17 صفر 1447

الموافق

الثلاثاء 12-08-2025

علم و خبر 26

علم و خبر 26

بأقلامهم

بأقلامهم

لماذا قمّة بوتين – ترامب في آلاسكا؟
لماذا قمّة بوتين – ترامب في آلاسكا؟
محمد السماك
2025-08-11

لماذا اتّفقت روسيا والولايات المتّحدة على عقد قمّة الرئيسين فلاديمير بوتين – دونالد في آلاسكا ؟ ماذا يعني اختيار هذا المكان بالذات دون بقيّة أنحاء العالم. وما هي الحكمة أو الرسالة السياسية من وراء هذا الاختيار؟

 
للإجابة على هذا السؤال لا بدّ من العودة إلى عام 1867 عندما كانت آلاسكا جزءاً من روسيا. في ذلك الوقت كانت روسيا تعاني من تداعيات هزيمتها العسكرية في القرم أمام القوّات الأوروبية (التحالف الفرنسي – البريطاني). وفي ذلك الوقت أيضاً كانت بريطانيا لا تزال تحتلّ كندا، وبالتالي كانت قريبة من آلاسكا وقادرة على استغلال الضعف الروسي لاحتلالها.
 
في مواجهة معادلة عدم التوازن السياسي – العسكري بين روسيا وأوروبا في ذلك العام (1867) عرضت روسيا بيع آلاسكا إلى الولايات المتّحدة بثمن بخس. كانت الولايات المتّحدة مولوداً سياسيّاً جديداً يخرج من رحِم ثورة استقلاليّة عن بريطانيا.
 
لقد آثرت روسيا القيصرية أن تخسر آلاسكا بإرادتها بدلاً من أن تخسرها في هزيمة عسكرية جديدة. وهكذا تفاهمت موسكو وواشنطن على نقل ملكية آلاسكا (بأبخس الأسعار، 2 سنت للهكتار) من روسيا إلى الولايات المتّحدة. إلّا أنّ الثمن السياسي كان أهمّ خاصّة بالنسبة لموسكو. فقد أبعدت الصفقة الولايات المتّحدة عن المشاركة في استغلال حرب القرم التي خرجت منها روسيا منهكة وغير قادرة على الدفاع عن نفسها. وقطعت الطريق أمام القوّات البريطانية التي كانت لا تزال في كندا.
 
صحيح أنّ حرب أوكرانيا اليوم ليست مثل حرب القرم بالأمس. فأوروبا تعاني من الإنهاك والاستنزاف من استمرار الحرب الاستنزافية، وروسيا تعاني من استمرار حرب المقاطعة الدولية ماليّاً وتجاريّاً التي تفرضها عليها الولايات المتّحدة مع الدول الأوروبية.
 
أيّ اتّفاق أو أيّة تسوية لوقف الحرب في أوكرانيا يخدم مصالح كلّ الأطراف المتورّطة مباشرة بهذه الحرب عسكريّاً وماليّاً وسياسيّاً
من هنا أيّ اتّفاق أو أيّة تسوية لوقف الحرب في أوكرانيا يخدم مصالح كلّ الأطراف المتورّطة مباشرة بهذه الحرب عسكريّاً وماليّاً وسياسيّاً، وخاصّة روسيا وأميركا والاتّحاد الأوروبي.
 
هنا تلتقي مصالح كلّ هذه الأطراف على مبدأ التسوية قبل أن ينتقل الصراع إلى ما هو أسوأ وأخطر، أي إلى استخدام السلاح النووي (حركة الغوّاصات الأميركية النووية ردّاً على تهديدات الرئيس الروسيّ السابق ميدفيدف).
 
’الاسكا
 
منذ أن عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وهو يمنّي النفس بدور سياسي يوقف الحرب في أوكرانيا. ويبدو الآن أنّ هذا الدور مرتبط بجغرافيا التسوية السياسية.
 
كانت آلاسكا رمزاً لتفاهم روسي – أميركي في أصعب الظروف التي مرّت بها روسيا القيصرية (بعد حرب القرم). فهل تكون أيضاً رمزاً لتفاهم أميركي – روسيّ في أصعب الظروف التي تمرّ بها روسيا “البوتينيّة” بعد حرب أوكرانيا؟
 
عرفت العلاقات الأميركية – الروسيّة عصرها الذهبي بعد صفقة بيع آلاسكا (586,400 ميل مربّع بقيمة 7.2 ملايين دولار فقط). فهل تعود الروح إلى هذه العلاقات خلال صفقة تنهي الحرب الأوكرانية؟
 
إقرأ أيضاً: من هيروشيما إلى أوكرانيا: القنبلة النّوويّة على طاولة المفاوضات
 
في 18 تشرين الأوّل 1867 احتفل جنود أميركيون وروس في بلدة “سيتكا” في آلاسكا بإنزال العلم الروسي ورفع العلم الأميركي في وسط البلدة حيث يتقاطع الشارعان الرئيسيان فيها، وقد سُمّي أحدهما باسم الولايات المتّحدة وسمّي الثاني باسم الاتّحاد الروسي.
 
اليوم كبرت المدينة ولا يزال الشارعان يحملان اسميهما الرمزيَّين حتّى اليوم. وربّما تكون هذه المدينة في قلب آلاسكا المدينة الرمز لعقد قمّة “تحالف المضطرّين” الرئيسين ترامب وبوتين.

أساس ميديا
أخبار مماثلة
"شيرين أبو عاقلة... الشاهدة والشهيدة" كتاب هيثم زعيتر في الذكرى الأولى للاستشهادفاسكوomtla salleقريبا "Favorite"