بيروت، يا زهرة المدائن الشّرقيّة، ويا جسر الحضارات، ويا حكاية المجد المكتوبة على جبين البحر.
هي ليست مجرّد عاصمة، بل قلبًا نابضًا لوطنٍ اسمه لبنان، وجوهرة تتوسّط الشّرق، وتشهد للعروبة والثّقافة والحريّة.
موقعها الجغرافيّ لا يشبه سواها، فهي تمدّ يدها للبحر وظهرها للجبل، وتحضن التّاريخ في أزقّتها، والحداثة في نوافذها، والعنفوان في قلوب أهلها.
أهل بيروت، أولئك الطيّبون، الكرماء، الحالمون، هم سرّها الجميل، وهم من حملوا على أكتافهم الوطن حين تعثّر، وضمّدوا جراحه حين نزف.
بيروت مدينة أعطت لبنان كلّ شيء: الثّقافة من جامعاتها، والحرّيّة من صحافتها، والنّضال من شوارعها.
فيها نشأت الحركات الوطنيّة، ومنها انطلقت شرارات الوعي. في السّاحات البيروتيّة تُكتَب يوميًّا قصّة الصّمود اللبنانيّ، رغم الانفجارات، ورغم الجراح.
بيروت دفعت الأثمان الكبرى من أجل لبنان، نزفت في الحروب، وانبعثت من تحت الرّكام، ورفضت أن تموت.
هي المحروسة، لا لأنّها بلا ألم، بل لأنّها محفوظة بمحبّة أهلها، وبقلبها الذي لا يتوقّف عن النّبض، مهما قست الأيّام.
وإذا كانت المدن تُقاس بتاريخها وتضحياتها، فإنّ بيروت تسبق الجميع. إنّها الحارسة لهويّة الوطن، والمدافعة الصّامتة عن الكرامة، وذاكرة لا تمحى.
بيروت المحروسة باقية، لأنّ فيها من الحياة ما لا تمحوه الكوارث، ومن النّور ما لا تطفئه العتمة.