21 صفر 1447

الموافق

السبت 16-08-2025

علم و خبر 26

علم و خبر 26

صحة

صحة

أرقام مقلقة للـ"إيدز" في لبنان!
أرقام مقلقة للـ"إيدز" في لبنان!
ناديا الحلاق
2025-08-15

شهد لبنان خلال السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الإصابات بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، ما أثار قلق الأوساط الطبية والمنظمات الصحية والمجتمع المدني على حد سواء. فقد كان لبنان يُصنّف سابقاً ضمن الدول ذات المعدلات المنخفضة، غير أن المؤشرات الحديثة تكشف عن تصاعد مقلق يفرض وقفة جادة واستجابة فورية.

تشير الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة "الصحة العامة" إلى أن عدد الأشخاص المتعايشين مع الفيروس بلغ نحو 3018 حالة حتى نهاية عام 2022، مع تسجيل 223 إصابة جديدة خلال ذات الفترة. غير أن تقارير ميدانية ومصادر مستقلة تكشف عن أرقام أكبر بكثير، حيث تشير بيانات غير رسمية إلى أن الإصابات الجديدة قد تخطت حاجز 3000 في عام 2023، مما يعكس وجود ثغرات في منظومة الكشف والرصد الرسمي.

وشهدت أعداد المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في لبنان زيادة ملحوظة خلال عام 2025. هذه المؤشرات المقلقة تعكس استمرار تفاقم الأزمة الصحية، وتؤكد الحاجة الملحة لتكثيف جهود الكشف والوقاية والرصد لمواجهة هذا التصاعد غير المعلن بشكل رسمي.

ويرجع هذا الارتفاع إلى عدة عوامل متشابكة، تتصدرها العلاقات الجنسية غير الآمنة التي تمثل ما يقارب 99.5% من طرق انتقال العدوى. هذه النسبة تدفع إلى تأكيد أهمية التوعية الشاملة بتبني وسائل الوقاية، خاصة استخدام الواقي الذكري، كأحد الخطوط الدفاعية الرئيسة في مواجهة تفشي المرض.

إلى جانب ذلك، تسهم الممارسات غير الآمنة في مراكز التجميل والوشم، حيث تستخدم الأدوات ذاتها مع أكثر من شخص، في زيادة خطر انتقال العدوى، فضلاً عن تعاطي المخدرات بالحقن الذي يشكل بدوره عاملاً خطيراً.

وأكد طبيب متخصص في الأمراض الجرثومية أن "تنامي عدد الإصابات يعكس تراكماً لعوامل متعددة، أبرزها ضعف التوعية وعدم الالتزام بوسائل الوقاية، إضافة إلى نقص الرقابة على المؤسسات التي تقدم خدمات تتطلب تعقيماً صارماً، مثل مراكز التجميل والوشم".

وشدد على ضرورة تكثيف الحملات التوعوية وتوفير الوسائل الوقائية، إلى جانب فرض رقابة صارمة على هذه المراكز، تشكل دعائم أساسية في الحد من انتشار الفيروس.

تواجه وزارة "الصحة" تحديات جمة في التصدي لهذه الأزمة، منها نقص الموارد المالية والبشرية التي تقيد من نطاق وجودة البرامج العلاجية والتوعوية. كما تشكل الوصمة الاجتماعية عائقاً إضافياً يمنع المصابين من الكشف عن حالتهم وطلب الدعم الطبي، ما يزيد من احتمالات تفشي المرض وانتقاله بين أفراد المجتمع.

وتتفاقم الأزمة مع وجود فئات أكثر عرضة للإصابة، كالمهاجرين واللاجئين، الذين يشكلون جزءاً كبيراً من النسيج الاجتماعي اللبناني، ما يزيد من تعقيد معالجتها ويستدعي تدخلات خاصة تراعي ظروفهم الاجتماعية والصحية.

وفي ظل هذه الظروف، تبدو الحاجة ملحة لتعزيز الوعي المجتمعي، وتطوير آليات الرقابة على مراكز التجميل والوشم، وتوسيع نطاق توفير العلاج المجاني والميسر للمصابين. كما يلعب التعاون مع المنظمات الدولية والداعمين الخارجيين دوراً محورياً في تقوية الجهود الوطنية للحد من انتشار الفيروس.

في ظل هذه التحديات المتزايدة، يبقى التصدي لأزمة فيروس نقص المناعة البشرية في لبنان مسؤولية مشتركة تتطلب تعاون الجميع من الحكومة والمؤسسات الصحية إلى المجتمع المدني والأفراد. فقط من خلال تعزيز الوعي، وتحسين خدمات الرعاية الصحية، وإزالة الوصمة الاجتماعية، يمكن تحقيق تقدم حقيقي في مكافحة هذا المرض والحفاظ على صحة وسلامة المجتمع اللبناني بأكمله.

الجريدة
أخبار مماثلة
"شيرين أبو عاقلة... الشاهدة والشهيدة" كتاب هيثم زعيتر في الذكرى الأولى للاستشهادفاسكوomtla salleقريبا "Favorite"