15 صفر 1447

الموافق

السبت 09-08-2025

علم و خبر 26

أخبار

علم و خبر 26

ثقافة وفن ومنوعات

ثقافة

الاتحاد العام للكتّاب والأدباء: محمود درويش وذكرى الغائب الحاضر كزهر اللوز أو أقرب
الاتحاد العام للكتّاب والأدباء: محمود درويش وذكرى الغائب الحاضر كزهر اللوز أو أقرب
جنوبيات
2025-08-09

أصدر الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين اليوم السبت بيانًا في الذكرى السابعة عشرة لرحيل الشاعر الخالد محمود درويش، جاء فيه:
“تنحسر الظلال عن القباب، وميناء اللغة يتجهّز لاستقبال مركب الذكرى، لا زهر يكفي للمنحدرات المثقلة، ولا فلسطين غير ضفائرها النار في الحياض، تستبيح إسبا طة الجديدة الفصل الحالي من حياة الفلسطيني، فوق كل استباحة سبقت توابل الشطب القاتلة، والذكرى افتكار الراحلين من بلورة الوفاء، لا امتلاء الفراغ على بلاط الوقت.
ولأنك سيد الكلمة المقاتلة في إصبع الفدائي الأول، نبقي ذكراك على حناء أرواحنا، لنردّد معك اسمك في الصدى.
محمود درويش، الاحتمال الأقرب لماء العطاش في جفاف الشفاه الشعرية، الكمال الأبهى في سفينة أبحرت من أوردة الليلك وشقّت صحارى المتعبين، وبقيت تنتظر تلويحة المتأخرين في ساري الفداء، والجمال الأنقى رغم حصار المحاصرين بالحنين إلى الديار العتيقة، وما اقترفته القلوب من بكائيات حديثة الألم في درب المقهورين المصلوبين بالخذلان، ومحيط كالبيد مشلول اليد لتقديم خبز “سعاد” للموجوعين؛ سعاد الفدائية الشهيدة، كحيلة العينين ببارود التضحية كما قالت سميرة عزام.
ولأنك محمود درويش، أغنية الفضة الباقية، تجري أنهارك إلى اليوم لتسقي بيد الثابتين على قمة جبل الأمنية بالخلاص.
سبع عشرة سنة وأنت تعزف فينا صمود الشعر في خوابي البقاء، تعيد إلينا الهوية من غير نقصان، وتحثّنا إليك لمصدّق أن الحياة تستحق هذه الأرض، لأنها أمّ البدايات، كانت وستبقى إلى يقين البيلسان وهو يقرع باب الشتاء قبل الأوان.
ولأنك فارس القصيدة، رغم غيابك الفيزيائي، باقٍ قمرة النوافذ المفتوحة في حلمنا السرمدي، رغم مقتلة الأبرياء في سنتين متواصلتين من غير شفاعة أو استراحة، يعيشها شعبنا، والكلام هنا لا يخرج من محبرة الدواة، بل من قيعان القلوب المجروحة بالفقد والخسران.
نكتب في ذكرى رحيلك، ليس على حيطان المخيم لأنها دُمّرت، وليس من قرع أجراس الكنائس لأنها أُسكتت، وليس من هدير بحر غزة لأنه نام في تابوت كبير ولا حنجرة لصوته الآن. نكتب لك من دم الكرمل الحزين، ومجاعة غزة المغدورة، ورماد بوابات المخيمات في جنين ونابلس وطولكرم والخليل، من مناديل الأسفلت المخلوعة في شوارع أريحا، وعرق الندى المتعب على أسطح طوباس، نكتب لك من انهزام البرتقال في خاصرة رام الله المثقلة بثرثرة أسراب الرجاء دون طائل، سوى نفخ الأماني بأحلام اليقظة.
لا يا سيد الشعر، لسنا بخير في ذكرى رحيلك هذه، بل السهول الواسعة ضاقت على كف اليد الواحدة، والتلال موسيقى حزينة على جنائز الأعزاء الراحلين من غير ذنب، ولم تعد تتسع صدورنا لمزيد من أعاصير الموت. كل ما فينا يا محمود محاصر بالوجع والألم، مطروق القهر على سمكه الاستثنائي، كأن الفولاذ المذاب يصهل في داخلنا. فاعذرنا إن نسينا ورد ضريحك في الهوامش، ليس لأنك تُنسى، بل لأن الورد مات قهرًا على خيرة شبابنا.
سنقول كلامًا في العزيمة، وسنعيد المدن إلى بلاطها المضاء بعين القمر، وسنرتّب النهارات لأطفالنا كي يرجعوا إلى مدارسهم في غزة، وسننفض الغبار عن المقابر الوسيعة، اتساع المجرة في المدى، فكل من فقد عزيزًا له في هذه الحرب أغلق باب الحياة وينتظر القيامة. كم الهشاشة فينا، وليس لنا غير الثبات قرب مئذنة أخطأها الموت.
نم كما تشاء، ليوم ينتصر فينا الأمل على فلسفة المنحرفين والمزوّرين من عرب وعجم، ونؤكد – رغم غابات النزف الرجراج وإصرار الأعداء على شطبنا – باقون في مقولة لك:
“أيها المارون بين الكلمات العابرة آن أن تنصرفوا”

رحمك الله يا محمود درويش،
وسنبقى بالدم نكتب لفلسطين.

جنوبيات

أخبار مماثلة
"شيرين أبو عاقلة... الشاهدة والشهيدة" كتاب هيثم زعيتر في الذكرى الأولى للاستشهادفاسكوomtla salleقريبا "Favorite"