قراءة المشهد العام في لبنان: انفراج أم انفجار؟
المشهد اللبناني اليوم يقف على مفترق طرق، إذ تتقاطع بوادر انفراج سياسي واقتصادي جزئي مع مؤشرات توتر أمني واجتماعي كامنة. عوامل الانفراج ترتبط بأي توافق داخلي أو دعم خارجي يفتح الباب أمام إصلاحات مالية وإدارية، بينما عوامل الانفجار تبقى قائمة إذا استمر الشلل المؤسسي وغياب المعالجات الجذرية للأزمات.
ا
عودة الاستقرار في وقت قريب
من الصعب توقع عودة الاستقرار الشامل في المدى القريب، لكن قد نشهد "استقراراً نسبياً" إذا نجحت القوى السياسية في تمرير استحقاقات أساسية وتخفيف حدة الانقسامات. أي انفراج فعلي يتطلب خطوات إصلاحية ملموسة، لا مجرد تسويات ظرفية.
المشهد البلدي
البلديات اليوم تواجه ضغوطاً كبيرة بسبب ضعف الموارد المالية، وتزايد الطلب على الخدمات الأساسية، وغياب الدعم المركزي الكافي. بعض البلديات تعمل بإمكانات شبه معدومة، فيما تلجأ أخرى إلى مبادرات محلية وشراكات مع منظمات أهلية ودولية لتعويض النقص. اللحظة الحالية حساسة لأنها قد تحدد ما إذا كانت البلديات ستصبح رافعة للتعافي المحلي، أو ضحية إضافية للأزمة الوطنية.
الرؤية المستقبلية على صعيد البشر والحجر
على صعيد البشر: التحدي الأكبر هو الحفاظ على النسيج الاجتماعي ومنع تفاقم الهجرة والنزوح الداخلي، عبر توفير بيئة معيشية مقبولة وفرص عمل تحافظ على الكفاءات.
على صعيد الحجر: البنية التحتية تحتاج إلى خطط طوارئ وإعادة تأهيل تدريجي، خصوصاً في قطاعات المياه والكهرباء والطرقات، مع اعتماد حلول مستدامة تقلل الكلفة وتزيد الاعتمادية.
الخلاصة
لبنان أمام مرحلة انتقالية دقيقة، حيث يمكن لأي تطور سياسي أو اقتصادي أن يترجم سريعاً إما إلى مسار تهدئة وتحسين، أو إلى تصعيد وانفجار. دور البلديات سيكون محورياً في رسم ملامح المرحلة المقبلة، شرط تأمين الدعم والصلاحيات اللازمة.
ما هي أبرز النقاط والأهداف التي تسعون لتحقيقها في هذا العهد البلدي؟
أولاً: تحسين البنية التحتية
• مياه الشُرْب (مياه الشفه)
• الصرف الصحي
• صيانة الطرقات الداخلية والإنارة
ثانيًا: النظافة العامة والبيئة
- الحفاظ على نظافة الشوارع والأحياء داخل القرية.
- معالجة موضوع النفايات وعدم تراكمها وإعادة تفعيل مشروع الفرز.
- دعم مبادرات التدوير والحفاظ على النظافة عبر شراكة مع الجمعيات الشبابية والكشفية.
ثالثًا: الحدائق العامة والساحات والشوارع:
- تجميل مداخل القرية عبر اعتماد طرق هندسية مناسبة.
- عنونة وترقيم الشوارع ووضع اشارات خاصة بهذا الموضوع.
- إعادة ترتيب وتنظيف وتزيين الحدائق العامة.
- إنشاء حدائق عامة جديدة وتأمين مساحات خضراء للراحة والترفيه.
رابعًا: حماية الأملاك العامة والأملاك الوقفية:
- منع التعدي على الثروة الحرجية والاملاك العامة البلدية (المشاعات) من خلال تفعيل الرقابة والحراسة.
- العمل على إعادة تشجير وانشاء مساحات خضراء في الاملاك العامة وجعلها محميات طبيعية لتصبح جبالنا مكسوة بالاشجار والغابات.
- التعاون المثمر مع لجنة إدارة المساجد والإشراف عليها لتعزيز الموارد المالية للمساجد وضمان استدامة هذه الموارد.
