23 صفر 1447

الموافق

الأحد 17-08-2025

علم و خبر 26

أخبار

علم و خبر 26

بأقلامهم

بأقلامهم

"لا دُخان بلا نار"!
"لا دُخان بلا نار"!
القاضي م جمال الحلو
2025-08-17

مثلٌ عربيٌّ قديم، توارثته الألسن وتثبتت حكمته في وجدان النّاس، يقول:
 "لا دُخانَ بلا نار"، وهو قولٌ يختزل في لفظٍ موجز حقيقةً عميقة تُحاكي فطرة الإنسان وتجربته في الحياة.

فالدّخان لا ينبعث من فراغ، بل لا بدّ أن تكون هناك نارٌ مشتعلة، مهما خفي لهيبها أو خمد جمرها. 
وكذلك في حياة النّاس، لا تكثر الأقاويل حول أمرٍ ما إلا وكان له أصل، ولا تشتدّ الرّيبة حول شخص أو حدث إلا وكانت هناك قرائن، ظاهرة أو خفيّة، تؤجج الشّكّ وتُذكّي الظّن.

لكن الحكمة، وإن كانت شاهداً على واقع، لا ينبغي أن تُستخدم سيفًا يُقطَع به في أعراض النّاس، ولا ذريعةً للوقوع في الغيبة والافتراء.
 فليس كل دخانٍ علامة على نارٍ محرقة، فقد يكون سراباً أو سُحباً عابرة، وقد تشتدّ الرّياح فتثير غباراً يشبه الدخان، فيُضلّل البصر ويُحرّك الألسن.

"لا دخان بلا نار"... مقولة تستوجب التبصّر، لا التسرّع.
 فهي دعوة إلى التّحقّق قبل إصدار الأحكام، وإلى التّأمّل في خلفيّات الأمور بدل الانجراف وراء الظواهر. 
فالعاقل لا يصدّق كل ما يُقال، ولا يُكذّب كل ما يُشاهد، بل يزن بعقله وقلبه، ويراعي عاقبة الكلمة وخطر الإشاعة.

إنها دعوة للتروّي، لا للرّيبة، وللتمييز بين الحقيقة والتّهويل. 
فكم من نارٍ تحت الرّماد أوقدت فتنة، وكم من دخانٍ بلا نار أثار الظّنون وأفسد القلوب.

فليكن ميزاننا العدل، ومرآتنا البصيرة، وألسنتنا مفاتيح خيرٍ لا مفاتيح شر، فما أكثر الدخان في زمن ضاعت فيه الحقيقة بين التّأويل والتّضليل.

جنوبيات
أخبار مماثلة
"شيرين أبو عاقلة... الشاهدة والشهيدة" كتاب هيثم زعيتر في الذكرى الأولى للاستشهادفاسكوomtla salleقريبا "Favorite"