في ليلِ الضوضاءِ،
حيثُ تختلطُ الأصواتُ ...
كأمواجٍ عاتيةٍ على شاطئٍ ملوَّث،
يولدُ من الظلِّ صدىً أجوفُ،
يتقمّصُ دورَ الحقيقة،
ويستعيرُ لسانَ الحكمة،
لكنَّه لا يملكُ من الحكمةِ ...
إلّا صخبَ الادّعاء....!
***
باتَ بعضُهم ...
مجرَّدَ ظواهرَ صوتيّة،
تعلو فجأةً ...
كصفّارةِ إنذارٍ بلا سبب،
تُحدِثُ ضجيجًا،
وتبثُّ تلوّثًا سمعيًّا،
ثم تتلاشى سريعًا،
دونَ أن تتركَ أثرًا ...
في ذاكرةٍ نقية....
***
تدخلُ في سباتٍ عميق،
تنتظرُ ...
من يُعيدُ استخدامها،
لتكرّرَ العزفَ ...
على وترِ الإزعاج،
وتسكبَ في فضائنا العربيِّ...
مزيدًا من الضبابِ ...
الصوتيِّ والبصريِّ،
حتى ضاقَ الفضاءُ بأنفاسه،
وتحوَّلَ إلى مرآةٍ معتمةٍ ...
لا تعكسُ إلّا شوائبَها....
***
فضاؤنا العربيُّ اليومَ ...
مُثقلٌ بفضائياتٍ ...
تمارسُ الخداعَ بحرفيّة،
تدّعي العلمَ،
وتتزيّنُ ...
بعباءةِ المعرفةِ والتحليل،
وترسمُ المواقفَ ...
بفرشاةِ الوهم،
وهي أبعدُ ما تكونُ ...
عن جوهرِ ذلك كلِّه....
***
فاحذرْ ...
حينَ تضطرُّ إلى الإصغاءِ لها،
كي تحافظَ على نقاءِ سمعك،
وصفاءِ بصرك،
وطهارةِ روحك،
من غبارِ الوهمِ ...
وضجيجِ الزيف....!
****
لا تُصغِ ...
لكلِّ صدىً يُغرِيكَ بوميضِه،
فكم من برقٍ ...
خادعٍ أضلَّ السائرين،
وكم من ضوضاءَ ...
غطّتْ على أنينِ الحقِّ،
وحدها الأصواتُ النابعةُ ...
من أعماقِ الصدق،
هي التي تبقى،
وتُزهِرُ في الذاكرةِ كقصيدةٍ ...
لا يبهتُ لونُها مع الزمن.....!