خامسًا: التنمية الزراعية :
- لأن بلدتنا تعتمد على الزراعة بشكل اساسي، ولأن الأرض تصنف أرض زراعية، فكان التوجه لدعم هذا القطاع عبر الارشاد والتوجيه والدعم وتأمين البذور والأدوية وذلك من خلال الشراكة بين المزارعين من جهة وبين المنظمات والجمعيات التي تدعم هذا القطاع بالتنسيق الرسمي مع البلدية.
سادسًا: التنمية المحلية ودور الشباب:
- دعم الأندية والجمعيات المحلية وأفواج الكشاف في مشاريع شبابية مشتركة (إقامة مهرجانات ومسابقات لتعزيز المواهب الفنية والثقافية والرياضية).
- إنشاء ملاعب رياضية بأمس الحاجة إليها بلدتنا وعلى وجه الخصوص ملعب لكرة القدم.
- تمكين الشباب من الإشراف والمشاركة في لجان البنية التحتية والبيئة داخل المجلس البلدي.
سابعًا: تفعيل الإدارة البلدية والتحول الرقمي:
- العمل داخل البلدية كفريق عمل واحد موحّد وتوزيع الأدوار وإعطاء الصلاحيات وتوزيع اللجان كل حسب خبرته واختصاصه.
- رقمنة الخدمات البلدية لتسهيل الإجراءات الإدارية مثل استخراج الوثائق، تقديم الشكاوى، وإجراء المعاملات والرخص ودفع الرسوم عبر الإنترنت.
- أرشفة إلكترونية لكل ملفات البلدية لحماية المعطيات وتسهيل الرجوع إليها.
- تدريب الموظفين على استعمال التكنولوجيا الحديثة وتحسين جودة الخدمات الإدارية.
ثامناً: الثقافة والتعليم:
- التنسيق مع المؤسسات التربوية داخل البلدة لتوفير جميع الاحتياجات التي تفتقر اليها هذه المؤسسات.
- توفير دروس دعم مجانية في المواد العلمية واللغات بالتعاون مع متطوعين مختصين.
- تنظيم ورشات عمل أكاديمية ومهنية وتقنية في مجالات مطلوبة في سوق العمل المحلي لمساعدة وتوجيه طلابنا على اختيار التخصص.
ماذا عن موضوع التمويل في ظل مشهد الانهيار الاقتصادي والصعوبات التي يعيشها المشهد الاقتصادي اللبناني؟
كما ذكرت، نمر بأوقات صعبة للغاية ومفصلية، والامكانيات المادية شبه معدومة حاليا، وخاصة مع حرمان البلديات من عائدات الصندوق البلدي المستقبل وعائدات الهاتف، لذلك سنركز بشكل اساسي على الجباية المحلية وقبول الهبات والتبرعات عسى ان تؤمن ولو بشكل بسيط الحاجات الضرورية من جمع ونقل نفايات ورواتب الموظفين الدائمين في البلدية بانتظار انفراج الازمة ونستطيع بعدها النهوض بقريتنا وتأمين حاجاتها.
ما هو بصيص النور وسط ضبابية المشهد؟
البصيص الحقيقي للنور في المشهد اللبناني اليوم يكمن في ثلاث مسارات مترابطة:
١- الطاقات البشرية – رغم الأزمات، لا يزال لبنان يمتلك كفاءات في الداخل والخارج قادرة على تحريك عجلة الاقتصاد والخدمات إذا توافرت بيئة حاضنة. قوة الانتشار اللبناني في العالم يمكن أن تتحول إلى شريان دعم مالي ومعرفي مهم.
٢ - المبادرات المحلية – على مستوى القرى والبلدات، هناك أمثلة ناجحة لبلديات ومجتمع مدني وشباب متطوعين أطلقوا مشاريع صغيرة في الطاقة الشمسية، إعادة التدوير، والزراعة المستدامة، ما يثبت أن التغيير يمكن أن يبدأ من القاعدة.
٣- الفرص الإقليمية والدولية – التحولات في المنطقة وإعادة رسم بعض التحالفات قد تفتح نافذة للبنان للحصول على دعم أو استثمارات، شرط وجود إصلاحات واضحة وشفافية في الإدارة.
بصيص النور ليس وعداً جاهزاً من الخارج، بل هو مزيج من المبادرات المحلية المدعومة بخبرة الانتشار اللبناني، مع لحظة سياسية مؤاتية إذا أحسن الداخل استغلالها.