غزة بين التخادم والتهجير… صراع معقّد تُغذّيه علاقة قاتلة بين نتنياهو وحماس، والمأساة الإنسانية تتفاقم بينما يظل الحل السياسي غائبًا.
غزة لم تعد مجرد جغرافيا محاصرة، بل تحوّلت إلى عقدة صراع معقد تُغذّيه علاقة تخادم قاتلة بين بقاء نتنياهو في الحكم وبقاء حماس على رأس السلطة. في ظل هذا المشهد، لا تُدار الحرب بمنطق الحسم، بل بمنطق الإطالة وإدارة الأزمة، حيث تتقاطع مصالح أطراف محلية وإقليمية ودولية، بعضها ظاهر وبعضها يعمل في الخفاء.
النتيجة: مأساة إنسانية متفاقمة بلا أفق سياسي، ودائرة مغلقة يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني وحده.
الحرب بلا نهاية:
ما يجري في غزة لم يعد مواجهة عسكرية محدودة، بل إدارة صراع طويلة الأمد. إسرائيل تمارس سياسة الاستنزاف عبر القصف والتهجير الداخلي، فيما حماس تبني روايتها على المقاومة المستمرة، هذه المعادلة تجعل الحسم غائبًا، لتبقى المعاناة وقودًا للصراع.
تصريح رئيس المعارضة الإسرائيلية إسرائيل كاتس بأن “حماس لن تُهزم طالما نتنياهو في السلطة” يلخص المشهد، فنتنياهو يُطيل امد الحرب لتثبيت حكمه والهروب من محاكمات الفساد، بينما حماس تستمد شرعيتها من خطاب المقاومة في ظل الحصار. كلا الطرفين يحتاج الآخر ليستمر، في حين تُترك غزة رهينة لهذه الحلقة المغلقة.
أطراف الصراع: العلن والظل....
العلنيون: الجيش الإسرائيلي، حماس، السلطة الفلسطينية، مصر، قطر وتركيا، والولايات المتحدة.
الخفيون: شبكات التمويل والسلاح، جماعات الضغط الغربية، وأجندات إقليمية توظف غزة كورقة مساومة في ملفات كبرى مثل النووي الإيراني والغاز والممرات البحرية.
غزة هنا تتحوّل من قضية فلسطينية بحتة إلى عقدة إقليمية–دولية.
المأساة الإنسانية ، الحرب تركت آثارًا كارثية: عشرات آلاف الشهداء والجرحى ، جيل كامل يعيش تحت صدمات نفسية ، بنية تحتية مدمرة وخدمات منهارة.
غزة اليوم عنوان لمأساة القرن، حيث الجوع والقصف والتهجير أصبحوا واقعًا يوميً ، متى تتوقف وإلى متى تستمر؟
لن تتوقف الحرب ما لم تتوافر ثلاثة شروط:
1. ارتفاع الكلفة السياسية والاجتماعية على إسرائيل.
2. ضغط أمريكي وأوروبي ملموس لا يقتصر على التصريحات.
3. إيجاد بديل فلسطيني قادر على إدارة غزة.
في ظل غياب ذلك، ستستمر الحرب كحلقة متكررة من القصف والهدن الهشة ثم العودة للاقتتال.
المآلات المحتملة:
مشروع تهجير داخلي وتغيير ديموغرافي تدريجي.
إضعاف السلطة الفلسطينية وتفكيك التمثيل الموحد.
إدارة أمنية طويلة الأمد تبقي غزة في حالة “لا حرب ولا سلام”.
طريق الخروج :
المخرج الوحيد لا بد ان يكون سياسي و مدني لا عسكري، ويشمل:
وقف شامل للعدوان بضمانات دولية. ممرات إنسانية آمنة.
توفير إدارة مدنية انتقالية برعاية عربية و دولية ومرجعية فلسطينية موحدة.
اتمام صفقة تبادل شاملة للأسرى والرهائن.
توحيد الصف الفلسطيني خلف مشروع الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 2967 م .
التأكيد على توفير التزامات دولية تمنع التهجير وتدعم الإغاثة السريعة وتدعم ازالة الركام وسرعة الإعمار وتنقية البيئة ، وإعادة سبل الحياة لقطاع غزة من مياه وطاقة وغذاء وتشغيل .
إن مأساة غزة باتت تكمن في نتاج علاقة تخادم : بين نتنياهو وحماس، حيث بقاء كل منهما مرهون ببقاء الآخر ، كسر هذه الحلقة شرط لوقف المأساة وإعادة الأفق السياسي للشعب الفلسطيني.
وحتى يتحقق ذلك، ستظل غزة جرحًا مفتوحًا وعنوانًا لأكبر مأساة إنسانية وسياسية في هذا القرن.