4 ربيع الأول 1447

الموافق

الخميس 28-08-2025

علم و خبر 26

علم و خبر 26

بأقلامهم

بأقلامهم

"الفسادُ السّياسيُّ"!
"الفسادُ السّياسيُّ"!
القاضي م جمال الحلو
2025-08-27

يُعرَّفُ الفسادُ السّياسيُّ، في أوسعِ معانيهِ، بأنَّهُ إساءةُ استعمالِ السُّلطةِ العامَّةِ لتحقيقِ مكاسبَ غيرِ مشروعةٍ وغاياتٍ دنيئةٍ، وغالبًا ما يُمارَسُ في الخفاءِ بعيدًا عن أعينِ الرّقابةِ.

وكلُّ الأنظمةِ الاستبداديَّةِ مُعرَّضةٌ لشَتّى أشكالِ هذا الدّاءِ، غيرَ أنَّ أبرزَها وأشدَّها شُيوعًا: المحسوبيَّةُ، والرِّشوةُ، والابتزازُ، والاحتيالُ، والسَّرقةُ، والسِّمسَراتُ، واستغلالُ النُّفوذِ، والمحاباةُ.

سألَ طفلٌ والدَهُ يومًا: ما معنى الفسادِ السّياسيِّ؟
فقال الأبُ: لن أُخبركَ يا بُنيَّ، لأنَّهُ من الصَّعبِ عليكَ في هذا السّنِّ أن تفهَمَ مَعناهُ. لكن، دعني أُقرِّبُ لكَ الفِكرةَ:

"أنا أُنفِقُ على البيتِ، لذا سنُطلِقُ عليَّ اسمَ الرَّأسماليَّة.
وأمُّكَ تُنظِّمُ شؤونَ البيتِ، لذا سنُطلِقُ عليها اسمَ الحكومة.
وأنتَ تحتَ تصرُّفِها، لذا سنُطلِقُ عليكَ اسمَ الشَّعب.
وأخوكَ الصّغيرُ هو أملُنا القادمُ، لذا سنُطلِقُ عليهِ اسمَ المستقبل.
أمَّا الخادمةُ التي عندَنا فتعيشُ من خيراتِنا، لذا سنُطلِقُ عليها اسمَ القوى الكادحة.

فاذهبْ الآنَ يا بُنيَّ وفكِّرْ بما قلتُهُ لكَ، لعلَّكَ تصلُ إلى نتيجةٍ."

وفي الليلِ لم يستطعِ الطِّفلُ النَّومَ من كثرةِ التَّفكيرِ، فنهضَ قَلِقًا. فسمعَ صوتَ أخيهِ الصَّغيرِ يبكي، فذهبَ إليهِ فوجَدَهُ قد بلَّلَ حفَّاضتَهُ ووسَّخَ نفسَهُ.
فأرادَ أن يُخبِرَ أمَّهُ، فوجَدَها غارقةً في النَّومِ، وحاوَلَ إيقاظَها فلم تستيقِظْ.
لكنَّهُ تعجَّبَ إذ لم يرَ والدَهُ نائمًا بجوارِها! فمضى يبحثُ عنهُ، فإذا بهِ يسمعُ همساتٍ وقهقهاتٍ آتيةً من غرفةِ الخادمةِ. فلمَّا نظرَ من ثُقبِ البابِ، رأى والدَهُ يلهو مع الخادمةِ!

وفي اليومِ التّالي، وقد استوعبَ الطِّفلُ الدَّرسَ المريرَ، قال لوالدِه:
 لقد عرفتُ يا أبي معنى الفسادِ السّياسيِّ.
قال الأبُ مُبتسمًا:
 ما شاءَ اللهُ عليكَ، فماذا عرفتَ عنهُ؟
قال الولدُ:
"عندما تلهو الرَّأسماليَّةُ بالقُوى الكادحةِ، وتغرقُ الحكومةُ في سُباتٍ عميقٍ، ويُهمَلُ الشَّعبُ فيعيشُ قَلِقًا تائهًا، بينما يغدو المستقبلُ غارقًا في القَذارةِ… عندها نكونُ في قلبِ الفسادِ السّياسيِّ، مع ذُروةِ المآسي!"

جنوبيات
أخبار مماثلة
"شيرين أبو عاقلة... الشاهدة والشهيدة" كتاب هيثم زعيتر في الذكرى الأولى للاستشهادوظائف شاغرة في شركة NTCCفاسكوomtla salleقريبا "Favorite"