عام >عام
الأسرى الفلسطينيون يتحدون العدو في "معركة الأمعاء الخاوية"
مروان البرغوثي يقض مضاجع السجان.. والاحتلال يعزله
الأربعاء 19 04 2017 09:24هيثم زعيتر
يُبدِع الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي بكسر عنجهية المحتل، ومواجهة بطش السجّان بشتى الوسائل والسُبُل، ومنها الإضراب عن الطعام "معركة الأمعاء الخاوية".
ويتحدّى الأسرى الفلسطينيون المعتقلون، بإضرابهم، الاحتلال وأساليب التعذيب الوحشية، ووسائل القمع بحقهم، بعدما زجَّ الإحتلال بأكثر من مليون فلسطيني في سجونه منذ الأسير الأوّل محمود بكر حجازي (17 كانون الثاني 1965)، فيما يبلغ عدد الأسرى اليوم 6500 بينهم نوّاب في المجلس التشريعي الفلسطيني وشيوخ وأطفال ونساء، يمارس بحقهم أبشع أنواع التعذيب والانتهاكات.
وتحوّلت قضية الأسرى إلى قضية دولية تقض مضاجع الإحتلال من تداعياتها المُدانة دولياً، لمخالفتها كل المعاهدات والمواثيق الدولية.
ويخوض 1500 أسير فلسطيني منذ أمس الأول، إضراباً مفتوحاً عن الطعام، اختاروا له "يوم الأسير الفلسطيني" (17 نيسان) للمباشرة بتنفيذه، بعدما ضاقوا ذرعاً بكافة السُبُل للإفراج عنهم أو تحسين ظروف اعتقالهم، والتي تعتبر فرصة هامة لتحقيق مطالبهم، لأنّ فشل الأسرى في تحقيقها سيكون له نتائج كارثية سلبية عليهم.
ويقود الإضراب عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" وعضو المجلس التشريعي النائب مروان البرغوثي، أوّل نائب فلسطيني يُعتقل (15 نيسان 2002)، والذي أوعز له الأسرى لقيادة الإضراب، وفي طليعتهم: أمين عام "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أحمد سعدات، المعتقل منذ (14 آذار 2006)، وأكبر أسير في سجون الاحتلال فؤاد الشوبكي، وأقدم أسير كريم يونس وعميد الأسرى نائل البرغوثي.
ويطالب الأسرى في سجون الإحتلال بتحسين المعاملة، إنطلاقاً من أنّها آخر الخيارات لتحقيق مطالبهم، وبهدف إيصال رسالتهم إلى العالم، لإقفال سجون الإحتلال.
وشرّعت مصلحة سجون الاحتلال بنقل الأسرى المضربين عن الطعام إلى زنزانات العزل في ظروف صعبة، وكذلك مصادرة ملابسهم، وحجب المحطات التلفزيونية عنهم، وإقامة مستشفى ميداني في صحراء النقب لاستقبال الأسرى المُضربين، ورفض استقبالهم في المستشفيات المدنية الإسرائيلية، وتتمحور مطالب الأسرى المضربين عن الطعام باستعادة الزيارات المقطوعة وانتظامها، إنهاء سياسة الإهمال الطبي، وسياسة العزل، والاعتقال الإداري، والسماح بإدخال الكتب والصحف والقنوات الفضائية، فضلاً عن مطالب حياتية أخرى.
وأقدمت سلطات الإحتلال على نقل المناضل مروان البرغوثي من سجن "هداريم" إلى عزل "الجلمة" الانفرادي، ردّاً على مقال نشره في صحيفة "نيويورك تايمز" استعرض فيه أسباب ودواعي الإضراب عن الطعام، ما أثار حفيظة وغضب جنرالات وقادة الاحتلال.
وتطرّق فيه إلى أنّه "يثبت بما لا يقبل الشك أنّ المنظومة الإسرائيلية والاحتلال العسكري بكل تجلياته، يهدف بالأساس إلى كسر معنويات الأسرى الفلسطينيين والأمة التي ينتمون إليها، من خلال التسبّب بالمعاناة الجسدية وعزلهم عن أهلهم واستخدام تقنيات معتمدة من الإذلال".
وقال: "خرقت إسرائيل، بصفتها قوّة احتلال، وعلى مدى السنوات الـ70 الماضية القانون الدولي بعدّة طُرُق ومختلف الأشكال، دون أنْ تنال أي عقاب، كما أنّها خرقت اتفاقات جنيف، ومارست هذه الخروقات ضد أبناء الشعب الفلسطيني والأسرى من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ دون تمييز".
