في خطوة لافتة على صعيد السياسة النقدية، أعلن عبدالقادر حصرية، حاكم مصرف سوريا المركزي، عن إطلاق عملة جديدة تحمل تصميماً يعكس ما وصفه بـ"تطلعات السوريين نحو الاستقرار".

وأكد أنّ هذه الخطوة تأتي ضمن حزمة سياسات تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي.

وكشف حصرية أنّ المصرف المركزي يعتزم حذف صفرين من العملة السورية، معتبراً أن هذا الإجراء سيُسهم في تعزيز ثقة المتعاملين ويسهّل العمليات المالية اليومية، في إطار مسار الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة الجديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد.

الخطوة أثارت نقاشاً واسعاً بين الخبراء والاقتصاديين. فقد اعتبرت الباحثة والمحللة الاقتصادية لانا بادفان أنّ حذف الأصفار من العملة يمثل "خطوة استراتيجية تتجاوز مجرد تبسيط الأرقام"، مشيرة إلى أنّ التضخّم في سوريا بلغ خلال السنوات الماضية مستويات مفرطة وصلت إلى أكثر من 1000% سنوياً. ورأت أنّ هذا الإجراء يمكن أن يكون بمثابة إشارة على بدء الإصلاحات الاقتصادية واستعادة الثقة بالنظام المالي، خاصة بعد 14 عاماً من الحرب.

وأضافت بادفان أنّ الدول القليلة القادرة على طباعة عملات جديدة بمعايير أمان عالية – مثل روسيا وألمانيا والولايات المتحدة – يمكن أن تساهم في ضمان موثوقية الإصدار السوري الجديد.

وأكدت أنّ "التكاليف المبدئية لطباعة أوراق نقدية جديدة ستكون مرتفعة، لكن فوائد تحسين كفاءة النظام المالي وتشجيع الاستثمارات قد تفوق هذه التكاليف".

كما أشارت إلى أنّ تحسين صورة العملة يمكن أن يساهم في استقرار نفسي ومالي، ويُبسّط المعاملات اليومية للأفراد والشركات.

في المقابل، أبدى الخبير الاقتصادي السوري عمار يوسف موقفاً متشائماً، معتبراً أنّ حذف الأصفار "لا يحمل أي فائدة حقيقية"، بل يعبر عن "حالة نفسية فقط".

وقال: "إذا كان الدولار يساوي 10 آلاف ليرة، فبعد الحذف سيعادل 100 ليرة فقط، لكن القدرة الشرائية تبقى نفسها، وبالتالي لا يتغير شيء فعلياً".

وأشار يوسف إلى أنّ الهدف الأساسي قد يكون إزالة رموز النظام السابق من العملة، خصوصاً الفئات القديمة من الألفي ليرة. وذكّر بتجارب دول أخرى مثل تركيا التي حذفت 6 أصفار وفنزويلا التي أزالت 18 صفرًا، دون أن ينعكس ذلك تلقائياً على تحسّن اقتصادي.

وأضاف: "لو بقيت الليرة بقيمتها الحالية أمام العملات الأجنبية حتى حدوث طفرة اقتصادية، لكان بالإمكان استعادة قوتها، أما إزالة الأصفار الآن فهو إجراء غير مجدٍ".