14 صفر 1447

الموافق

الجمعة 08-08-2025

علم و خبر 26

أخبار

علم و خبر 26

بأقلامهم

بأقلامهم

"الوصيّة الوحيدة"!
"الوصيّة الوحيدة"!
القاضي م جمال الحلو
2025-08-08

يُحكى في القصص الواقعيّة أنّه ذات يوم أقامت نقابة الأطبّاء في إنجلترا حفل تخريج دفعة من الأطبّاء الجدد. وقد حضر الحفل رئيس الوزراء البريطانيّ آنذاك. 
وأثناء الحفل قام نقيب الأطبّاء بإلقاء بعض النّصائح التي ينبغي أن يأخذ بها كلّ طبيب قد تخرّج لتوّه. 
وروى لهم حادثة حصلت معه، قائلًا:
ذات يوم، طرق أحدهم باب بيتي في منتصف الليل، وكانت ليلة عاصفة، وإذ بسيّدة تبكي بحرقة ناشدتني بالقول:
 ساعدني أيّها الطبيب فطفلي مريض جدًّا وهو في حالة حرجة. أرجوك أن تفعل أي شيء لإنقاذه.
تابع نقيب الأطبّاء كلامه فقال: 
أسرعتُ غير مبال بالعواصف والزّوابع والبرد الشّديد والمطر الغزير. وكان مسكن السيّدة في ضواحي لندن، وبعد جهد مُضنٍ وجدت المنزل حيث كانت السيّدة تعيش مع طفلها في غرفة صغيرة. وهناك وجدت الطّفل يئنّ من الوجع، ويتألّم بشدّة، فقمت بواجبي نحوه كما ينبغي. 
على أثر ذلك قامت الأمّ بإعطائي بعضًا من النّقود (رغم فقرها الواضح للعيان)، فرفضتُ أخذ النّقود، وقلت لها بلطف:
 لن آخذ أجري وسأتابع طفلك حتّى يمنّ الله عليه بالشّفاء التامّ. 
وتابع نقيب الأطبّاء كلامه قائلًا:
 هذه هي مهنة الطبّ، وهي أقرب المهن إلى الرحمة، لا بل أقربها إلى الله. 
وما كاد نقيب الأطبّاء ينهي كلامه حتّى نهض رئيس الوزراء من مقعده واتّجه نحو منصّة الخطاب قائلًا: 
"اسمح لي يا سيّدي النّقيب أن أقبّل يدك". فأنا ذاك الطّفل الذي تحدّثت عنه، ومنذ أكثر من عشرين سنة أبحث عنك. آه... فلتسعد أمّي وتهنأ، فقد كانت وصيّتها الوحيدة لي بأن أعثر عليك، لأشكرك وأكافئك على جميل صنعك عندما أحسنت إلينا في فقرنا. 
أمّا الطّفل الفقير الذي أصبح رئيسًا لمجلس الوزراء البريطانيّ فكان:
 "ديفيد لويد جورج".
يتبدّى لنا من هذه القصّة الواقعيّة أنّنا لا بدّ أن نحصد ما زرعناه، ولو بعد حين، خيرًا كان أم شرًّا. 
"فالخير الذي تزرعه، إيّاه تحصد".

جنوبيات
أخبار مماثلة
"شيرين أبو عاقلة... الشاهدة والشهيدة" كتاب هيثم زعيتر في الذكرى الأولى للاستشهادفاسكوomtla salleقريبا "Favorite"