يقول الباحثان فلورا هوي وبيت أ. ويليامز إن أدوية مثل أوزمبيك، وويغوفي، ومونجارو (المعروفة باسم سيماغلوتايد وتيرزيباتيد) قد غيّرت طريقة تعامل الأطباء مع مرض السكري والسمنة حول العالم.
تُعرف هذه الأدوية مجتمعةً باسم مُنشِّطات «جي إل بي 1»، وهي تُحاكي هرمون «جي إل بي 1» الذي يُقلّل من الشعور بالجوع والرغبة في تناول الطعام، مما يُساعد المستخدمين على إنقاص الوزن، ويُساعد في ضبط مستويات السكر في الدم.
لكنّ دراستين جديدتين نُشرتا اليوم (الأربعاء) تُظهران أن الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية قد يكونون أكثر عُرضةً لخطر الإصابة بأمراض خطيرة في العين وفقدان البصر.
ما الضرر الذي قد يحدث؟ اعتلال العصب البصري الأمامي الإقفاري غير الشرياني، هو حالة نادرة ولكنها مُدمّرة في العين تحدث عندما ينخفض تدفق الدم إلى العصب البصري فجأةً أو يُسد. ويُسمى أيضاً «سكتة دماغية في العين».
لا يزال السبب الدقيق لاعتلال العصب البصري الأمامي الإقفاري غير الشرياني غير واضح، ولا توجد علاجات مُتاحة حالياً. مرضى السكري أكثر عُرضة للإصابة باعتلال العصب البصري (NAION).
وعلى عكس أمراض العين الأخرى التي تتطور تدريجياً، يُسبب اعتلال العصب البصري فقداناً مفاجئاً وغير مؤلم للرؤية. عادةً ما يلاحظ المرضى هذه الحالة عند الاستيقاظ واكتشاف فقدانهم للرؤية في إحدى العينين.
ويميل البصر إلى التدهور على مدار أسبوعين ثم يستقر تدريجياً. يتفاوت معدل استعادة البصر، ولكن حوالي 70 في المائة من الأشخاص لا يشعرون بتحسن في بصرهم.
ماذا أظهرت الأبحاث السابقة؟ ووجدت دراسة سابقة أُجريت عام 2024 أن المشاركين الذين وُصف لهم دواء سيماغلوتايد لعلاج السكري كانوا أكثر عُرضة للإصابة باعتلال الشبكية السكري بأربع مرات. أما بالنسبة لمن يتناولونه لإنقاص الوزن، فكان الخطر أعلى بنحو ثماني مرات.
في يونيو (حزيران)، خلصت وكالة الأدوية الأوروبية إلى أن اعتلال الشبكية السكري يُمثل أثراً جانبياً «نادراً جداً» لأدوية سيماغلوتايد: باحتمال واحد من كل 10 آلاف. وفي سابقة هي الأولى من نوعها للجهات التنظيمية للأدوية، تُلزم الوكالة الآن ملصقات المنتجات بتضمين اعتلال الشبكية السكري بوصفه خطراً مُوثقاً.
ومع ذلك، تُشير الدراسات الحديثة إلى أن المخاطر قد تكون أقل مما كنا نعتقد في البداية. بالإضافة إلى اعتلال الشبكية السكري، هناك أيضاً أدلة تشير إلى أن أدوية «جي إل بي 1» يُمكن أن تُفاقم مرض العين السكري، المعروف أيضاً باسم اعتلال الشبكية السكري. يحدث هذا عندما يُؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى تلف الأوعية الدموية الصغيرة في شبكية العين، مما قد يؤدي إلى فقدان البصر.
قد يبدو الأمر مُخالفاً للمنطق، لكن الانخفاض السريع في نسبة السكر في الدم يُمكن أن يُزعزع استقرار الأوعية الدموية الهشة في شبكية العين ويؤدي إلى النزف.
ماذا تقول الدراسات الجديدة؟ بحثت دراستان نُشرتا حديثاً في مرضى السكري من النوع الثاني المقيمين في الولايات المتحدة على مدار عامين. ونظرت الدراستان في السجلات الطبية لما بين 159,000 و185,000 شخص.
