخيه هارون: 
"وأخي هارون هو أفصح منّي".
 في حين أنّ إبليس بمقارنته مع آدم قال: "أنا خير منه".
طلب إبراهيم ابنه إسماعيل للذبح فامتثل.
 وطلب نوح ابنه للحياة فأبى. 
فالبعض بارّ بوالديه (حدّ الذهول).
والبعض عاقّ بهما (حدّ العجب).

قالوا للنبيّ هود:
"إنّا لنراك في سفاهة". 
فأجابهم:
"يا قوم ليس بي سفاهة". ولم يقل بل أنتم السّفهاء!

أمّا في عالمنا الحاليّ وفي ظلّ ما يحاك من مخطّطات على مستوى الأحداث التي نعيشها تحت خطّ الفقر ومنتهى القهر، والخذلان والقمع، والاستبداد، وإهدار المال العامّ، وسرقة مقدّرات الدّولة، فلننظر إلى مستوى التّخاطب السّياسيّ، عندها سنجد الفرق بالعين المجرّدة، وبالملموس والمحسوس، ما بين الثّرى والثّريّا، أو ما بين الثّريّا والثّرى!
فما أجمل رقيّ الأخلاق في تعامل الأتقياء...
وما أبشع تصرّف البعض إلى حدّ الغباء...

المصدر : جنوبيات