16 صفر 1447

الموافق

الإثنين 11-08-2025

علم و خبر 26

علم و خبر 26

مقالات مختارة

مقالات مختارة

لبنانيّون يتواصلون مع أدرعي: "نحبّك.. اضربْ لبنان"!
لبنانيّون يتواصلون مع أدرعي: "نحبّك.. اضربْ لبنان"!
الأخبار
2025-08-10

يلجأ عدد من اللبنانيّين في الآونة الأخيرة إلى التواصل المباشر مع مسؤولين إسرائيليّين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بإنهاء دور حزب الله وبشنّ هجمات على بيئة المقاومة. هذه الظاهرة الخطيرة، التي تقف خلفها دوافع وأهداف معلنة، تُعتبر خرقاً فاضحاً لقانون العقوبات اللبناني في ظلّ الغياب الفعلي للدولة ومؤسّساتها وللمعنيّين بشكل مباشر في ملاحقة هؤلاء وردعهم.

البثّ المباشر لأدرعي: منصة مفتوحة للتحريض

تحتل منصّة «إكس» موقع الصدارة في هذا المشهد، وبالأخصّ عبر البثّ المباشر «space» على حساب المتحدّث باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي، حيث يتواصل عدد من اللبنانيّين مع أدرعي بشكل مباشر، ويطالبونه بمواصلة الحرب على حزب الله واستهدافه في مناطق الجنوب والبقاع وبيروت، بالإضافة إلى بثّ شائعات تؤدّي إلى تهديد الأمن القومي للدولة وتعريضها لخطر العدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقّف.

في حين لا تكترث الجهات المعنيّة لردع هؤلاء، يردّ أدرعي على هذه المطالبات بتأكيدات حازمة ويقول: «لا تقلقوا لن نسمح لحزب الله بترميم قدراته، ونواصل العمل على سحقه واستهداف كل بنيته التحتية في أي منطقة كانت». هذا الخطاب العلني لا يعبّر فقط عن موقف عدائي واضح، بل يشكّل دعوة صريحة لاستهداف الأراضي اللبنانية، ويمثّل تهديداً مباشراً للسّلم الأهلي والأمن القومي.

فوفقاً للقانون اللبناني، إنّ الجرائم التي تُقترف ضدّ سيادة لبنان تدخل ضمن الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي تحت عنوان «الخيانة»، المنصوص عنها في قانون العقوبات، من المادة 273 إلى المادة 283 منه، وهي تهدف إلى حماية لبنان ومقوّمات الدولة، وتعاقب بالأشغال الشاقّة المؤبّدة أو الإعدام لكل من أقدم على أعمال العدوان، أو دسّ الدسائس، أو اتّصل بالعدو وعاونه.

وأمّا بالنسبة إلى قانون مقاطعة إسرائيل، فإنّ هذا القانون في المادة الأولى، يحذّر أي شخص أو شركة من التعامل مع شخص إسرائيلي بشكل مباشر أو غير مباشر بواسطة شخص آخر أو عقْد اتفاق معه أو حتى مؤسسة تحمل جنسية إسرائيلية، ما يُعدّ انتهاكاً لهذا القانون.

وفي الحالات التي ذكرناها، التواصل مع العدو هو بشكل مباشر وعن قصد وعن نيّة ارتكاب الجرائم على الأراضي اللبنانية، وتهديد السلم الأهلي والأمن القومي، فأين قانون العقوبات من هؤلاء؟

إضافة إلى ذلك، لم تقتصر هذه الظاهرة على التفاعل المباشر مع المتحدّث باسم جيش العدو، بل تعدّته إلى موجة من المنشورات التحريضية التي يطلقها بعض الإعلاميّين والسياسيّين والناشطين عبر منصّات التواصل الاجتماعي والتي تدعو بشكل علني إلى استهداف الداخل اللبناني، كما تروّج لشائعات تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار.

هذا التحريض المفتوح يضع لبنان أمام مخاطر حقيقية، حيث تُستغلّ هذه المنصّات لنشر الفتنة والتشكيك في المكوّنات الوطنية ويُستهدف النسيج الاجتماعي ويُهدر مبدأ السلم الأهلي، في وقت البلاد بأمسّ الحاجة فيه إلى الوحدة والتلاحم الوطني.

غياب الدولة: فراغ قانوني وأمني

في الوقت الذي تتصاعد فيه هذه الظاهرة الخطيرة، يبقى السؤال الأبرز حول دور الدولة ومؤسّساتها في مواجهتها. فالدولة اللبنانية، والجهات القضائية والقانونية، تبدو غائبة تماماً عن متابعة هذه التجاوزات الخطيرة، إذ لم يُحاكم أي من المتورّطين في التواصل المباشر مع العدو الإسرائيلي، سواء أكانوا إعلاميّين أو سياسيّين أو ناشطين.