وجدت إحدى الدراستين أن دواء سيماغلوتايد أو تيرزيباتيد يرتبط بخطر أقل للإصابة باعتلال العصب البصري مما كان يُعتقد سابقاً. من بين 159,000 شخص مصاب بداء السكري من النوع الثاني كانوا يتناولون هذه الأدوية، أصيب 35 شخصاً (0.04 في المائة) باعتلال العصب البصري، مقارنةً بـ19 مريضاً (0.02 في المائة) في مجموعة المقارنة.
وجد الباحثون أيضاً زيادة في خطر الإصابة باضطرابات العصب البصري الأخرى. ومع ذلك، ليس من الواضح نوع اضطرابات العصب البصري، لأن رموز السجلات الطبية المستخدمة لم تحددها.
على النقيض من ذلك، لم تجد الدراسة الثانية زيادة في خطر الإصابة باعتلال العصب البصري بين أولئك الذين يتناولون أدوية إنقاص الوزن الشهيرة.
حقن «أوزمبيك» و«ويغوفي» قد تتصدى لأمراض الكبد الخطيرة ومع ذلك، وجد الباحثون زيادة طفيفة في عدد الأشخاص الذين يُصابون باعتلال الشبكية السكري لدى أولئك الذين وُصفت لهم أدوية إنزال الوزن الشهيرة.
ولكن بشكل عام، عانى المشاركون الذين تناولوا أدوية «جي إل بي 1» من مضاعفات أقل تهدد البصر مرتبطة باعتلال الشبكية السكري، واحتاجوا إلى علاجات عيون أقل تدخلاً مقارنةً بالمجموعة التي تتناول أدوية أخرى للسكري.
لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم كيف يمكن أن تؤدي أدوية «جي إل بي 1» إلى مضاعفات في العين.
تدرس تجربة سريرية حالية، مدتها خمس سنوات، الآثار طويلة المدى للسيماغلوتيدات ومرض العين السكري لدى 1500 شخص، مما يُتوقع أن يُقدم لنا مزيداً من المعلومات حول مخاطر العين في المستقبل.
ماذا يعني هذا للأشخاص الذين يتناولون أدوية «جي إل بي 1»؟ ويُعدّ اعتلال العصب البصري (NAION) حالة خطيرة. ولكن أشارت الدراسة إلى أن العلماء بحاجة إلى تحقيق توازن بين هذه المخاطر (وغيرها) وفوائد أدوية «جي إل بي 1» في رعاية مرضى السكري، وعلاج السمنة، وتقليل مخاطر النوبات القلبية، وإطالة العمر. ويكمن السر في اتخاذ قرارات مدروسة، وتحديد مستويات الخطر المختلفة.
يجب على الأشخاص الذين يعانون من عوامل خطر متعددة للإصابة باعتلال العصب البصري - مثل انقطاع النفس النومي، وارتفاع ضغط الدم، وداء السكري - الخضوع لدراسة متأنية مع طبيبهم المعالج قبل البدء بتناول هذه الأدوية.
على الرغم من أن اعتلال العصب البصري (NAION) قد يصيب أي شخص دون سابق إنذار، فإن فحوصات العين الشاملة المنتظمة لدى طبيب العيون لا تزال تُفيد في أغراض مهمة، حيث يمكن الكشف عن مشاكل العين الأخرى المرتبطة بالأدوية، بما في ذلك تفاقم اعتلال الشبكية السكري، ويمكن تحديد المرضى الذين يعانون من ازدحام رؤوس العصب البصري. من المهم أيضًا إخبار الطبيب إذا كنت تتناول أدوية «جي إل بي -1» حتى يتمكن من مراقبة صحة عينيك عن كثب.
وتشير الأبحاث الحديثة أيضاً إلى أن تحسين صحة القلب قد يساعد في تقليل مخاطر الإصابة باعتلال العصب البصري. ويشمل ذلك الإدارة السليمة لارتفاع ضغط الدم والسكري وزيادة الدهون - وهي جميعها حالات تؤثر على الأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي العصب البصري.
تشير الدراسات أيضًا إلى أن مرضى القلب الذين يلتزمون بوصفات أدويتهم بشكل أفضل يكونون أقل عُرضة للإصابة باعتلال العصب البصري من غيرهم.