10 صفر 1447

الموافق

الثلاثاء 05-08-2025

علم و خبر 26

علم و خبر 26

بأقلامهم

بأقلامهم

زيارة مايك جونسون للمستوطنات: شرعنةٌ للاستعمار وتقويضٌ للسلام
زيارة مايك جونسون للمستوطنات: شرعنةٌ للاستعمار وتقويضٌ للسلام
د. عبد الرحيم جاموس
2025-08-04

389

في خطوة أثارت استهجانًا واسعًا، قام رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون، برفقة عدد من أعضاء الكونغرس، بزيارةٍ رسمية لإحدى المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة. هذه الزيارة التي أدانها رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، لا يمكن قراءتها بمعزل عن التصعيد الإسرائيلي المستمر، ولا عن التواطؤ الدولي المتزايد مع مشروع الاحتلال.

تُمثل هذه الزيارة انحيازًا فجًّا للاحتلال الإسرائيلي، وتحديًا سافرًا للقانون الدولي، وللقرارات الأممية ذات الصلة، وعلى رأسها القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن عام 2016، الذي يؤكد على عدم شرعية الاستيطان ويدعو إلى وقفه الكامل. 

حين يزور مسؤول أميركي بهذا المستوى موقعًا يُعدُّ في جوهره جريمة حرب مستمرة، فإنها رسالةٌ سياسيةٌ خطيرة تتجاوز المجاملة الدبلوماسية، لتصل حدّ المشاركة المباشرة في جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.

المستوطنات ليست مجرد تجمعات سكانية؛ بل أدوات استعمارية تمارس التهجير والضم وسرقة الأرض والموارد، وتشكل بؤرًا للعنف ضد القرى الفلسطينية المحيطة بها. 

ومن هنا، فإن الزيارة لا يمكن تفسيرها إلا باعتبارها تشجيعًا للمستعمرين على مواصلة اعتداءاتهم، ومكافأة لهم على انتهاكاتهم اليومية، بل ومنحًا لغطاء أميركي لتشريعات الاحتلال العنصرية التي تشرعن الطرد والمصادرة والفصل العنصري.

الأخطر في هذه الزيارة أنها تقوّض ما تبقى من فرص للسلام العادل، وتُغلق الباب أمام أي أفق سياسي قائم على القانون الدولي ومبدأ حل الدولتين. 
فعوضًا عن لعب دور الوسيط النزيه، تصرّ الولايات المتحدة – من خلال قياداتها التشريعية – على الاصطفاف الكامل مع الاحتلال، متجاهلة التزاماتها الأخلاقية كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن.

زيارة جونسون تمثل أيضًا ضربةً لمصداقية الخطاب الأميركي الذي يدّعي الدفاع عن النظام الدولي القائم على القواعد  القانونية، بينما يُغض الطرف تمامًا عن جرائم إسرائيل، بل ويتماهى معها. 
إن هذه الازدواجية تُعرّي الموقف الأميركي، وتُفقده القدرة على التأثير أو الإقناع في أي ملف دولي آخر، من أوكرانيا إلى تايوان.
من الجانب الفلسطيني، لا تكفي بيانات الإدانة وحدها. المطلوب تحرك دبلوماسي وقانوني فاعل، يبدأ برفع شكاوى رسمية أمام مجلس الأمن والجمعية العامة، واستثمار الفتوى القانونية المرتقبة من محكمة العدل الدولية حول الاحتلال الإسرائيلي، لفضح الطابع غير القانوني والدائم للاستيطان، والسعي نحو تحميل داعميه – سياسيًا أو ماليًا – المسؤولية أمام المجتمع الدولي.
ختامًا، إن زيارة جونسون لا تعبّر عن موقف شخصي، بل عن توجه سياسي أميركي يزداد وضوحًا في تبنيه للرواية الصهيونية، وانخراطه في مشاريع التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني. إنها لحظة كاشفة يجب أن تُقابل بإعادة تقييم جذرية للعلاقة مع واشنطن، وباستنهاض دولي أوسع نطاقًا لكبح جماح الاحتلال ووقف جرائمه.

جنوبيات
أخبار مماثلة
"شيرين أبو عاقلة... الشاهدة والشهيدة" كتاب هيثم زعيتر في الذكرى الأولى للاستشهادفاسكوomtوظيفة شاغرة في جمعبة المقاصد - صيداla salleقريبا "Favorite"