تأتي الأيّامُ بتداولِها المُستمرّ لتُخبِرَنا أنّ في العُمرِ مُتَّسَعًا للحياة.
وتأتي الأيّامُ لِتَقُول لنا أنّ ذِكرياتنا الجميلة قد تَذهَبُ هَباءً بمُرورِ الوقت إن لم نُوَثِّقْها، ليس في الذّاكرةِ فَحَسْب، بل بِكتابةِ عناوينَ مُختَصَرةٍ لِحُدوثِها، أو حتّى بصورةٍ تِذكارِيّةٍ تُخَلِّدُ فَحواها. ويمكن ـ إن توافَر ـ تَصويرُ فيلمٍ قَصيرٍ لتِلكَ اللحظاتِ التي تَبُثُّ فينا روحَ الحَنين.
وتأتي الأيّامُ لِتُعلِمنا بِمُتعةِ التَّواصُل، وبالأمل، وبالحُبّ، وبالبَهجة، وبالعَفو، وبالتَّسامُح، وبالسَّعادة، وبالتَّصحيحِ عندَ الخَطَأ.
فليس الغَنيُّ بِمالِه وذَهَبِه وعَقاراتِه، إنّما الغَنيُّ بِفِكرِه النَّيِّر، وبعَطائاتِه، وبِعِلمِه، وبِوُقوفِه إلى جانِبِ الخَيرِ بِالفِعلِ والقَولِ معًا.
ولَيس الفَقيرَ مَن لا مالَ لَدَيه، إنّما الفَقيرُ هو الّذي ليسَ في حَياتِه أيُّ مَعنىً لِلعَطاء.
ومِن أسبابِ السَّعادةِ أن يكونَ لَدَيكَ عَينٌ تَرى الأجمَل، وقَلبٌ يَغفِرُ الأسوَأ، وعَقلٌ يُفَكِّرُ بالأفضَل، وروحٌ يَملؤُها الأملُ والإخلاصُ والتَّفاؤلُ بِالخَلاص.
فلا تَثِقْ بِذاكرتِك على الإطلاق، واكتُبْ كُلَّ شيءٍ على الوَرَق. فَما كُتِبَ قَرَّ، وما حُفِظَ فَرَّ.
أسألُ الله أن يَهَبَكُم مِن سَحائِبِ مَغفرتِه قَطَراتٍ لا تُبقي لَكُم ذَنبًا، ومِن رِضاهُ وسِترِه نَظَراتٍ لا تَترُكُ لَكُم عَيبًا، ومِن خَزائِنِ رَحمَتِه مَضاتٍ لا تُبقي لَكُم هَمًّا ولا غَمًّا.
ونَختِمُ بِقولٍ يُلَخِّصُ مواطِنَ الطُّمأنينةِ في الحَياة:
صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ
فَقَوِّمِ النَّفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ.
*القاضي م. جمال الحلو*