وأثارت هذه المقالة مُنسّق شؤون الحكومة الإسرائيلية في المناطق الجنرال يؤاف مردخاي، الذي وصف مروان البرغوثي بـ"الإرهابي القاتل".
وهدّدت سلطات الاحتلال بمعاقبته، حيث قالت إدارة السجون العامة الإسرائيلية: "إن البرغوثي سيمثل أمام محكمة تأديبية عقاباً له على نشره المقال".
ولا يستبعد أنْ تعمد إدارة سجون الاحتلال إلى الزج بالمناضل البرغوثي في الزنازين الانفرادية لفترة طويلة عقاباً له.
وتتهم إدارة سجون الإحتلال زوجة الأسير البرغوثي، فدوى، بتهريب المقال ونقله للصحيفة الأميركية، التي وصفت كاتبه، مروان بالسياسي والبرلماني، وهو ما آثار جنون سلطات الاحتلال.
وعمّت المسيرات مختلف المناطق الفلسطينية دعماً وتأييداً للأسرى المضربين عن الطعام، ومطالبة بالإفراج عنهم.
وقدّمت الحركة الأسيرة 210 شهداء في مواجهة السجان الإسرائيلي، فضلاً عن وجود 61 أسيرة بينهم 13 قاصراً، و300 طفل و28 صحافياً، وهناك 1500 مريض و500 معتقل إداري.
ونفّذ الأسرى في سجون الاحتلال 23 إضراباً جماعياً، من أجل تحقيق مطالبهم، كانت أوّل تجاربها في سجن نابلس في بداية العام 1969 واستمر لمدة 3 أيام.
أما أوّل ملحمة في "معركة الأمعاء الخاوية"، فكانت في "سجن نفحة" الصحراوي الذي افتُتِحَ بتاريخ 1 أيّار 1980، ونفّذت بالتنسيق مع معتقلين سجني "عسقلان" و"بئر السبع" المركزي (14 تموز 1980 واستمر حتى 15 آب من العام ذاته).
وسجّل القيادي في "حركة الجهاد الإسلامي" الشيخ خضر عدنان موسى، أطول فترة إضراب عن الطعام (18 كانون الأوّل 2011) واستمر 66 يوماً.
أما أوّل فتاة كانت تخوض أطول إضراب عن الطعام، فكانت هناء شلبي (16 شباط 2012)، واستمر لأكثر من 43 يوماً.
بينما نال أيمن إسماعيل الشراوني الحرية بعد أطول فترة إضراب عن الطعام (بدأه بتاريخ 1 أيلول 2012)، واستمر 260 يوماً.
كذلك، سامر طارق العيساوي، الذي بدأ "معركة الأمعاء الخاوية" (1 آب 2012)، واستمر 265 يوماً.
وثائر حلاحلة وبلال ذياب، اللذان نفذا إضراباً في "معركة الأمعاء الخاوية" احتجاجاً على اعتقالهما الإداري، (24 شباط 2012)، وكسرا الرقم القياسي بالإضراب عن الطعام، حيث استمرا 76 يوماً.
ويُعتبر الصحافي محمّد القيق صاحب أطول فترة إضراب عن الطعام استمر 94 يوماً بعد اعتقاله إدارياً من منزله في رام الله في الضفة الغربية المحتلة، فجر 21 تشرين الثاني 2015، وهو أوّل أسير يتم تغذيته قسرياً، حيث تحاول قوات الاحتلال، كسر عزيمة الأسرى المضربين عن الطعام من خلال مشروع القانون الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية في منتصف العام 2014، والذي يتيح لسلطات السجون، إطعام الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام بالقوة، حيث تكون حياتهم معرّضة للخطر.
ويُعتبر الأسير الراحل اللواء فوزي النمر، زوج الأسيرة المحرّرة اللواء فاطمة برناوي، صاحب أوّل أعلى حكم تصدره "المحكمة العسكرية الإسرائيلية"، وقضى بالسجن الفعلي بـ21 مؤبّداً و15 عاماً.
فيما تُعتبر الأسيرة المحرّرة أحلام عارف التميمي أوّل فتاة تحكم بأعلى مؤبد في سجون الاحتلال بـ16 مؤبداً.
يُذكر أنّه جرى في عدّة مرّات عمليات تبادل أسرى بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي وفصائل الثورة الفلسطينية و"حزب الله" عبر وسطاء، لكن أقدمت أجهزة المخابرات الإسرائيلية على تصفية الأسرى المحررين.
وكان قد جرى في الآونة الأخيرة حديث عن إمكانية إجراء تبادل للأسرى في سجون الاحتلال مقابل 4 أسرى إسرائيليين بين أحياء وجثث لدى حركة "حماس"، بعد عدوان غزّة صيف العام 2014.