هذا الغياب الواضح للمحاسبة يطرح علامات استفهام حول جدّية الدولة في حماية أمنها الوطني وسيادتها. إذ في حين أنّ حكومة نواف سلام أعلنت رسمياً عن نزع سلاح حزب الله، مُبرّرة ذلك بأنّ السلاح غير الشرعي يشكّل تهديداً للبنان، لا نجد أي تحرّك مماثل من الجهات الحكومية المعنية، لا سيّما وزارة الإعلام ووزارة العدل، للحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة على مواقع التواصل، والتي تؤدّي إلى نتائج مشابهة في تهديد الأمن والاستقرار، فالكلمة كالسلاح، حينما تنطق باسم إسرائيل بالتحريض على الداخل، تؤدّي إلى تهديد أمن لبنان القومي.

قانون العقوبات اللبناني

ينصّ قانون العقوبات اللبناني، لا سيّما في فصوله المتعلّقة بالأمن الوطني والعدو، على نصوص صريحة تجرّم التواصل مع العدو الإسرائيلي والتحريض على تهديد الأمن القومي.

التواصل مع العدو في لبنان يجرّمه قانون العقوبات اللبناني وتحديداً المادة 278 منه. تنصّ هذه المادة على معاقبة كل من يقدّم المساعدة إلى العدو، أو يقوم بالاتصال به مع علمه بأنه عدو. وتعتبر هذه الأفعال خيانة وتستوجب عقوبة الأشغال الشاقّة المؤقّتة.

العقوبات المتعلّقة بالتواصل مع العدو الإسرائيلي:

التخابر والتعاون: وفقاً للمواد 278، و274، و275 من قانون العقوبات اللبناني، يُعاقب كل من يتّصل بالعدو الصهيوني أو يعمل على تحقيق مصالحه بهدف الإضرار بالدولة اللبنانية أو زعزعة أمنها واستقرارها بالأشغال الشاقّة المؤقّتة أو الدائمة.
وكل لبناني دسّ الدسائس لدى دولة أجنبية أو اتّصل بها ليدفعها إلى مباشرة العدوان على لبنان أو ليوفّر لها الوسائل لذلك عوقب بالأشغال الشاقّة المؤبّدة (المادة 274).
إثارة النزاعات الداخلية: أي محاولة لإثارة الفتنة أو الانقسامات داخل لبنان لصالح العدو تُعدّ خيانة عظمى. يعاقب مرتكبها بأشدّ العقوبات، بما في ذلك الأشغال الشاقّة المؤبّدة أو الإعدام في بعض الحالات.
وتنص المادة (276)، على معاقبة كل لبناني أقدم بأي وسيلة كانت بقصد شلّ الدفاع الوطني، على الإضرار بالمنشآت والمصانع والبواخر والمركبات الهوائية والأدوات والذخائر والأرزاق وسبل المواصلات وبصورة عامة بكل الأشياء ذات الطابع العسكري أو المعدّة لاستعمال الجيش أو القوات التابعة له، بالأشغال الشاقّة المؤبّدة.

قانون مقاطعة العدو الإسرائيلي الصادر عام 1955: يمنع هذا القانون أي نوع من التواصل أو التعامل مع أفراد أو كيانات مرتبطة بالعدو، سواء في المجالات التجارية، السياسية، أو الإعلامية.
تعزيز الفتنة: يُعاقب القانون بشدّة على أي نشاط يستهدف إثارة النزاعات بين الطوائف اللبنانية أو نشر الفوضى لصالح العدو.

تطبيق هذه المواد بشكل صارم هو واجب دستوري وأمني، ويُعدّ ضرورة للحفاظ على وحدة الدولة ومجتمعها.

تجارب دولية: مواجهة صارمة مع العملاء والمتعاونين

على الصعيد الدولي، تبادر معظم الدول إلى فرض إجراءات صارمة ضدّ من يُثبت تعاونهم أو تواصلهم مع أعداء الدولة، لا سيّما عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فمثلاً في فرنسا، يُعاقب القانون الأفراد الذين ينخرطون في نشاطات تُعدّ خيانة أو تهديداً للأمن القومي، حتى وإن تمّ ذلك عبر نشر معلومات أو تحريض على العدو.

وفي الولايات المتحدة، تجرّم القوانين الاتحادية كل شكل من أشكال التواصل أو الدعم لأعداء الدولة، وتفرض عقوبات تصل إلى السجن طويل الأمد، باعتبار ذلك تهديداً مباشراً للأمن القومي.

هذه النماذج تُبرز ضرورة وجود آليّات قانونية فاعلة في لبنان، تضمن محاسبة كل من يُخالف القانون ويحاول النّيل من أمن البلاد.

غياب الدولة، وتقاعس الجهات القضائية والقانونية عن المحاسبة، فضلاً عن عدم تحرّك الحكومة ووزاراتها المعنية، يضع لبنان في مواجهة أزمة أمنية وقانونية خطيرة تستوجب وقفة وطنية جادّة. وفي ظلّ هذه المعطيات، لا بدّ من ملاحقة كل من يتواصل مع العدو وإظهار جدّية الدولة في حماية أمنها الوطني واستقرار مجتمعها وذلك عبر تعزيز دور القضاء وتفعيل آليّات الرقابة.

حسين صبرا - الأخبار

أخبار مماثلة
"شيرين أبو عاقلة... الشاهدة والشهيدة" كتاب هيثم زعيتر في الذكرى الأولى للاستشهادفاسكوomtla salleقريبا "Favorite"